اتحفتنا جمعية مصارف لبنان ببيان تدافع فيه عن نفسها وتنفي تواطؤها ومسؤوليتها عن الأزمة المالية الراهنة. وبدأت بيانها بعبارة «من واجبنا مصارحة اللبنانيين»، فاستبشرنا خيراً بأنّ أصحاب المصارف قرّروا اخيراً كشف اوراقهم بشفافية، لنكتشف بعدها انّ البيان ما هو الّا مزيداً من تقاذف المسؤوليات وتحميل الدولة ومصرف لبنان المركزي المسؤولية وتصوير المصارف نفسهما انّها ضحية مثلها مثل المودعين.
ونود توجيه النقاط الآتية لأصحاب المصارف وموظفيهم الكبار:
– اولاً، انّ المصارحة الحقيقية تكون كالآتي:
– كل مصرف عليه ان يعلن: كم كانت قيمة الودائع بذمته في 17 تشرين 2019؟
ما هو القسم من هذه الودائع الذي كان بذمة المصرف ولكنه مودع في المصرف المركزي؟
ما هو سبب وجود هذا القسم من الودائع في المصرف المركزي؟ وهل هناك قانون يسمح بذلك؟ كم أرجع المصرف المركزي منها وفي أي تواريخ؟ كم أعطاه المصرف المركزي فوائد؟ كم تقلّصت الودائع منذ التاريخ المشؤوم حتى اليوم، عن طريق الوسائل الملتوية التي اعتمدتها المصارف خلال هذه الفترة وبمباركة المصرف المركزي؟.
هذه المعلومات يجب ان تتمّ مقارنتها بالحسابات الموجودة في المصرف المركزي للتأكّد من مطابقتها.
– ثانياً، إذا اردتم ان تخففوا غضب الناس عليكم، بادروا حالاً الى إرجاع ما تبقّى لديكم من هذه الودائع لأصحابها بدل الاستمرار في تقليصها.
– ثالثاً، افتحوا دفاتركم واسمحوا بالتحقيق لتحديد المسؤولية بينكم وبين المصرف المركزي، عن القسم الذي ضاع في المصرف المركزي كما تدّعون، وانني متأكّد من انّ الناس لن تطالبكم انتم بالمبالغ التي هدرها «المركزي» والدولة، بل ستطالب «المركزي» والدولة بإرجاع هذا القسم بعد التأكّد من الارقام وتحديد المسؤوليات الحقيقية عن القسم المفقود من الودائع. فكل طرف سيُطالَب بتحمّل مسؤولية ما اضاعه. فلا يتوهمنّ احد انّه سيتمّ السكوت عن أي جزء من هذه الودائع المتبقية او القسم الذي تمّ نهبه.
– رابعاً، عليكم ان تفهموا انّ الاموال ضاعت بينكم وبين المركزي، ولكننا لم نرَ احداً منكم عاجزاً عن دفع قسط مدرسة، او الخضوع للعلاج، بل على العكس نراكم انتم والمسؤولين السابقين عن الاموال، تعيشون في رفاهية وبذخ، من حفلات ضخمة وقصور في الداخل والخارج، وبالتالي وضعكم لا يشابه وضع المودعين، لقد نجحتم بتكبير ثرواتكم والحفاظ عليها.
– خامساً، انّ البلد افتقرت، ولكن الظاهر انكم اغتنيتم على مثال حاكم المصرف المركزي الذي صرّح انّه كان يعمل في شركة «ميريل لينش» براتب كبير، وبعدما تبوأ مركز الحاكم أدار امواله التي جمعها من وظيفته السابقة باحتراف عالٍ وضاعف مراراً ثروته واصبح من الاغنياء الكبار بشطارته، ولكن لسوء الحظ، فَقَدَ هذه القدرات الادارية عند ادارته للمال العام فأفلست البلد. وهذا حصل بالتعاون بينه وبين كثيرين منكم وبعض المسؤولين وغيرهم. وانتم كذلك أيتها المصارف، المطلوب منكم ان تبرهنوا انّ وضعكم يختلف عن مثال الحاكم، ولكن يظهر لنا انكم أدرتم اموالكم بحكمة عالية واغتنيتم، بينما فشلتم في المحافظة على اموال الناس.
تفضّلوا واكشفوا اوراقكم لتبرهنوا اننا على خطأ، لن ينسى الناس التعتير الذي تحمّلوه. لن ينسى الاب الذي فقد جنى عمره، ولن ينسى الطالب الذي فقد فرصة تعليمه في الداخل والخارج، ولن ينسى الابن الذي عجز عن ادخال والديه إلى المستشفى. لذلك ننصح النواب ان لا يقبلوا بإمرار اي قوانين تحمي من تسبب بجريمة العصر، لكي لا يشملهم غضب الناس الذي سيتحول لعنة تلاحق كل متورط حتى أحفاد أحفاده.
ملاحظة تذكيرية: لو كانت الشفافية موجودة في المصرف المركزي لما حصل كل ذلك.