حَمَلَ الاجتماع الثلاثي الذي شهدته العاصمة الأردنية، عمّان، يوم الأربعاء 6 تشرين الأول، تأكيدات على التزام الأردن وسوريا بجزئهما المتعلّق بتأمين استجرار الكهرباء وصولاً إلى لبنان. غير أن تنفيذ الاتفاقية يتوقّف عند عقبات تقنية جرى بحثها خلال اجتماع تقني عقد يوم أمس في الأردن، تمهيداً لاجتماع الوزراء. ورغم الإعلان عن الإيجابيات والاستعدادات لمعالجة الجوانب التقنية، فإن الكهرباء لن تصل سريعاً إلى لبنان، ما يُبقي الحاجة إلى الفيول قائمة. وإلى حين تأمين ما يلزم، لا مفرّ من التقنين الذي يصل حد الانقطاع الشامل في معظم المناطق اللبنانية.
لا مشكلة من الجانب الأردني، وإنما الشبكة السورية متضرّرة. وهذا ما يعيق تنفيذ الاتفاق. وقد أوضحت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، هالة زواتي، أن الاجتماع الثلاثي بحث “تأهيل البنية التحتية على الجانب السوري، وكذلك جاهزية الأطراف الثلاثة بالاتفاقيات اللازمة لتزويد الكهرباء للبنان”. وزير الكهرباء السوري، غسان الزامل، حدّد مهلة زمنية لـ”إتمام الدراسات الفنية اللازمة والخاصة بالربط التزامني بين الشبكتين السورية والأردنية”. فبالنسبة إليه، إنهاء تأهيل خط الربط “يحتاج إلى ثلاثة أشهر”. فالخط الذي يربط الأردن بسوريا، “تعرّض لهجمات إرهابية في وقت سابق وجرى تدميره”. أما كلفة إعادة التأهيل، فتتجاوز 3.5 مليون دولار.
العرقلة التي قد تحصل هي “تأخير إنهاء الصيانة من الجانب السوري. إذ ليس من المؤكّد إنهاء الصيانة خلال 3 أشهر. كما أن وزير الكهرباء السوري كان قد أعلن في وقت سابق أن الصيانة قد تحتاج 4 أشهر، ما يشي بعدم إنجاز الملف في وقت محدد. وفي ظل أزمة الكهرباء اللبنانية، فإن التأخير لشهر واحد يعني المزيد من العتمة. ولبنان لا يملك ترف الوقت”.
تزوُّد لبنان بالكهرباء الأردنية يترافق مع استجرار الغاز المصري عبر الأردن فسوريا، وصولاً إلى معمل دير عمار الذي ينتج الكهرباء عبر الغاز. وجرّ الغاز المصري هو المحور الثاني من خطة تأمين جزء من حاجة لبنان للكهرباء. وإن كان هذا الجانب منفصلاً تقنياً عن القسم المتعلّق بالكهرباء الأردنية، إلا أنه مرتبط به من ناحية ضمان سلامة خط الغاز العربي، خصوصاً داخل سوريا، فضلاً عن ارتباطه بالتمويل. فمن أين سيأتي لبنان بالتمويل اللازم لدفع ثمن الغاز والكهرباء؟
الأنظار تتّجه نحو البنك الدولي، وهو ما لم يخفه وزير الطاقة السابق ريمون غجر، والحالي وليد فياض، الذي أشار من الأردن إلى أن الخطوات المقبلة “ستتركّز على موضوع التمكين التمويلي للاتفاقيات من خلال البنك الدولي”. وسط ما يجري، “لا يُسمَع صوت مؤسسة كهرباء لبنان، وتحديداً صوت مديرها العام ورئيس مجلس إدارتها كمال حايك، الذي يُفترض به البحث عن مصادر تمويل شراء الفيول، وليس وزارة الطاقة أو المالية أو الحكومة ككل”. وغياب المؤسسة يأتي بفعل السكوت المتعمّد من قِبَل حايك، الذي يفضّل “ترك الأمور لوزارة الطاقة مقابل البقاء في منصبه كمدير عام ورئيس مجلس الإدارة. كما أن وزراء الطاقة المتعاقبين، يمثّلون امتداداً لشخص واحد هو الوزير السابق جبران باسيل، الذي اختصر مؤسسة الكهرباء بوزارة الطاقة، ووافق على استمرار تحميل خزينة الدولة عبء كلفة الفيول، فيما هي في الأصل مسؤولية المؤسسة، وأي سلفة تُقَر، يجب على المؤسسة إعادتها، وهو ما لا يحصل”.