في خضم التأزُّم الاقتصادي الذي ينعكس حكماً على الأوضاع الاقتصادية المتردية، حذر خبراء اقتصاديون من أن عدم تشكيل الحكومة سيؤدي إلى زيادة الضغوط على الوضع الاقتصادي، لناحية زيادة نسبة الفقر والبطالة وانتشار الفوضى الاجتماعية، فشحُّ الدولار سيؤدي حتماً إلى رفع الدعوم عن سلع غذائية أساسية وعائلات كثيرة لن تستطيع تأمين قوتها اليومي، ما يضع البلاد في قلب مجاعة قاتلة.
الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة حذَّر في حديث خاص لـ القبس من كارثة اقتصادية عندما يأتي وقت رفع الدعم عن المحروقات والطحين والدواء لنبلغ الدرك الأسفل من جهنم. وهو ما أكده الرئيس عون عرضياً في مؤتمره الإثنين، عندما سئل عن رأيه حول موضوع نفاد احتياطي مصرف لبنان بعد شهرين، ليرد «بيكونوا خلصوا المصاريات».
يتخوف عجاقة من تداعيات المراوحة الحكومية على يوميات المواطن، ويشدد على أن عدم إيجاد مخرج للأزمة السياسية سيؤدي إلى مشكلة اجتماعية خطيرة وإلى فوضى امنية. فعدم تشكيل حكومة او حتى لو استطاعت الأطراف السياسية تشكيل حكومة غير قادرة على تحقيق الإصلاحات، فالنتيجة واحدة: لا دولار واحداً سيدخل الى لبنان، لا من الولايات المتحدة ولا من أوروبا ولا من دول الخليج، فهذه الدول تربط فتح أبواب المساعدات باتفاق الحكومة اللبنانيية على برنامج مع صندوق النقد الدولي.
وتابع عجاقة: «من دون أموال صندوق النقد الدولي، لبنان ذاهب حتما الى رفع الدعم. لأن مصرف لبنان لم يعد باستطاعته تأمين دولارات على سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة لبنانية او حتى على سعر الـ3900 ليرة. فالمواد الأساسية كالمحروقات والقمح والأدوية تستورد على سعر 1515، في حين يتم دعم السلة الغذائية (300 سلعة) على 3900.
ووفق عجاقة الموعد المفترض لإلغاء الدعم يتزامن مع موعد الانتخابات الأميركية. ويضيف الخبير الاقتصادي: رفع الدعم يعني تلقائيا رفع الأسعار 4 أو 5 مرات اكثر لتوازي سعر الدولار في السوق السوداء. يعني ذلك ان عددا كبيرا من اللبنانيين لن يكون بمقدورهم شراء المواد الغذائية والسلع الأساسية، أولا بسبب رفع الدعم عنها قريباً، وثانيا بسبب ارتفاع سعر الدولار الذي سينعكس مباشرة على أسعار السلع. هذا الامر سيزيد الفقراء فقرا، كما أن عددا كبيرا من العائلات لن يمكنها ان تكفي نفسها.
ويرى عجاقة أنه من البديهي ان يتسبب الفقر والبطالة والجوع في ازدياد السرقات واعمال السلب، وشهدنا خلال الأيام الماضية في وضح النهار سرقة صيدليات وسواها. المعادلة معروفة في هذه مثل هذه الاحوال «عندما يدب الجوع بين الناس، فإنهم يخرجون عن السيطرة». اليوم يتم تنظيم الفوضى عبر التجييش الطائفي. أما فوضى الجوع والاقتتال على لقمة العيش، فيصعب تنظيمها.
واعلن عجاقة خشيته من أن يصبح لبنان على شاكلة البرازيل من هذه الناحية، أي انه لا يصبح المواطن قادراً على الخروج من منزله بعد السادسة مساء خوفا من العصابات، خصوصاً في ضواحي واحزمة الفقر.
الحلول ليست معدومة هل الحلول معدومة لتجنب مثل هذا السيناريو؟ يقول الخبير الاقتصادي: ان هناك حلولا داخلية ليست مثالية وانما قادرة على تأمين بعض الأساسيات. هاجس اللبناني هو عدم وصوله الى مرحلة لا يستطيع فيها توفير طعامه.
في هذا الاطار يقترح عجاقة على الدولة تشجيع الزراعة وتسهيل الصناعة وتحديدا الغذائية، ويقترح مثلا تكليف الجيش زراعة الأراضي الجرداء.
ويذكر عجاقة أن لبنان كان يسمى قديما «مزرعة أوروبا» المزرعة التي توفر الغذاء والطعام. اما الحلول الخارجية المتوجهة انظارنا صوبها، يختم الخبير الاقتصادي كلامه لـ القبس، فهي حلول سياسية مرتبطة بالصراع الإيراني – الأميركي. حل خارجي يؤمن ضخ الدولارات هو حل سياسي نحن لسنا مؤهلين له.