لبنان يتجه لرفع حصته في صندوق النقد وفرص تكبير قروض الصندوق مُتاحة؟

وافقت لجنة المال والموازنة مبدئياً كما أعلن النائب ابراهيم كنعان أمس على زيادة اكتتاب لبنان في صندوق النقد الدولي، مع الطلب من وزير المال “تزويدنا بإمكانية لبنان على الزيادة التي تبلغ 423 مليون دولار، حتى لا تكون فوق قدرتنا”. فهل لبنان قادر على توفير العائدات لتحقيق تلك الزيادة البالغة نسبتها 50 %، وما هي الفائدة التي ستعود على لبنان في حال أقرّ مجلس النواب تلك الزيادة؟ هل سترتفع قيمة القروض التي سيمنحها صندوق النقد إلى لبنان؟

اعتبر النائب ابراهيم كنعان في تصريح له بعد اجتماع لجنة المال والموازنة أمس، أن “اللجنة ترغب في زيادة حصّة لبنان لأنها تفيدنا على مستوى الاقتراض والمساعدات التي ستأتي للبنان من صندوق النقد، لا سيّما أن المبلغ غير مخصّص للإنفاق على أي باب من أبواب الصرف، بل هو بمثابة “قجة للبنان” لدى صندوق النقد”.

وأضاف أنه “بخلاصة النقاش بين الزملاء النواب الذين وافقوا أو اعترضوا، توافقوا جميعاً في النهاية على الطلب من وزارة المال تحضير صياغة واضحة لتمويل الاكتتاب وآلية الدفع تحت سقف إمكانية لبنان. فإذا كانت إمكانية الخزينة 100 مليون دولار، فلتكن الزيادة بـ 100 مليون، وإذا كانت أكثر، وفقاً لما ستعرضه وزارة المال، فليكن الاكتتاب بنسبة أكبر. وبالتالي، وافقنا على الزيادة، ولكن يفترض أن يرسل وزير المال إلى الهيئة العامة قبل الجلسة التي ستبتّ بالموضوع التفاصيل المذكورة ليبنى على الشيء مقتضاه. ونعتبر موافقتنا رسالة إيجابية للعلاقة مع صندوق النقد ولكننا بحاجة لمعرفة إمكاناتنا وألا تلتزم الدولة بما لا قدرة لها عليه وهذه مسؤولية الحكومة”.

بداية مشروع الزيادة

وتعليقاً على ذلك، قالت النائبة غادة أيّوب “إن زيادة مساهمة لبنان بصندوق النقد الدولي يعود إلى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة التي قررت في 7/11/2024 زيادة مساهمة لبنان في صندوق النقد الدولي، تزامناً مع زيادة مساهمة كل الدول فيه بنسبة 50 %. هذه الموافقة من الحكومة السابقة ترتّبت مناقشتها في مجلس النواب. اليوم وفي الجلسة الثالثة للجان تمّت الموافقة المبدئية على تلك الزيادة وإحالتها إلى هيئة مجلس النواب للقبول بفتح اعتماد إضافي لتغطيتها. وكان وصل مرسوم زيادة مساهمة لبنان بصندوق النقد إلى لجنة المال والموازنة وتضمّن بالخطأ بنداً بفتح اعتماد إضافي لتغطية تلك الزيادة في المساهمة بقيمة 423 مليون دولار وهي حصة لبنان لزيادة مساهمته في صندوق النقد الدولي”.

واستناداً إلى مشروع القانون الذي حصلت “نداء الوطن” على نسخة منه “تزيد حصّة لبنان بقيمة 316,75 مليون وحدة حقوق سحب خاصة فيصبح مجموع قيمة حصصها 950,25 مليون وحدة حقوق سحب خاصة بعد الموافقة على تلك الزيادة والتي حدّدت بموجب قرار مجلس محافظي صندوق النقد الدولي المتّخذ خلال المراجعة السادسة عشرة لزيادة حصص الدول الأعضاء في الصندوق رقم 79-1 تاريخ 25/12/2023 القاضي بزيادة حصص Quota الدول الأعضاء بنسبة 50 % ما يجعل مجموع الحصص 715,7 مليار وحدة حقوق سحب خاصة”.

وكما جاء في مشروع القانون أجيز لوزير المالية أن يسدّد:

“نسبة 25 % من قيمة الزيادة بحقوق السحب الخاصة SDR أو بإحدى عملات الدول الأعضاء التي يعينها الصندوق والتي تحتسب على أساسها وحدة حقوق السحب الخاصة”.

