أدى فيروس كورونا إلى حدوث تغييرات كثيرة في تكلفة المعيشة في مختلف أنحاء العالم، بسبب تغير الأسعار وتغير السلوك الاستهلاكي للسكان في هذه الأوقات الاستثنائية.
ويقول الكاتب ياروسلاف كوستينكو في تقرير نشرته صحيفة “إزفيستيا” الروسية إن مؤسسة إبسوس الكندية لاستطلاعات الرأي ودراسات السوق أجرت مقابلات مع سكان 26 دولة، وقد وجدت أنه في المتوسط لاحظ أكثر من نصف المستجوبين زيادة كبيرة في الإنفاق على الغذاء وباقي السلع والخدمات.
وتقول الصحيفة إن هذه الزيادة في روسيا جاءت أقل من باقي الدول، حيث إن 43% من الروس اعتبروا أن هنالك زيادة في الإنفاق، أما في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة فإن 60% من السكان اشتكوا من هذا الأمر، وفي بلجيكا والأرجنتين وتركيا بلغت النسبة 80%.
وتضيف الصحيفة أن هذه الدراسة -التي أجريت بين 22 مايو/أيار الماضي و5 يوليو/تموز الحالي- شملت 18 ألف مواطن من 26 دولة موزعة في أنحاء العالم، وأيضا في الولايات المتحدة والبرازيل وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والهند وبولونيا، واعتبر 60% من المستجوبين أن هنالك زيادة في النفقات.
أما في الأرجنتين والمكسيك وبلجيكا وتركيا فإن حوالي 80% أكدوا هذه الزيادة، وفي كوريا الجنوبية والسويد واليابان كانت نسبة من لاحظوا زيادة في تكلفة المعيشة تتراوح بين 25 و30% فقط.
ويقول مدير المركز العلمي للتنمية الاجتماعية في روسيا ليوبوف خرابيلينا “إنه في ظل هذه الفترات المالية الصعبة يحاول الناس ترشيد الاستهلاك والتعامل مع النفقات بشكل عقلاني وادخار بعض المال كلما كان ذلك ممكنا، فعلى سبيل المثال فإن الآباء والأمهات بعد أن باتوا الآن قابعين في منازلهم تخلوا عن خدمات المربية أو جليسة الأطفال والدروس الخصوصية، وفي نفس الوقت اختفت تقريبا نفقات التنقل والترفيه، وتوقف الناس عن السفر والرحلات باعتبار أن كل شيء مغلق”.
وتنقل الصحيفة عن الباحث في معهد علم الاجتماع في الأكاديمية الروسية للعلوم فلاديمير موكوميل أن “مشكلة نفقات الغذاء هي أمر متوقع، إذ إن إجراءات الغلق والحجر الصحي تم فرضها بشكل صارم في جهات عدة، واضطر الناس للاعتماد على خدمات توصيل الطعام، أو اللجوء للمتاجر القريبة حتى إن كانت تبيع بأسعار مرتفعة”.
وتشير الصحيفة إلى أن 40% من الروس يربطون -بحسب هذه الدراسة- بين زيادة النفقات والبقاء لوقت طويل في المنزل، وقد ذكر 31% منهم أنهم اضطروا لشراء منتجات غالية الثمن.
وكان 18% منهم متأكدين من أن الإنفاق زاد بسبب شراء منتجات عالية الجودة وبكميات أكبر، كما أن 5% من الميزانية يتم إنفاقها على مشتريات تتعلق بالتعامل مع فيروس كورونا.
وبحسب خرابيلينا، فإن النفقات زادت بسبب العزلة لفترة طويلة، فعلى سبيل المثال بات الناس يستهلكون الماء والكهرباء بشكل أكبر في ظل الحضور الدائم في المنزل، كما سارع كثيرون منهم -بدافع من الخوف من الأزمة- إلى تكديس المنتجات تحسبا للمستقبل.
أما القادرون ماديا على شراء المنتجات غالية الثمن فقد حرصوا على شرائها وتخزينها كنوع من الاستثمار، وخوفا من إمكانية اختفائها من السوق بعد ذلك.
وبحسب هذا الخبير، فإن زيادة الإنفاق لا تعزى فقط إلى تغير السلوك الشرائي للسكان، بل إن الأسعار أيضا ارتفعت.
ويتفق معه فلاديمير موكوميل الذي يقول “لقد شاهدنا كلنا كيف أن تكاليف المعدات الصحية ارتفعت بشكل صاروخي، وقد ظهرت المضاربات والتكهنات بشأن التزود بالأقنعة الطبية والقفازات”.
وتوضح الصحيفة أن هذه الدراسة لم تركز كثيرا على ارتفاع الأسعار التي شهدت زيادة طفيفة مقارنة ببداية العام، بل حاولت فهم سلوكيات الاستهلاك والإنفاق لدى الناس.
وتضيف الصحيفة أن الزيادة في أسعار الغذاء مثلا كانت ضمن مستويات التضخم التي كانت متوقعة، أما تكلفة السكن والتنقل داخل المدن فإنها لم تشهد ارتفاعا.
لكن في المستقبل يعتقد خبراء الاقتصاد أن السلع المستوردة مثل الملابس والأحذية والأجهزة الكهربائية والسيارات سوف تشهد ارتفاعا في أسعارها.
في المقابل، فإن الأغذية والمنتجات الزراعية الموسمية المصنوعة محليا مثل الخضروات والغلال سوف يكون سعرها أرخص.
وتقول الصحيفة إن العالم يمر حاليا بأزمة معقدة، وإذا لم تحدث انتعاشة اقتصادية سريعة وتشارك المؤسسات الصغرى ورجال الأعمال في تحريك عجلة الاقتصاد فإن اقتصاديات بعض الدول لن تكون قادرة على المنافسة.
المصدر : الصحافة الروسية