لبنان والعراق يسعيان إلى توطيد شراكاتهما في قطاع الصناعة

طرحت قضية التكامل الاقتصادي بين لبنان والعراق نفسها بقوة على طاولة تعزيز العلاقات، وخاصة في ما يتعلق بتطوير مجالات التعاون الصناعي، والتي باتت أحد محاور طموحات البلدين للخروج من الأزمات الاقتصادية التي يعانيان منها منذ سنوات. وشكل تأكيد وزير الصناعة اللبناني جورج بوشكيان خلال اجتماع مع نظيره العراقي منهل عزيز الخباز على أن الطرفين بصدد بحث تحديد آليات توطيد العلاقات الصناعية بينهما بعد توقيعهما مذكرة تعاون صناعي في يناير الماضي دليلا على هذه الرغبة.

ويتسلح المسؤولون اللبنانيون بقناعات راسخة بأن بلدهم يعد من بين الشركاء الاقتصاديين للعراق في هذه الفترة بالذات، وبالتالي يجب العمل بأقصى الطاقات من أجل زيادة حجم التجارة البينية بين البلدين ورفع معدلات الاستثمار. ويحاول لبنان، الذي يمر بأزمة مالية خانقة منذ أواخر 2019 تتويج تحركاته الاقتصادية التي تبدو نادرة جراء تراكم المشكلات الداخلية، باتجاه العراق عبر تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية والتجارية الواعدة.

وأوضح بوشكيان خلال مؤتمر صحافي الاثنين الماضي أن هذه الآليات تتناول إرساء مفهوم الصناعات التكاملية والتبادلية والتدريب وتبادل الخبرات وفتح آفاق الشراكة بين رجال الأعمال في كلا البلدين.

ونسبت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إلى بوشكيان قوله إن “التصميم على النجاح والتقدم لدى الطرفين، كما لدينا مباركة السلطات السياسية في كل من لبنان والعراق على الذهاب قدما في العلاقات إلى الأمام من دون حواجز”. وكان العراق قد أبلغ لبنان في وقت سابق هذا العام أنه قرر منح اللبنانيين الراغبين في زيارة البلاد تأشيرة دخول متعددة لمدة 6 أشهر في إجراء جديد لتعزيز العلاقات، وهنا مباحثات متقدمة من أجل إلغائها مما يسمح للمستثمرين بالتحرك بحرية أكبر مستقبلا.

ومن المتوقع أن يقود رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وفدا رفيع المستور لزيارة بغداد لتفعيل العديد من الاتفاقيات ودعمها بشراكات جديدة مع ووضعها في الأطر الصحيحة لتحيق أقصى استفادة للبلدين. وتحاول بيروت إنقاذ قطاع الصناعة المنكمش بفعل الضائقة المالية بعد سنوات من التهميش واللامبالاة، بالتعاون مع منظمات دولية ضمن مساعيها لتخفيف الأزمات المتراكمة التي يعاني منها الاقتصاد الهش. ولكن خطوة الاتجاه إلى العراق تأتي في سياق ما يقول محللون إنه محاولة للهرب من المشكلات الأخيرة التي برزت على السطح مع دول الخليج التي لم تعد تحبذ الدخول السوق اللبنانية بالنظر إلى سيطرة إيران على كل مظاهر الحياة السياسة والاقتصادية هناك من خلال ذراعها حزب الله.

ويبدو الأمر مشابها للعراقيين، إذ تسعى الصناعة في ثاني منتج للنفط في منظمة أوبك لتعزيز حضورها في السوق المحلية، عبر تفكيك العقبات التي تكبل المنافسة وتقادم المصانع والمعامل نتيجة الحروب، حيث تحاول الحكومة تشجيع الإنتاج المحلي لتنمية الصادرات وبالتالي تعزيز الإيرادات. وتدهورت الصناعة العراقية بعد الغزو الأميركي في عام 2003 نتيجة الحرب والعمليات الإرهابية والفساد وغياب الخطط العملية للنهوض بواقع هذه الصناعة التي كانت تنافس مثيلاتها في منطقة الشرق الأوسط.

وشدد الخباز على أن بلاده متمسكة بإقامة أفضل العلاقات مع لبنان، مشيرا إلى أن التوجه على الاستفادة المتبادلة مما لدى كل طرف من قيمة مضافة في إطار التعاون المشترك. وقال “إننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو تنفيذ أولى خطوات مذكرة التعاون التي وقعناها في بغداد قبل شهرين تقريبا”.

وفي تصريحات بعد لقاءين منفصلين مع رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة ميقاتي. وقال الخباز حول الصناعات التي يحتاجها بلده من لبنان إن “على رأسها الصناعات الدوائية الجيدة التي يتميز بها لبنان، كما الصناعات الغذائية”. وكان الوزير العراقي قد اجتمع مع وفد الهيئات الاقتصادية اللبنانية وتم الاتفاق على إقامة شراكات عمل بين رجال الأعمال في البلدين للاستثمار في الفرص المجدية في العراق عبر المناطق الاقتصادية وبشكل أساسي في المنطقة الاقتصادية الحرة بين العراق والأردن.

كما تم الاتفاق على العمل على تسهيل نشاط رجال الأعمال اللبنانيين في العراق الحوافز والتسهيلات المناسبة، إضافة إلى تشجيع استخدام الطاقة المتجددة والصناعة الخضراء والتركيز على الاستثمار في الصناعات الغذائية لمواجهة تحديات الأمن الغذائي. وفعليا هناك دعم يقدمه العراق للبنان، فقد وافقت بغداد في فبراير من العام الماضي على صفقة لتصدير نصف مليون طن من الوقود إلى لبنان سنويا. وتعد الطاقة من أكبر هواجس اللبنانيين بسبب كلفة الاستيراد المرتفعة وتعطل محطات الكهرباء عن الإنتاج، وأثرها على عجز الميزان التجاري وارتفاع أسعار السلع الأساسية في السوق المحلية.