لا يُفوٍت تجار الأزمات فرصة حتى يحاولون استغلالها من أجل تحقيق الأرباح على حساب الناس الذين يعيشون دائماً هاجس خسارة أموالهم بعدما عانوا طوال سني الأزمة من خسائر جمة لحقت بمدخراتهم سيما بعد تدهور سعر صرف الليرة واحتجاز دولاراتهم في المصارف.
وما أن بدأ الحديث عن إمكان انتخاب رئيس للجمهورية حتى راجت شائعات عن احتمال انخفاص سعر الصرف مما دفع الناس إلى التهافت على محلات الصيرفة من أجل بيع دولاراتهم خوفاً من أن يكبدوا المزيد من الخسائر .
وإذا كان الناس دائماً يميلون إلى تصديق الشائعات نتيجة جهل أو خوف وعدم ثقة فالمضاربون يتعمدون عن قصد استغلال اي حدث إيجابي أو سلبي و إطلاق الشائعات من أجل تحقيق أرباح غير شرعية على حساب المواطنين الذين هم دائماً الحلقة الأضعف.
في هذا الإطار يقول الباحث المالي والاقتصادي الدكتور محمود جباعي في حديث للديار: بالرغم من ان لبنان قد دخل في مرحلة ايجابية مع انتخاب الرئيس العماد جوزيف عون، إلا ان هذا الأمر كما أشرنا تكراراً و مرارا لا يؤثر في الوضع والاستقرار النقدي ، لافتاً أن سعر صرف الدولار اليوم لم يعد مرتبطا بالمؤشرات السياسية بل أصبح مرتبطاً بعملية نقدية مالية هي عبارة عن تماه بين السياسة النقدية لمصرف لبنان والسياسة المالية لوزارة المال” وهذا ما شرحناه تكراراً و مراراً ” .
بناء عليه يؤكد جباعي أن الدولار مستقر وسيحافظ على استقراره وكل من يوهم الناس بانخفاض سعر الصرف لا يقول الحقيقة، والناس اليوم معنية بالحفاظ على دولاراتها موضحاً أن العملية الاستقرارية تسير وفق طبيعتها لان موازنة وزارة المال هي بحسب سعر الصرف على 89500 ليرة، كما ان المصرف المركزي يتعاطى مع هذا السعر وفق التعميم 167 الذي أصدره حاكم مصرف لبنان الدكتور وسيم منصوري مع المجلس المركزي حيث اكد ان سعر الدولار هو 89500 ليرة. وبالتالي لا يتوقع جباعي ارتفاع سعر الصرف ولا انخفاضه مشدداً على أن المطلوب من الحكومة المقبلة الحفاظ على استقرار هذا السعر بعد مرور حوالى السنتين على هذا الاستقرار، سيما ان الاسواق اعتادته وبالتالي لا داعي للمغامرة والمخاطرة ومحاولة تخفيضه لهدف معنوي.
ويسأل جباعي ما الذي يمكن ان يؤدي إلى انخفاض أو ارتفاع سعر الصرف ما دام المصرف المركزي هو المتحكم الاساسي بسعر الصرف عبر (many management) الذي يدير به الكتلة النقدية بالليرة والدولار، مؤكداً أنه ليس بامكان احد من المضاربين ان يخفض هذا السعر أو يرفعه لأن المتحكم بالسعر هو المصرف المركزي ،”وكنا قد حذرنا الناس الا يقعوا في خديعة المضاربين بعد ان وقع البعض في السابق في هذه الخدع وخسر امواله”.
وإذ توقع جباعي ان سعر الصرف ثابت على السعر الحالي في المرحلة المقبلة سيما أن المصرف المركزي يعتمد هذه السياسة الممنهجة بالاتفاق مع وزير المال، أكد أن لا صحة للانباء التي تقول ان الدولار سينخفض الى ال50 او 60 الفا معتبراً أن هذا امر غير صحيح ومضلل من قبل بعض الصرافين المضاربين الذين يلعبون بأعصاب الناس للاستفادة من دولاراتهم.
والسؤال الأبرز الذي يطرحه جباعي على هؤلاء الناس لماذا يشتري الصراف منهم تلك الدولارات ما دام يعرف ان سعرها سينخفض؟ موضحاً أن الصراف يبغي تحقيق الربح على حساب المواطنين نافياً نفياً قاطعاً هذه الشائعات.
وتمنى جباعي للعهد المزيد من النجاح في المرحلة المقبلة بعد القيام بإصلاحات استراتيجية في الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي، وبعدها يمكن الحديث عن امكان لتخفيض سعر الصرف ، “اما اليوم فلا امكان لذلك على الاطلاق والدولار مستقر وسيحافظ على استقراره”.
والأهم وفقاً لجباعي أن امام الحكومة المقبلة عدة استحقاقات اساسية، وهي بحاجة الى سعر صرف مستقر. والافضل لها ان تعتمد سعر الدولار الحالي إذ ستعتمده الحكومة والمصرف المركزي في كل قراءاتها وارقامها سواء في خطة الودائع او الرواتب “فلنعتمد هذا السعر كمقياس 89,500 ليرة الذي أثبت نجاحه على مدى سنتين تقريباً وتقبلته الأسواق المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية فلنعتمد هذا السعر في كل مقارباتنا في مواضيع الودائع والرواتب و الأجور والسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية حتى نستطيع ان نبني عليه للمرحلة المقبلة نجاحا ماليا واقتصادياً “.
وأكد جباعي في الختام على أن كل ما يُحكى عن تخفيض سعر الصرف هو غير صحيح فنحن بحاجة إلى فترة طويلة للكلام على تخفيض سعر الصرف، فلم يعد المؤشر السياسي ولا المؤشر المعنوي يتحكمان بالسعر وإذا كان سعر صرف الدولار سينخفض فيجب أن يكون هناك اإصلاحات حقيقية مالية ونقدية تساهم في انخفاضه.