«كورونا» يرفع شهية تحول المشروعات التجارية لأسواق افتراضية في السعودية

في الوقت الذي بات معدل الإصابات بفيروس كورونا في التناقص التدريجي في السعودية، بقي أثر اقتصادي، وصفه تجاريون بـ«الحميد»، تجسد في التحول إلى التسوق الافتراضي، مع توجه شرائح واسعة من المستهلكين نحو التعاملات الإلكترونية خلال فترات منع التجول بسبب الجائحة العالمية، بالإضافة إلى تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي.

وتوقع عدد من المختصين في السوق السعودية تزايد الاهتمام بالتسوق الإلكتروني في السوق السعودية، واستمرارها لتغلب الإيجابيات على السلبيات، في ظل التكدس الكبير للمستهلكين في الأسواق التقليدية التي باتت سمة في المتاجر السعودية.

وترى اختصاصية التجارة الإلكترونية، عفاف العسكر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن التوجه الاستهلاكي في السعودية ارتفع بشكل ملحوظ جداً نحو التجارة الإلكترونية بسبب تداعيات «كورونا المستجد» وفرض التجار خدمات لما بعد البيع التي شهدت تطوراً كبيراً، ولا سيما من قبل الشركات التجارية الكبرى في الأسواق السعودية.

من جانبه، قال عبد الله البشري، أحد تجار الملبوسات الرجالية، إن هناك بعض الخسائر التي تعرضوا لها بسبب عدم استعدادهم السابق للسوق الإلكترونية، مضيفاً: «أستطيع التأكيد أن (كورونا) كان لها تأثير كبير على التجارة التقليدية، فبخلاف جائحة كورونا التي غيرت مجرى ثقافة التسوق… كنا تجاراً نلاحظ أن هناك توجهاً متزايداً منذ عام 2019 للتجارة الإلكترونية في السعودية، لكن بحساباتنا لم تكن النسب تتجاوز 10 في المائة».

واعترف البشري بوجود قراءة غير دقيقة لتوجهات السوق من قبل شرائح واسعة من التجار قبل وقوع تأثيرات الجائحة، مستطرداً: «كنا نلاحظ التوجهات نحو التسوق الإلكتروني، وهناك بعض منافسينا بدأوا في إنشاء تطبيقات إلكترونية للبيع، غير أننا كنا نراهن على ميل المتسوقين في السعودية إلى التسوق التقليدي، كونه يشكل جانباً ترفيهياً».

وزاد البشري في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «(كورونا) غيّرت التوجه تماماً، ونلحظ ذلك من قلة إقبال المستهلكين نحو التسوق التقليدي… أتصور أنه يجب علينا تجاراً التعامل مع ذلك كواقع قائم، وتحويل جزء من مبيعاتنا نحو التجارة الإلكترونية لتلبية حاجات المستهلكين».

من ناحيتها، تؤكد العسكر أن المستجدات الجديدة فرضت واقعاً على خدمات ما بعد البيع، موضحة أنها أصبحت الركيزة الأساسية التي تستند عليها التجارة الإلكترونية، كما أن تجربة البيع والشراء عبر الإنترنت سهلت كثيراً على المستهلكين.
ويتزامن هذا التطور مع دراسة أجرتها شركة فيزا الائتمانية العالمية حول السوق السعودية؛ حيث أظهرت توجه متزايد بين المستهلكين نحو المدفوعات الرقمية، مقارنة بالتعاملات النقدية، مشيرة حول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى أن عادات المستهلكين في المملكة تتحول نحو مواقع التسوق الإلكترونية.

وبحسب الدراسة، ثلثا المستهلكين في السعودية اشتروا من المتاجر الإلكترونية للمرة الأولى، مفيدة أن 59 في المائة من العينة قامت بتجربة شراء الأدوية من الصيدليات عبر الإنترنت للمرة الأولى، بيد أن السمة البارز هو استبدال التعاملات النقدية بقنوات الدفع الرقمية.

وأظهرت الدراسة أيضاً أن ظروف «كورونا المستجد» ساهمت في دفع عجلة التجارة الإلكترونية؛ حيث قال 38 في المائة من التجار في المملكة إنهم أطلقوا مواقعهم الإلكترونية نتيجة مباشرة للوباء، في حين أن 57 في المائة من التجار يمتلكون منصات للتجارة الإلكترونية قبل الوباء.

من جهته، يرى الباحث الاجتماعي، عبد الله مرغلاني، أن التوجه نحو التجارة الإلكترونية في السعودية تدخل به جوانب اجتماعية، مبيناً لـ«الشرق الأوسط» أنه يجب الإقرار أولاً أن ثقافة التجارة الإلكترونية نشطت بشكل ملحوظ في السعودية في آخر 5 سنوات، وإن كانت نسبة المعتمدين على التجارة التقليدية هي المتسيّدة حينها. ولفت مرغلاني إلى أن زيادة التوجه نحو التجارة الإلكتروني له مبرر اجتماعي، يتمثل في أن التوجه للأسواق الافتراضية لم يكون طوعياً، بل جاء نتيجة عامل الواقع الذي فرضته جائحة كورونا.

 

مصدرالشرق الأوسط - محمد العايض
المادة السابقةالدولار ضحية مساعي «الفيدرالي» لإنقاذ التضخم
المقالة القادمة100 مليون يورو من «الأوروبي للاستثمار» للمغرب في مواجهة تداعيات الوباء