تصدعت موازنات المصارف الألمانية الكبرى، لا سيما الأنشطة المسؤولة عن إدارة الأصول والثروات، مع إطلالة جائحة (كوفيد 19) على العالم. ومنذ تفشي فيروس كورونا حول العالم أضحت موازنات هذه المصارف في مهب الريح.
من جانبهم، يشير الخبراء في العاصمة برلين إلى أن أزمة كورونا خنقت الخدمات المصرفية الخاصة بصورة مُحكمة تتطلب تغييراً جذرياً في بنيتها التحتية يبدأ بمفتاح التوسع الخارجي. ومع أن مردود هذه الخدمات يبقى الأفضل بين كافة الأنشطة المصرفية إلا أن العائدات وهوامش الأرباح تتراجع بدون توقف وبصورة مثيرة للقلق منذ بداية عام 2020.
تقول الخبيرة المصرفية الألمانية كيرستين تشوك إن الأرباح المتأتية من أنشطة الخدمات المصرفية الخاصة (برايفت بنكينغ) تراجعت بين عامي 2015 و2019. ففي عام 2015 رست هذه الأرباح عند 14.1 مليار يورو وفي عام 2016 عند 12.9 مليار يورو وفي عام 2017 عند 14.7 مليار يورو وفي عام 2018 عند 13.5 مليار يورو وفي عام 2019 عند 13.3 مليار يورو. وفيما يتعلق بعام 2020 فمن المتوقع أن ترسو هذه الأرباح عند ما دون 11.7 مليار يورو.
وتضيف بأن حجم أموال العملاء التي غذت الخدمات المصرفية الخاصة زاد 2.5 في المائة بين عامي 2015 و2019 مقارنة مع زيادة رست عند 5.8 في المائة بين عامي 2004 و2008. وبالنسبة للنصف الأول من هذا العام، فرست هذه الزيادة عند 0.7 في المائة فقط.
وتختم: «لإنقاذ الخدمات المصرفية الخاصة من الهلاك ينبغي على المشغلين العاملين في هذا القطاع، إن كانوا في مصارف ألمانية أم شركات مالية خاصة، القيام بمبادرات استراتيجية أولها التوسع الداخلي. ويتمثل هذا التوسع في عمليات دمج بين المشغلين المصرفيين أو بين مشغلين مصرفيين وشركات التكنولوجيا المالية المتخصصة في هندسة وتشغيل أنظمة تجارية صديقة للبيئة ونماذج تجارية رقمية مختلفة تماماً عن تلك المعمول بها للآن، قادرة على تعزيز حجم الأموال المتداول بها في قطاع الخدمات المصرفية الخاصة بمعدل 2 في المائة سنويا».
في سياق متصل، يقول الخبير الألماني أوليفر ماير إن توسيع الخدمات المصرفية الألمانية الخاصة سيشمل كل من سويسرا ودول القارة الآسيوية، جغرافياً. بذلك، ستكون هوامش الأرباح أعلى في موازاة توطيد تدفق أموال العملاء الأجانب إلى هذا النوع من الخدمات.
ويضيف بأن التوسع المصرفي الألماني نحو الشرق، خصوصاً الصين، حيث تشهد طلبات شراء المنتجات الاستثمارية قفزة نوعية لا تحسب لأزمة فيروس كورونا أي حسبان، خطوة هامة جداً. لذلك، تتحرك الجهات المصرفية الألمانية بسرعة لطرح نموذج مصرفي رقمي تفاعلي، من الجيل الأخير، مهمته الرئيسية تقديم استشارات عن بُعد للعملاء الآسيويين.
ويختم: «منذ بداية عام 2020 لجأت مصارف ألمانيا الكبرى إلى أنشطة الوساطة للتعويض عن تراجع أرباحها. ومع أن عقود الوساطة بين العملاء ومعظم المصارف الألمانية قصيرة الأمد، إلا أنها تمكنت من زيادة حجم الأموال المتداول بها داخل النظام المصرفي الألماني حوالي 4 في المائة منذ بداية العام الحالي. علاوة على ذلك، تخلص عملاء المصارف الألمانية، في النصف الأول من عام 2020. من 3 في المائة من أسهم الشركات الموجودة بحوزتهم لتضحي سيولة مالية لا معنى لها في ظل أسعار الفائدة السلبية. ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول سلوكياتهم الاستثمارية في الشهور القادمة. ويبدو أن الأمر منوط جزئياً برسلمة كل مصرف ألماني على حدا. فالمصارف التي لا تتخطى رسملتها السوقية 10 مليار يورو غير مستعدة لتحسين خدماتها المصرفية الخاصة، لغاية نهاية العام، نظراً لتكاليف التشغيل المرتفعة. في حين دخلت المصارف، التي تتجاوز رسملتها 30 مليار يورو، مرحلة توسيع هذا النوع من الخدمات نظراً للتسهيلات التي تنتظرها».