إنتقلت كرة نار تمويل الدولة من أموال المودعين من عهدٍ إلى آخر في مصرف لبنان المركزي، وسط اتفاق مسبق وغير معلن بين المرجعيات السياسية على إقرار قانون خاص يسمح للحكومة بالحصول على قرض من الإحتياطي الإلزامي لتمويل احتياجاتها، ما يضع المجلس النيابي في الأيام المقبلة أمام تحدي مخالفة قرار مجلس شورى الدولة الذي أكد عدم شرعية المسّ بالإحتياطي الإلزامي من جهة، وضغط الحكومة من جهةٍ أخرى، ومن دون إغفال احتمال الطعن بأي تشريع قد يقره استجابةً لطلب نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة.
فهل تخالف الحكومة قرار مجلس الشورى ويشرع البرلمان قانوناً غير دستوري؟ عن هذا السؤال يقول الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك ل”ليبانون ديبايت” ، إنه من الثابت أن الأموال الموجودة اليوم في مصرف لبنان المركزي، هي فقط أموال الإحتياطي الإلزامي، ومن أجل ذلك طالب نائب الحاكم الأول وسيم منصوري، تشريع التصرّف بهذا المال عن طريق استصدار قانون أو قرار يصدر عن الحكومة”.
وفي ما خصّ الحكومة، يشير الخبير مالك إلى أن مجلس شورى الدولة، قد فصل بهذا الموضوع، بأن اعتبر أنه لا يحقّ للحكومة، أن تمسّ بالإحتياطي الإلزامي، وبالتالي فإن هذا الأمر بات متعذراً، إن لم نقل مستحيلاً.
أمّا لجهة التشريع في البرلمان، فيوضح مالك، أن هناك أيضاً الكثير من العوائق التي تحول دون صدور قانون يجيز هذا المسّ وهي: أولاً، كون مجلس النواب هو هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية، وبالتالي لا يحقّ له التشريع، وثانياً كون المس بالإحتياطي الإلزامي، يُعتبر مخالفاً للدستور وتحديداً لأحكام الفقرة “واو” من مقدمته، حول الملكية الخاصة، وأحكام المادة 15 منه، ممّا يفيد أن المسّ بالإحتياطي ممنوع شكلاً وأساساً.
أمّا كيف يمكن أن يتدبّر أمره نائب الحاكم الأول؟ هنا يعتبر مالك أن هذا الأمر يعود له، ضمن إطار سياسة نقدية تسليفية، من الممكن أن يعتمدها، مرفق بطلب قوانين ممكن أن تكون إصلاحية، ولكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب المودع أو على حساب الإحتياطي الإلزامي.