أدى تفشي «كوفيد – 19» إلى تدني الأجور في العالم في النصف الأول من عام 2020، ومن المتوقّع أن يشكل «ضغطاً شديداً للغاية» على مستويات الأجور على المدى القريب، وفق تقرير نشرته، امس (الأربعاء) «منظمة العمل الدولية»، محذرة من أن عواقب الوباء ستستمر «على المدى البعيد»، وفقا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
ويشهد العالم منذ سبتمبر (أيلول) موجة تفشّ ثانية لجائحة «كوفيد – 19» التي تسببت بأكثر من 1.46 مليون وفاة منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول)، ما دفع دولاً عدة إلى فرض إغلاق تام يُلحِق ضرراً باقتصاداتها.
وكشف تقرير المنظمة حول الأجور في العالم في النصف الأول من العام الحالي، عن «ضغط تنازلي على مستوى أو معدلات نمو متوسطات الأجور في ثلثي الدول»، التي تتوافر بيانات حديثة بشأنها.
وأوضحت المنظمة أنه «في الدول الأخرى، ارتفع متوسط الأجور بشكل مصطنع إلى حد بعيد، عاكساً التسريحات الواسعة النطاق التي طالت العمال من ذوي الأجور المتدنية».
وتابع التقرير: «من المتوقع في مستقبل قريب أن تؤدي عواقب أزمة (كوفيد – 19) على الاقتصاد والوظائف إلى ضغط هائل يدفع في اتجاه تدني الأجور»، داعياً إلى اعتماد «سياسات مناسبة ومتوازنة على صعيد الأجور، يتم وضعها في إطار حوار اجتماعي معمق وشامل لجميع الأطراف بهدف احتواء مفاعيل الأزمة ودعم الانتعاش الاقتصادي».
وأظهر التقرير أن الأزمة لا تنعكس بشكل مماثل على الرجال والنساء، بل تطال عواقبها النساء «بشكل غير متوازن».
ولفت التقرير، استناداً إلى بيانات 28 بلداً أوروبياً، إلى أنه إذا ما حذفت الإعانات لدعم الأجور، فإن مجموع الأجور الإجمالي تراجع بنسبة 6.5 في المائة بين الفصلين الأول والثاني من 2020. تتوزع على 8.1 في المائة للنساء و5.4 في المائة للرجال، مبرراً هذا الفارق بأنه «ناجم بصورة خاصة عن خفض ساعات العمل».
كذلك طالت الأزمة بشكل غير متناسب العمال ذوي الأجور المتدنية، فزادت من التباين في الأجور بحسب «منظمة العمل الدولية». وفي بعض الدول الأوروبية «كان نصف العمال سيخسرون نحو 17.3 في المائة من أجورهم، لولا إعانات الأجور»، فيما تتراجع هذه النسبة إلى 6.5 في المائة بالنسبة لمجمل العمال.
لكن المنظمة لفتت إلى أن إعانات الأجور المؤقتة التي تم إقرارها أو تمديدها للحفاظ على الوظائف «أتاحت للعديد من الدول أن تعوض جزئياً تراجع مجموع الأجور، وتخفف حدة انعكاسات الأزمة على التباين في الأجور».
ورأى التقرير استناداً إلى عينة من عشر دول أوروبية تتوافر بيانات بشأنها، أن إعانات الأجور سمحت بـ«تعويض 40 في المائة من الخسائر على صعيد مجموع الأجور الإجمالي».
كما أفادت المنظمة بأن 90 في المائة من دولها الأعضاء الـ187 تعتمد أنظمة حدّ أدنى للأجور بأشكال شتى، سواء كانت بحكم القانون أو نتيجة مفاوضات لكنها أشارت إلى أن 266 مليون موظف في العالم يتقاضون أجوراً أقل من الحد الأدنى المعتمد لكل ساعة عمل، إما لأنهم لا يحظون بتغطية القانون، وإما بسبب عدم احترام القوانين».
وشدد المدير العام لـ«منظمة العمل الدولية»، غير رايدر، في مؤتمر صحافي، عبر الفيديو، على أن اعتماد حد أدنى للأجور مناسب من شأنه «الحد من الفوارق والفقر، والمساهمة بشكل كبير في انتعاش اقتصادي (محوره الإنسان)».
لكنه لفت إلى أن الحد الأدنى للأجور ينبغي أن «يطال عدداً كافياً من العمال» وأن يتم تحديده بمستوى مناسب مع مراجعته بشكل منتظم للأخذ بتبدلات الأسعار وتطور التضخم.
وتابع أن عواقب الوباء «ستستمر على المدى البعيد، وهناك كثير من التقلبات والغموض بشأن المستقبل»، مشدداً على أن اللقاحات المنتظَرة ليست «دواء للاقتصاد».