و “نسبة 75 % من قيمة الزيادة بما يعادل قيمتها بالليرة اللبنانية نقداً أو بموجب سندات إذنية promissory note قابلة للاسترداد عند الطلب من قبل صندوق النقد الدولي ولا تحمل أي فائدة أو بأي طريقة أخرى مقبولة من الصندوق وبموافقة الطرفين”.

وعن ذلك أوضحت النائبة أيّوب أنه “بما أن تلك الزيادة ستسدّد من موازنة 2025 سيتمّ فتح اعتمادات إضافية لها، وتمّت الإجازة لوزير المالية الاكتتاب بسندات خزينة لها أي قروض داخلية والسؤال من يكتتب في لبنان بعد بسندات خزينة؟ من يقرض الدولة؟ هل لدينا في حساب الدولة في مصرف لبنان الرقم 36 فائض بقيمة 423 مليون دولار، وهل تعتبر تلك الزيادة أولوية بالنسبة إلينا لوضع النسبة في الموازنة لإقراض الدولة. والرفض تام حول إقراض الدولة مجدّداً، على أي أساس يتمّ؟”.

مضمون مشروع القانون

وجاء حرفياً في مشروع القانون “يفتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة للعام 2025 الجزء الأول وفقاً للأصول بقيمة 316,75 مليون وحدة حقوق سحب خاصة بما يعادل 37 ألف تريليون و 871 ملياراً و 925 مليون ليرة لبنانية” (أي ما يعادل 423 مليون دولار).

وفي ظلّ التساؤلات حول آلية التسديد، تمحور الحديث خلال جلسة اللجان عن تسديد 100 مليون في البداية والقيمة المتبقية تسدّد سندات نتعهّد بها، لكن ماذا لو طلب الصندوق كل المبلغ المتبقي كيف سيسدّد؟ حول ذلك، جاء اقتراح النائب علي حسن خليل تعديل كلمة سندات الخزينة واستبدالها بإيرادات الخزينة والموازنة.

وأكّدت أيّوب أنّها مع زيادة مساهمة لبنان والعلاقات الجيدة مع صندوق النقد ولكن ليس على حساب إمكانياتنا، من هنا جاءت موافقة اللجنة شرط أن تتناسب مع إمكانياتنا الموجودة الفعلية، وتمّ ترحيلها إلى الهيئة العامة لمجلس النواب بعد تعديل كلمة “سندات” الخزينة إلى “إيرادات”.

وترى أيّوب أنه يمكن مفاوضة صندوق النقد وتخفيض حصة لبنان، تفادياً لأي عجز في الموازنة ولفتح اعتمادات إضافية في الموازنة، الدولة غير قادرة على إعادة تسديدها.

تأثير زيادة حصة لبنان على القروض

وفي ما يتعلق بإمكانية زيادة قيمة القروض التي تمنح للبنان من صندوق النقد الدولي في حال استطاع لبنان زيادة مساهمته بنسبة 50 % كأن تصبح 6 مليارات دولار بدلاً من 3؟ لن تحصل أي زيادة تلقائية للقروض.

وحول ذلك قالت أيّوب إن “رفع مساهمة لبنان تزيد موقع القرار للبنان في الصندوق، تزيد “قوّة” التصويت للبنان في الصندوق ويمكن طلب عدد أكبر من القروض من الدول التي ستمنحنا قروضاً استثمارية تحت إشراف صندوق النقد مصدر ثقة الخارج بلبنان. ولكن إذا لم تكن لدينا القدرة على توفير مبلغ الـ 423 مليون دولار وممنوع تحقيق عجز في الموازنة وإصدار سندات خزينة، هل نزيد حصتنا بنسبة 50 %؟ كيف سيتمّ تسديد حقوق السحب الخاصة التي ستترتّب على لبنان؟ وسؤال آخر، كيف ستصرف حصة لبنان من أموال حقوق السحب الخاصة، هل سيتمّ تبديدها كما حصل بمبلغ الـ 1.139 مليار دولار التي حصل عليها لبنان وأنفقت على الدعم والقمح… من دون إطلاع مجلس النواب على آلية الصرف؟”.

ما هي حقوق السحب الخاصة؟

وللتذكير تسلّم لبنان مبلغ 1.139 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في أيلول 2021 التي أودعت وقتها في حساب مصرف لبنان، كان هذا المبلغ يمثل مجموع حصته من توزيعين لحقوق السحب الخاصة (SDR)، توزيع عام 2021 بقيمة 860 مليون دولار. وتوزيع عام 2009 بقيمة 275 مليون دولار.

