لا حل «منطقياً» في الأفق! 10 سنوات لإقفال ملفات قروض الإسكان

طرحت المؤسسة العامة للإسكان أخيراً مقترحاً لمعالجة التراكم الكبير في ملفات القروض السكنية، يقضي بدفع مبلغ مقطوع ثابت تبلغ قيمته 100 مليون ليرة، مقابل الفوائد، وذلك في سبيل الحصول على براءة ذمّة فورية للمقترض من دون الدخول في أيّ حسابات، وبغضّ النظر عن المبالغ المتبقية فعلياً.

وفقاً للمدير العام للمؤسسة المهندس روني لحّود، يهدف هذا الطرح إلى إيجاد آلية لتخفيف الضغط وإنهاء آلاف الملفات العالقة من جهة، وتأمين مدخول إضافي للمؤسسة من جهة أخرى، إلا أنّ الفكرة اصطدمت برفض وزارة المالية.
هذا الاقتراح يضع المواطن الذي سدّد الجزء الأكبر من التزاماته أمام واقع دفع مبلغ إضافي غير ملزم به قانوناً ولا أخلاقياً، خصوصاً أنّ الحد الأقصى للفوائد تبلغ قيمته 62 مليون ليرة لبنانية. وهكذا تتحول الأزمة الإدارية البحتة إلى «تسوية مالية»، ما يفتح الباب أمام أسئلة عن العدالة والشفافية والمعايير.

ويأتي هذا النقاش في سياق أزمة ممتدة داخل المؤسسة. فمنذ عام 2000 وحتى عام 2017، مُنح 85 ألف مواطن قروضاً سكنية، لم يُقفل منها سوى 32 ألف ملف، أي ما نسبته 38% فقط. أما الـ53 ألف ملف المتبقية، فلا تزال «قيد الإنجاز»، نتيجة تراكم تسارَع مع بداية ظهور معالم الأزمة النقدية والمصرفية إلى العلن عام 2019 حين لجأ المواطنون إلى تسديد الأقساط المتبقية للاستفادة من تقلبات سعر الصرف.

يشير لحّود إلى أنّه لا يتجاوز معدّل الإنجاز السنوي 5000 ملف، وهو ما يوازي 9.4% فقط من حجم التراكم الحالي. ووفقاً لهذه الوتيرة، تحتاج المؤسسة إلى أكثر من عشر سنوات لإنهاء الملفات الموجودة اليوم.
جزء أساسي من هذا البطء يعود إلى النقص الكبير في الموارد البشرية. فالمؤسسة تُدار حالياً بواسطة 30 موظفاً فقط، في ظلّ شغور يتجاوز 80% من ملاكها الإداري. هذا الواقع ينعكس مباشرة على قدرة المؤسسة على تنظيم السجلات، تدقيق الملفات، إجراء الحسابات وإصدار براءات الذمّة ضمن المهل المقبولة.

وفي سبيل معالجة الملفات العالقة، يقترح لحّود نقل موظفين من إدارات أخرى لتعزيز القدرات التشغيلية للمؤسسة، إضافة إلى فتح باب التوظيف، بهدف تحقيق توازن بين حجم العمل والقدرات المتاحة. فالضغط المتزايد على المؤسسة منذ بداية الأزمة كشف بوضوح غياب بنى إدارية محدثة، سواء على مستوى الموارد البشرية أو على مستوى الأنظمة التقنية.
في المحصّلة، يعكس النقاش حول الاقتراح المالي صورة أوسع عن واقع إدارة القطاعات العامة في لبنان، في ظل غياب لأي خطة عملية و«منطقية».

مصدرجريدة الأخبار - زينب بزي
المادة السابقة«فائض» في التصريحات: وزير المالية متفاجئ بقيمة الرواتب!
المقالة القادمةرغم المليارات شبكات الصرف الصحي كارثة بيئيّة غير مسبوقة في لبنان