لبنان مائت سريريًا… ولا من يبالي!

من غير المنطقي أن تكون صحة البلاد على ما هي عليه من دون أن نجد أحدًا من المسؤولين يبالي أو يهتمّ، وكأن ما تعاني منه لا يعني أحدًا، بل أكثر من ذلك نرى بعضًا منهم يتلهون بأمور أخرى لا علاقة لها بالمعالجات المفترض أن تنصّب على هدف واحد ألا وهو التخفيف من حمى الحرارة، التي تنذر بمضاعفات خطيرة، إذا بقيت على حالها ولم تنفع معها المضادات الحيوية العادية، إذ يُفترض إستدعاء أكثر من طبيب لتحديد الداء قبل وصف الدواء المتطابق مع حالتها.

ولذلك، وفي رأي بعض القوى التي تقف في صفوف المعارضة، فإن معالجة ما يعاني منه لبنان غير صعبة إذا كانت هناك إرادة لإنقاذه من الإنهيار الحتمي، خصوصًا إذا صبت الجهود على هدف واحد، من دون اللجوء إلى اساليب إلهائية، من خلال إثارة بعض القضايا الجانبية، التي من شأن طرحها في التوقيت الخطأ أن تفتح معارك في غير آوانها، وأن تستجرّ ردات فعل طبيعية في هكذا أوضاع تعيشها البلاد، وهذا ما حصل بالفعل عندما فُتحت الجدلية العقيمة حول المادة  80 من الموازنة العامة، وقد استتبعت برسالة رئاسية إلى مجلس االنواب حول تفسير المادة 95 من الدستور، وقد تلقف الرئيس نبيه بري كرة النار هذه، التي كان من الممكن أن تحرق الأخضر واليابس، لو لم يضعها في ثلاجة الإنتظار، ريثما تهدأ النفوس وتبرد الأعصاب المتشنجة. “فكل شيء في آوانه حلو”.

وفي رأي بعض الذين لا يزالون متمسكين بـ “الطائف” كنص دستوري وحيد لتنظيم الخلافات الداخلية، فإن اللجوء إلى اسلوب الإلهاء الذي يُعتمد في كل مرّة تكون فيها البلاد في حال حرجة وصعبة وخطيرة، وهذا الأمر يُعتبر قمة في عدم تحمّل المسؤولية وممارسة سياسة الهروب إلى الامام بدلًا من المواجهة، وهذا الامر يتأرجح في النسب بين الربح والخسارة، وإن كان الترجيح الثاني هو الأقرب من المعاناة والواقع اللبناني بكل تفاصيله وحيثياته.

وإذا كان الإعتماد على الخارج هو السائد لمعالجة ما في الجسم اللبناني من أمراض وعلل، فإن هذا الخارج يقول لجميع الذين هم في الداخل: ساعدوا أنفسكم قبل أن تطلبوا مساعدة الآخرين.

فكيف يُعقل أن يساعد هذا الخارج لبنان، الذي لم تجتمع حكومته منذ أكثر من شهر، أقله للنظر في ما يمكن إنجازه من إصلاحات، لا تزال ورقية، لتحفيز مشاريع “سيدر”، والإيحاء للخارج بأن الحكومة جادّة وجدّية في إتمام مستلزمات الإصلاحات الضرورية، التي من شأنها أن تطمئن المجتمع الدولي بأن حكومة “إلى العمل” ستشمّر عن زنودها وتنزل إلى ساحة العمل الحقيقي والفعلي، بعيدًا عن المزايدات والغوغائية، لأن ما نسمعه من حين إلى آخر من أجواء غير مطمئنة تأتي من الدول الغربية التي رعت مؤتمر “سيدر” بأن صبرهم لن يطول، وأن المخصصات المرصودة للبنان ستتحول إلى عدد من الدول في شمال أفريقيا، حيث الحكومات فيها أكثر جدّية من حكومة لبنان، وهذا الأمر لا يطمئن كثيرًا ولا يسمح للحكومة أن تبقى تتأرجح بين اللامعلقة واللامطلقة، وبالتالي فإن مكوناتها الأساسية مطالبة بوقف “الدلع” السياسي، ووضع كل الخلافات جانبًا، وإنقاذ المريض قبل فوات الآوان.

بواسطةاندريه قصاص
مصدرlebanon24
المادة السابقةيوسف سلامة: هكذا يكون التقشف أيها المسؤولون
المقالة القادمةالعلماء يكتشفون الخديعة الكبرى للخلايا السرطانية