كهرباء لبنان والمولّدات ومصرف لبنان: الأسوأ لم يأتِ بعد

لا توقّعات بتحسّن الكهرباء. الوقائع تشي بأن الأسوأ لم يأت بعد. حتى الأمل بأن يُساهم الفيول العراقي في تحسّن ملحوظ لمعدّل التغذية بالتيار، بدّده وزير الطاقة بنفسه فور عودته من العراق، معلناً أن لا شيء سيتغيّر إذا لم تقترن هذه الخطوة بفتح اعتماد جديد يسمح باستيراد كميات إضافية. أكثر المُرتجى من الاتفاق مع العراق صار المساعدة في إبعاد شبح العتمة الكاملة، ما لا يعني أكثر من إمكانية تأمين التيار لأربع ساعات يومياً. وهذا ليس بعيداً، عملياً، عن العتمة الشاملة التي يُخشى منها.

ما قاله الوزير ريمون غجر، أكدته مؤسسة كهرباء لبنان في بيان، فحذّرت من الدخول في المحظور إذا لم يُبادر مصرف لبنان إلى تأمين حاجة المؤسسة من الدولارات الطازجة لزوم شراء قطع الغيار وإجراء الصيانات اللازمة لقطاع الإنتاج والنقل والتوزيع.

كل ذلك يعني أن كهرباء لبنان لم تعد سوى مؤسسة مترهلة، يكاد دورها يتلاشى، إذا لم يتخذ قرار حاسم بإنقاذها، وبالتالي إنقاذ كل المقيمين على الأراضي اللبنانية من التداعيات الخطيرة لانقطاع الكهرباء. وهو ما يبدو متعذراً بالنظر إلى أداء مصرف لبنان ورفضه إمداد المؤسسة بحاجتها للدولارات. فالمصرف لم يدفع للمؤسسة سوى 9 ملايين دولار من نحو 300 مليون دولار تحتاج إليها خلال 2021 لصيانة المعامل وتأمين قطع الغيار اللازمة لها، كما لم يفتح خلال سبعة أشهر اعتمادات بأكثر من 200 مليون دولار بدل المحروقات. وأمام هذا الواقع، تحولت المؤسسة إلى «التغذية عند الحاجة».

بالرغم من العجز شبه الكامل للمؤسسة في ظل إقفال مصرف لبنان لحنفية الدولارات، كان تأثير هذا الغياب محدوداً قبل رفع الدعم جزئياً عن المحروقات. فالبديل، أي المولدات الخاصة، كان حاضراً لتعويض الفارق، وإن كان بكلفة أكبر. لكن بدءاً من نهاية شهر حزيران تغيّر كل شيء. لم يعد الأمر محصوراً بارتفاع كبير بسعر كهرباء المولّدات، وصل إلى الضعف (ارتفع سعر الكيلوواط من 1326 ليرة إلى 1975 ليرة، كما زاد الشطر الثابت عشرة آلاف ليرة لمشتركي الخمسة وعشرة أمبير، و15 ألف ليرة لـ 15 أمبير وما يزيد). الأساس كان في الانخفاض الشديد في توزيع كهرباء الدولة. ولذلك، أدى رفع السعر، بالتوازي مع زيادة تشغيل المولّدات، إلى كارثة على صعيد الفواتير، التي وصلت قيمة بعضها إلى مليون ليرة لـ 5 أمبير. هذه الكلفة الضخمة، لم تُعجب أصحاب المولّدات، الذين استنكروا احتساب التسعيرة على أساس سعر 56 ألف ليرة لصفيحة المازوت، فيما هم يشترون الوقود من السوق السوداء، إن توفّر، بأسعار تصل إلى 300 ألف ليرة للصفيحة.

ولذلك، يتضح أن لا بديل من عودة كهرباء لبنان إلى معدل التغذية الذي يصل إلى 10 و12 ساعة يومياً. وهذا يحتاج عملياً إلى زيادة الإنتاج إلى حدود 1800 ميغاواط خلال فصل الصيف وإلى 1500 ميغاواط في الخريف (لم يزد الإنتاج يوم أمس على 778 ميغاواط)، علما بأن المؤسسة سبق أن أكدت استعدادها لرفع الإنتاج إلى ألفي ميغاواط في حال توفّر التسهيلات لتأمين العملة الصعبة.

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةنصر الله: استيراد المحروقات والدواء من إيران… قريباً
المقالة القادمة“هيئة الاستشارات” تُسقط زيادة الأجور بـ”ضربة” إرتفاع كلفتها القاضية