كيف للعراق الذي “يعرج” من الكهرباء أن “يسند” لبنان “المكرسح”!

إرتفاع الإستهلاك في فصل الصيف والأعمال التخريبية، إلى جانب المشاكل الجوهرية دفعت إلى أزمة كهرباء غير مسبوقة في العراق و”نشوء فئة معارضة ترفض إرسال النفط إلى لبنان على شكل مساعدات”، يقول الخبير في مجال النفط والغاز فادي جواد، فـ”المشاكل الداخلية تؤثر بشدة على القرار العراقي، وهي تضغط باتجاه وقف “سواب” النفط مقابل الطبابة الذي كانت ستتم الصفقة على أساسه. وهذا ما ظهر جلياً في فشل الإجتماع الأخير الذي حصل بين الطرفين قبل أسبوعين وتم الإقرار في نهايته بصعوبة التوصل إلى نتيجة إيجابية في هذا الملف”. وبحسب جواد، فان هناك عاملين أساسيين يؤثران سلباً على المضي قدماً بالمفاوضات: الأول، سياسي ويتعلق بموافقة جميع الأطراف اللبنانية على استيراد النفط العراقي، فيما ترفض الأغلبية عقد صفقات مماثلة مع الإيراني. الثاني، معارضة كارتيلات النفط القوية والشرسة لأي عملية تحد من صلاحياتهم وتقلل من أرباحهم. وهم لن يوفروا طريقة عبر علاقاتهم وصلاتهم الداخلية والخارجية لتفشيل أي عملية استيراد مباشر للنفط من قبل الدولة من أينما جاءت به، لانه سيؤثر سلباً على مصالحهم التعاقدية مع الشركة الجزائرية والكويتية”.

التسليم جدلاً بعدم وجود عراقيل داخلية من الجانب العراقي تعيق تنفيذ الإتفاق، يقابلة محلياً تستر تام على بنود الصفقة والإطار الزمني الموضوع لها. وهذا ما يجعل الحديث عن الموضوع كـ”الضرب في الرمل” طالما لم يتم الإفصاح عن بنود الإتفاقية”، بحسب المديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز “لوغي” ديانا قيسي، فـ”من غير المعروف لغاية الساعة المدة المفروض أن يصل خلالها النفط العراقي، ولا شكله الأخير إن كان نفطاً ثقيلاً أم مكرراً، ولا البدل الذي سيدفعه لبنان عن طريق المقايضة. الأمر الذي يثير القلق من أن تكون الصفقة “إنجازاً آخر يضاف إلى عشرات الإنجازات غير القابلة للتنفيذ “.

وبحسب المعلومات فان الجانب اللبناني رفض عرضاً مصرياً مغرياً لتكرير النفط العراقي بالمقايضة، مفضلاً تصفيته في اليونان مقابل الدفع نقداً بالعملة الصعبة. وبحسب قيسي فان “فكرة تكرير النفط العراقي المخصص للبنان في مصر من الممكن أن تكون قد طرحت في إطار القمة التي جمعت العراق، مصر والأردن في العراق نهاية الشهر الفائت. حيث جرى التطرق فيها إلى مبادلة خدمات الطاقة العراقية مع الطاقة التكريرية والبشرية المصرية، عبر الأردن. فيستفيد العراق من غاز مصر ومن الطاقة التكريرية الهائلة لمصافيها المتطورة، وتستفيد الاخيرة من نفط العراق الخام ومن فتح أسواق العراق امام عمالتها، في حين تكون الأردن هي المعبر والوسيط”. أما لجهة لجوء لبنان إلى اليونان لتصفية النفط العراقي، فان أضرار العملية لا تقتصر على ضرورة الدفع النقدي، برأي قيسي، إنما تتعداها إلى الأخطار الجيوسياسية التي قد تصيب لبنان جراء العلاقة المتوترة بين اليونان من جهة وتركيا من جهة اخرى، وتحول لبنان إلى ساحة تصارع إقليمية”.

في الوقت الذي تتعاظم فيه مصلحة العراق بالتبادل التجاري مع مصر، تبدو مصلحته في مقايضة منتجه الأثمن، مع لبنان هزيلة. خصوصاً في ظل تضاؤل ما يمكن للأخير تقديمه، ومحاولته اللعب على سعر الصرف. فـ”حتى الخدمات الطبية التي كان لبنان قادراً على توفيرها منذ 10 أشهر، تاريخ بدء البحث بالإتفاق لم تعد نفسها اليوم”، بحسب قيسي. في المقابل فان العراق الذي استفاق على أزمات هائلة وحاجات متنامية للتمويل لن يفرّط بالنفط لمساعدة أحد. وهو إن قدم تسهيلات فستكون محدودة زمنياً ومشروطة بما يحقق مصالحه. وبهذا يظهر أن كلاً من لبنان والعراق بحاجة لمن ينتشلهما من أزماتهما، وما مساعدة الأخير إلا كـ”الأعرج الذي يسند مكرسحاً”، فتكون النتيجة وقوعهما معاً.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةصيانة الكهرباء: الخزينة تتحمّل خسائر سعر الصرف؟
المقالة القادمةقراءة في مقاربة المصارف لجهة تطبيق أحكام التعميم 158