تعتبر حقوق السحب الخاصة أصولاً احتياطية دولية أنشأها صندوق النقد الدولي لتكملة الاحتياطيات الرسمية للدول الأعضاء. تُخصص هذه الحقوق للدول الأعضاء بنسبة تتناسب مع حصص عضويتها في الصندوق. لذلك، فإن حصة لبنان في صندوق النقد الدولي تُحدد بناءً على حصته النسبية (وهي ليست نقدية) في رأس مال الصندوق، والتي تؤثر على مقدار حقوق السحب الخاصة المخصصة له.

وكان بدأ سريان تخصيص خاص لمرة واحدة بقيمة 21.5 مليار وحدة حقوق سحب خاصة في 9 أيلول 2009 لتصحيح حقيقة مفادها أن الأعضاء الذين انضموا إلى صندوق النقد الدولي بعد عام 1981 لم يتلقوا أي تخصيص على الإطلاق (التخصيص الخاص بموجب التعديل الرابع). من هنا تمّ خصيص 456.5 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل حوالى 650 مليار دولار) في 23 آب 2021، وهو أكبر تخصيص حتى الآن وذلك لمساعدة الدول التي تأثرت بجائحة كورونا. وكان للبنان حصّته بقيمة 1,139 مليار دولار.

كيف يستفيد لبنان من حصّته النسبية؟

بالنسبة إلى البرامج المستقبلية، فإن حصّة لبنان في أي برنامج دعم من صندوق النقد الدولي تعتمد على حصته النسبية في الصندوق، والتي تُستخدم لتحديد مقدار التمويل المتاح له. على سبيل المثال، في أحد البرامج المحتملة، تتراوح حصة لبنان بين 3 و4 مليارات دولار على مدى أربع سنوات، بناءً على حصته النسبية في الصندوق لذلك إن إعداد برنامج مع صندوق النقد الدولي يتيح له الحصول على قروض بقيمة 4 مليارات دولار كما هو الحال اليوم. وزيادة حصّة لبنان بنسبة 50 % من شأنها أن تحقّق الإفادة للبنان في التالي:

أولاً، زيادة قيمة إقراض لبنان من خلال صندوق النقد الدولي، والحصول على مساعدات.

ثانياً، إعطاء إشارة إيجابية بتعاون لبنان وتمسّكه بالتزاماته مع الصندوق والتعاون في المفاوضات الدائرة.

ثالثاً، ستكون المساهمة بمثابة “قجّة” للبنان لدى صندوق النقد لزيادة الاستثمارات لا للإنفاق العشوائي.

قيمة الوحدة

وحدة SDR الواحدة للبنان كانت تعادل 1.42 دولار (تتغير وفقاً لأسعار العملات المكونة لسلة SDR) واليوم باتت تعادل نحو 0.73 دولار نسبة إلى العملات الرئيسية الخمس وهي الدولار الأميركي واليورو واليوان الصيني والين الياباني والباوند الاسترليني، إذا ما اعتبرنا أنه حتى نيسان 2025، تبلغ حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة (SDR) في صندوق النقد الدولي حوالى 633.5 مليون وحدة SDR، وهو ما يعادل تقريباً 860 مليون دولار أميركي، بناءً على سعر الصرف الحالي لحقوق السحب الخاصة.

وفي الختام وبالعودة إلى زيادة مساهمة لبنان بصندوق النقد الدولي، من المتوقّع كما أكّدت النائبة أيّوب ألّا يمرّ مشروع القانون بالصيغة الوارد فيها في مجلس النواب من دون تعديلات ومن دون إيضاح مصدر الأموال وتأكيد توفّرها في حال سيتمّ فتح اعتمادات لتسديد حصة لبنان، أما التسديد من خلال إيرادات الخزينة فهذه المسألة صعبة برأيها.

إحالة مشروع قانون تخفيض الرسوم

أعلن النائب ابراهيم كنعان أنه أرسل إلى الحكومة مشروع قانون تخفيض الرسوم، لا سيّما ما يتعلّق بالمشروبات الغازية والروحية والتبغ. وهناك العديد من النواحي الأخرى التي لحقتها الزيادات والتي لم يشملها مشروع الحكومة، لذلك، قررنا وضع جدول مقارنة بين ما أقرته الحكومة في العام 2025، وما أقرّ في موازنة 2024، لناحية رسوم الانتقال والغرامات وسواها. فمن غير المنطقي أن تزاد الرسوم سنوياً، ولا يعقل أن يسدّ عجز الدولة من جيوب الناس وتدفيعهم ثمن السياسات المالية”.

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةقرار أميركي بوقف برامج «الغذاء العالمي» في أيار
المقالة القادمةأعداد الوافدين في الفصح تبشّر بالخير