يواجه لبنان تحدّيات معيشية تترافق مع اتساع رقعة الحرب وشمولها عدداً من المناطق اللبنانية. تنطلق تلك التحدّيات من ربطة الخبز ولا تنتهي بالبنزين والأدوية والمواد الغذائية وغيرها.
فأزمة رغيف الخبز مزدوجة في المرحلة الراهنة. ترافق الضغط على شراء الخبز وصعوبة تأمينه لكافة المناطق مع رفع الدعم عن الطحين ما انعكس على الأسعار ارتفاعاً.
ويُعد الخبز عنصراً أساسياً على موائد الفقراء خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية وتأثيراتها على شرائح كبيرة من السكان لاسيما أولئك الذين يتقاضون رواتب لا تتخطى الحد الأدنى للأجور. اليوم، ومع دخول لبنان مرحلة جديدة من الحرب التي تشنها إسرائيل، باتت مسألة تأمين الخبز أكثر من مجرد حاجة، وهو ما يطرح علامات استفهام حقيقية حول قدرة توفير الطحين بالكميات المطلوبة وسط الحرب القائمة.
تهافت على الخبز
دفعت الضربات الإسرائيلية والدخول في السيناريو المجهول، الكثير من اللبنانيين، إلى التهافت على شراء الخبز، خصوصاً وأن لهم تجارب عديدة مع انقطاع هذه السلعة الاستراتيجية، ووقوفهم لساعات في الطوابير أمام الأفران. ويؤكد رئيس اتحاد نقابات الأفران والمخازن ناصر سرور في حديث لـ”المدن” بأن لا داعي للهلع، ولا خوف من انقطاع الطحين في لبنان، رغم ما يحصل من ضربات إسرائيلية ضد مناطق مختلفة. ويضيف: يوجد في لبنان كميات وفيرة من الطحين، تكفي لما يقارب الشهرين، وستقوم المطاحن والأفران بعملها المعتاد لتأمين الخبز إلى اللبنانيين، أضف إلى ذلك، أن هناك شحنات تم الإتفاق عليها، وهي في طريقها للشحن بحراً.
ماذا يعني رفع الدعم؟
ارتفع سعر ربطة الخبز بشكل لافت منذ أن قامت وزارة الاقتصاد برفع الدعم تدريجياً، من 7500 ليرة إلى نحو 60 ألف ليرة، وذلك مع إنفاق القرض المقدّم من البنك الدولي للبنان بالدولار. ارتفعت الأسعار بالتدرج، ما دفع المعنيين في المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد والتجارة إلى عقد لقاءات مع الجهات المعنية من مطاحن وأفران، تحضيراً لمرحلة ما بعد الدعم إن على صعيد الاسعار أو توفر القمح بهدف المحافظة على الإستقرار التمويني في ظل الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد . ويقول مصدر من وزارة الاقتصاد لـ “المدن”: بدّل الهجوم الإسرائيلي على مناطق لبنان الكثير من المعطيات التي وضعها المعنيون في هذا الملف، خصوصاً وأنه تم الاتفاق على استمرار إنتاج الخبز دون انقطاع، وسط الحديث عن وجود ما لا يقل عن 40 ألف طن من القمح، وهي كمية كافية على الأقل لمدة شهر ونصف”. ويحتاج عادة لبنان ما بين 20 إلى 25 ألف طن شهرياً، وبالتالي فإن المواطنين قد لا يشعرون بثقل الأسعار في المستقبل القريب، إلا أن الحرب، بحسب المصدر، تفرض سيناريوهات جديدة، خاصة إن طال أمدها، وتوسعت الضربات التي تشنها إسرائيل على لبنان أو توجهت إسرائيل إلى فرض حصار بحري، ما قد يؤدي إلى انقطاع الشحنات، وحينها سيدخل لبنان في أزمة حقيقية.
ويلخص المصدر، واقع الأسعار على الشكل التالي. ففي السيناريو الإيجابي والذي يقوم على أساس انتهاء الضربات الإسرائيلية، سيكون عندها سعر ربطة الخبز محدداً ما بين 70 إلى 77 ألف ليرة، بحسب المصدر، فقد تم تحديد سعر ربطة الخبز زنة 840 غراماً بنحو 65 ألف ليرة في حال بيعها أو تسليمها من الأفران مباشرة، في حين تقوم الأفران بتسليم الربطة بسعر 62 ألف ليرة، إلى المحال التجارية لبيعها بنحو 70 و72 ألف ليرة، ويتم بيعها للمستهلكين بنحو 77 ألف ليرة.
أما السيناريو الثاني وهو السيناريو الأسوأ، والذي يقوم على أساس توسع الضربات الإسرائيلية ودخول لبنان في حرب شاملة، واحتمال فرض إسرائيل الحصار على لبنان، وتوقف الشحنات البحرية، عندها سيواجه لبنان أزمة، حقيقية، ولن يكون هناك، سقف محدد لسعر ربطة الخبز، وقد يصل السعر إلى حدود 100 ألف ليرة وقد يتجاوز ذلك.
بالمحصلة لا خوف على تأمين الطحين والخبز في شتى المناطق اللبنانية في المرحلة الراهنة وباسعاره الرسمية بصرف النظر عن واقع الحرب وقساوتها، لكن يتوقف استقرار سوق الخبز وأمانه الغذائي على استمرار عملية استيراد الطحين ووصول الشحنات عبر مرفأ بيروت.