«كهرباء لبنان» تشتري تأميناً على أسعار الفيول؟

يناقش مجلس الوزراء اليوم اقتراحاً لشراء تأمين على أسعار النفط. الكلفة باهظة وقد تصل إلى ١٥٠ مليون دولار. لكن وزارة الطاقة، كما مؤسسة كهرباء لبنان، يراهنان على ما يمكن أن تؤمنه استراتيجية كهذه من ضبط لمصاريف الفيول، حتى لو ارتفعت أسعار النفط، بعد انتهاء الإقفال العالمي الذي فرضه انتشار فيروس كورونا

انهيار سعر النفط مثّل مناسبة للبحث في كيفية ضبط ميزانية كهرباء لبنان. لذلك، وافق مجلس الوزراء، في ١٩ آذار الماضي، على اقتراح وزارة الطاقة البحث في اتخاذ إجراءات للحد مستقبلياً من تأثير تقلّبات أسعار النفط على مالية كهرباء لبنان.

كان القرار بتأليف لجنة تضم ممثلين عن رئاسة مجلس الوزراء، ووزارة الطاقة، ووزارة المالية، ومصرف لبنان ومؤسسة كهرباء لبنان، تكون مهمتها الحصول على عروض شراء العقود الآجلة للنفط، للفترة الممتدة ما بين ١ تموز ٢٠٢٠ و٣٠ حزيران ٢٠٢١، وفق الكميات المرتقبة لهذه الفترة، والتي تبلغ ٢٦ مليون برميل من النفط الخام كحد أقصى (كافية لإنتاج ١٧٥٠ ميغاواط في المعامل الحرارية). وطلب من اللجنة التواصل مع المؤسسات المالية المختصة لشراء عقود آجلة للنفط (Hedging) عبر مصرف لبنان.
أنهت وزارة الطاقة المهمة، وتعود إلى مجلس الوزراء، اليوم، باقتراح للسير قدماً في استراتيجية تتضمن شراءCall options (أداة مالية للتعويض عندما يتجاوز سعر النفط السعر الأقصى المحدد)، بحيث يدفع المصرف الذي يتم التعاقد معه الفارق بين هذا السعر ومتوسط سعر السوق لخزينة الدولة. الاتفاق، الأشبه ببوليصة تأمين على ارتفاع الأسعار، لا يشمل، بحسب وزير الطاقة ريمون غجر، السعر الأدنى للنفط. والهدف من ذلك السماح لكهرباء لبنان بشراء الفيول بأسعار السوق ووفق الآليات المعتمدة حالياً، طالما أن الأسعار تقلّ عن السعر المحدد.
الانخفاض الكبير في الفاتورة النفطية والتوقعات التي تشير إلى أن الأسعار ستعاود الارتفاع مجدداً، سمحا لوزارة الطاقة بالتفكير في إمكانية وضع استراتيجية للتحوّط من هذا الارتفاع في العام ٢٠٢١. وبالفعل، جرى التواصل مع مصارف عالمية عاملة في مجال النفط، هي: Morgan Stanley, JP Morgan, Goldman Sachs, Citibank، تمهيداً لإعداد ودراسة الخيارات المطروحة. وعليه، فإن وزارة الطاقة ستوصي بأن يطال التأمين تغطية تقلبات سعر النفط خلال الفصل الرابع من العام ٢٠٢٠ ولكامل سنة ٢٠٢١ (لم تؤيّد اللجنة اقتراح التحوّط خلال الفصل الثالث من العام ٢٠٢٠، كما طلبت الحكومة، لأنه يُتوقع أن يبقى معدل الأسعار منخفضاً في هذه المدة).
حتى اليوم لم تحدد تفاصيل العقد. المطلوب بداية أخذ موافقة مجلس الوزراء على المبدأ. بعد ذلك تلجأ اللجنة إلى تفويض مصرف لبنان التواصل مع المصارف الأربعة. ثلاثة عوامل تتحكم في كلفة التأمين (Premium): سعر البوليصة، مدتها، الحد الأقصى لسعر الفيول، وكمية الفيول التي سيتم التأمين عليها. هذه الكلفة ترتفع كلما انخفض السعر الأقصى المتفق عليه (يزداد احتمال تخطّي متوسط الأسعار العالمية السعر الأقصى المحدد، وبالتالي يزداد احتمال أن تدفع شركة التأمين الفارق) وكلما زادت مدة التأمين (لأن التوقعات تصبح أقل دقة). تلك عناصر يفترض أن تعرض على المصارف، ليصار إلى التفاوض معها، تمهيداً لتوقيع العقد مع صاحب السعر الأدنى.
لكن ما هو الحد الأقصى لسعر الفيول الذي تطمح اللجنة إلى تثبيت السعر عليه؟ تشير مصادر في اللجنة إلى أنه عادة ما يرتبط السعر الأقصى بسعر النفط الآجل. سعر برميل “برنت الآجل للفصل الرابع من العام الحالي يبلغ ٣٢ دولاراً، في حين أن السعر المرتقب للفصل الأخير من العام المقبل يبلغ ٣٨.٤ دولاراً للبرميل، انطلاقاً من توقعات بأن تشهد السوق انتعاشاً كبيراً بعد تخطّي أزمة كورونا.

