كواليس اجتماعات الخريف.. انطباعٌ غير مشجّع للبنان

وصل الوفد اللبناني إلى العاصمة الأميركيّة واشنطن مساء يوم الأحد الماضي، للمشاركة في اجتماعات الخريف التي ينظمها صندوق النقد والبنك الدولي. واستهلّ الوفد يوم أمس الاثنين اجتماعاته التمهيديّة، في حين تابع نهار اليوم الثلاثاء لقاءاته. وشملت اجتماعات الوفد اللبناني مسؤولين في صندوق النقد والبنك الدولي والصندوق العربي للتنمية، إضافة إلى مجموعة من اللقاءات الجانبيّة الأخرى.

وكما هو معلوم، يشارك الوفد الرسمي في هذه الاجتماعات برئاسة وزير الماليّة ياسين جابر، وعضويّة كل من وزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد. كما يحضر فعاليّات اجتماعات الخريف، فضلاً عن الوفد الرسمي، كل من رئيس لجنة المال والموازنة النيابيّة إبراهيم كنعان ورئيس لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة فريد البستاني، فضلاً عن ممثلين من القطاع الخاص والمجتمع المدني اللبناني.

تأخّر الإصلاحات

ووفق معلومات “المدن”، تلقى المسؤولون اللبنانيون خلال الاجتماعات انطباعات غير مشجّعة من مسؤولي المنظمات الدوليّة، نظراً إلى تباطؤ عجلة الإصلاحات منذ انعقاد اجتماعات الربيع في شهر نيسان الماضي. مع الإشارة إلى أنّ الخطوة الوحيدة التي قام بها لبنان على هذا الصعيد، منذ تلك الاجتماعات، كانت إقرار قانون إصلاح أوضاع المصارف، الذي جاء بعيداً عن شروط صندوق النقد الدولي، وهذا ما يفرض تمرير تشريع آخر لتعديله.

ووفقاً للمصادر نفسها، بدا أنّ هناك تباينات لم تُعالج على مستوى الوفد اللبناني نفسه، خصوصاً على مستوى المقاربات التي ستُعتمد في قانون الفجوة الماليّة، الذي يفترض أن يضع آليّات توزيع خسائر القطاع المصرفي. وحتّى اللحظة، تستمر محاولة ردم الهوّة بين كل من مصرف لبنان ووزارة الماليّة، بخصوص هذا القانون، قبل طرح المسودّة الأولى منه على طاولة مجلس الوزراء. وتجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الماليّة حاولت إنجاز هذه المسودّة قبل أواخر الشهر الماضي؛ أي قبل التوجّه إلى اجتماعات الخريف، إلا أنّ اختلاف وجهات النظر مع مصرف لبنان حال دون ذلك.

في جميع الحالات، ووفق المصادر، أكّدت الاجتماعات ما بيّنته الزيارة الأخيرة لبعثة صندوق النقد الدولي إلى بيروت، بشأن استحالة الوصول إلى اتفاق نهائي مع لبنان قبل نهاية العام، وهذا ما يفرض إرجاء موعد هذا الاتفاق إلى الربع الأوّل من العام المقبل.

أجواء الوفود الغربيّة

وأفادت مصادر مطلعة على نقاشات المسؤولين الأميركيين، بأنّ موقف الإدارة الأميركيّة نفسه لم يُحسم، في شأن ربط المساعدات المخصّصة لإعادة الإعمار بالاتفاق النهائي مع صندوق النقد. إذ أنّ هناك مروحة واسعة من الآراء المتباينة في مراكز القرار المختلفة، وإن كان هناك إجماع على التمسّك بالإطار العام للإصلاحات التي يطلبها الصندوق، بمعزل عن إمكان التوصل إلى الاتفاق النهائي نفسه.

وتُرجع المصادر عدم وجود قرار حاسم بهذا الخصوص إلى مسألتين: الأولى هي الاهتمام التي توليه الإدارة الأميركيّة بمسار نزع سلاح حزب الله والتفاهمات الأمنيّة النهائيّة مع إسرائيل، وهذا ما يعطي هذا الشرط الأولويّة الحاسمة بالنسبة إلى مسألة إعادة الإعمار. والثانية هي حالة الإغلاق الحكومي السائدة حاليّاً في واشنطن، التي أبعدت الجزء الأكبر من الموظفين المتابعين للملفات الماليّة والاقتصاديّة التقنيّة.

في مقابل هذا التوجّه، أظهرت النقاشات أنّ سائر الوفود التي تمثّل سائر العواصم المعنيّة بالشأن اللبناني، خصوصاً باريس، ما زالت تعتبر صندوق النقد المرجعيّة الأساسيّة التي يمكن الاستناد إليها لتقويم التقدّم في تنفيذ الإصلاحات، وهذا ما يفرض ربط مساعدات إعادة الإعمار لاحقاً بالاتفاق النهائي مع الصندوق. وبخلاف موقف الإدارة الأميركيّة، ما زالت باريس تعطي أولويّة أكبر لهذه الإصلاحات، بوصفها شرطاً للمساعدات، مقارنة بملف السلاح.

مصدرالمدن
المادة السابقةحسابات تغلَق وأسئلة تُفتح: ماذا وراء قرارات Whish؟
المقالة القادمةخفة تشريعية في التعامل مع المال العام: التحوّل إلى الطابع الإلكتروني مؤجّل