«استراتيجية التحوّط»: نموذج جديد لشراء النفط في لبنان

وعلى هذا الأساس حددت اللجنة سعراً معيارياً يبلغ ٤٠ دولاراً للبرميل (السعر الوسطي للنفط وفق توقّعات المحللين ومعدلات العقود الآجلة) لتبني عليه دراستها الأولية. وبحسب المعطيات التي حصلت عليها من المصارف المعنية ومن مصادر أخرى، يتبين أن اعتماد هذا السعر يمكن أن يخفّض العجز في موازنة كهرباء لبنان إلى ٨٨٨ مليون دولار أميركي (في حال كانت الأسعار تفوق السعر الأقصى طيلة العام)، علماً بأن هذا العجز سينخفض في حال كانت الأسعار أقل. أما كلفة التأمين في هذه الحالة فتقدّر بما بين ١٣٠ و١٥٠ مليون دولار، لن تضاف إلى عجز العام المقبل، لأنها بحسب الخطة ستدفع من المساهمة التي حصلت عليها المؤسسة في موازنة العام الحالي البالغة مليار دولار. فهذا المبلغ، الذي كان يهدد بزيادة التقنين، نظراً إلى تدنيه عن حاجة المؤسسة (بحسب ميزانيتها الموضوعة على أساس سعر ٧١ دولاراً للبرميل) تحول ليفيض عن حاجتها (في حال بقيت الأسعار على انخفاضها حتى نهاية العام) وتسمح لها بالحفاظ على معدل مرتفع للطاقة الإنتاجية.
إذا أقرّ مجلس الوزراء المبدأ، وهو ما يأمله غجر، فإن الخطوة التالية ستكون البدء بدراسة أفضل السبل للحصول على عقد مناسب للواقع اللبناني: كمية الفيول التي يجب التأمين عليها، والسعر الأعلى، والبريميوم الذي يوافق لبنان على دفعه، والمدة الزمنية وتوزيع الدفعات… علماً بأن وزير الطاقة يطلب من مجلس الوزراء الموافقة على أن يكون مصرف لبنان هو الجهة التنفيذية للعقد (التواصل مع المصارف وإعداد الأرضية القانونية…)، بعد أن يحصل على تفويض من وزارة المالية ووزارة الطاقة وكهرباء لبنان.

مصدرإيلي الفرزلي - الأخبار
المادة السابقةخطة الاصلاح المالي.. هل يكون مرورها سَلساً في المجلس؟
المقالة القادمة“فيسبوك” تُحقق أرباحاً بـ4.9 مليار دولار