جدّدت الحكومة اللبنانية والمنظمات الدولية العاملة في لبنان «نداء التمويل العاجل»، أو ما يُعرف بـ«flash appeal»، لطلب مساعدات بقيمة 371.4 مليون دولار، بهدف تغطية «الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة»، بحسب ما جاء في تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، «OCHA». وفي هذا الإطار، ذكّر التقرير بأزمة «النازحين المتواصلة مع بقاء أكثر من 125 ألف شخص خارج بيوتهم، فضلاً عن التحديات التي يواجهها مئات الآلاف لإعادة بناء حياتهم». بالتالي، يُفترض أن يغطي مبلغ الـ371.4 مليون دولار حاجات 12 قطاعاً من المساعدات، أهمها قطاع «الأمن الغذائي والزراعة، المياه والصرف الصحي، الصحة»، على أن تمتدّ مدّة التغطية على 3 أشهر، تبدأ من كانون الثاني الجاري، وصولاً إلى آذار المقبل.
ويأتي طلب التمويل الدولي لتأمين «مساعدة عاجلة»، للمرة الثانية على التوالي خلال 3 أشهر. فمع بداية الحرب الصهيونية على لبنان في أيلول الماضي، توجّهت الحكومة مع المنظمات الدولية إلى مؤتمر باريس لمساعدة لبنان، وطلبت مبالغ وصلت قيمتها إلى 1.4 مليار دولار، من ضمنها «نداء عاجل» لتمويل أنشطة المنظمات بقيمة 425.7 مليون دولار. ووفقاً لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تمّ تأمين 58% من تمويل طلب المساعدات الأول، إذ وصلت مبالغ قيمتها 245.3 مليون دولار للمنظمات الدولية العاملة في لبنان بغية تمويل المساعدات الموزّعة على القطاعات.
لكن بعد إقفال ملف «نداء التمويل العاجل» الأول، وجّهت المنظمات الدولية في لبنان «نداء عاجلاً» جديداً أُطلق يوم الثلاثاء الماضي. وفي التفاصيل، قدّرت المنظمات الدولية عدد الأشخاص المحتاجين إلى الدعم بحوالي مليون شخص، واعتبرت أنّهم من «المتأثّرين مباشرةً بالأعمال العدائية والنزوح». ولتأكيد هشاشة الوضع الإنساني والأمني في لبنان، استندت في العرض الذي قدّمته أمام الجهات المانحة يوم الثلاثاء الماضي إلى الخرائط التي ينشرها جيش العدو، وفيها يطلب من سكان أكثر من 25 قرية حدودية البقاء بعيدين عن منازلهم. لذا، وصف التقرير الأوضاع في لبنان بـ«غير المتوقّعة»، مشيراً إلى أن حركة السكان بين المناطق «سائلة»، بمعنى أن الكتل البشرية لا تزال تتحرك بين المناطق، خاصة مع دخول 90 ألف سوري إلى البقاع في الآونة الأخيرة بعد انهيار الدولة في سوريا.
وبحسب اللمحة العامة الموزّعة عن القطاعات التي يستهدف «النداء العاجل» تمويلها، ستوزّع الأموال على 12 قطاعاً. وستستحوذ قطاعات الغذاء والصحة والمياه على الجزء الأكبر من التمويل، إذ ستُخصّص مبالغ تصل قيمتها إلى 112 مليون دولار، أي 30% من مجمل التمويل المطلوب، لتأمين الطعام لمليون شخص في لبنان، ما يجعل من كلفة تأمين الغذاء للفرد الواحد تقارب 37 دولاراً شهرياً، ولمدة 3 أشهر، أي ما مجموعه 112 دولاراً للفرد. وسيُخصّص مبلغ 60 مليون دولار لقطاع المياه الذي تديره «WASH»، ويستهدف التمويل تأمين الماء بشكل مباشر لـ750 ألف شخص، فضلاً عن صرف جزء من المبلغ على صيانة أنظمة إمدادات المياه، مثل تشغيل محطات الصرف الصحي. وعلى المستوى الصحي، سيُخصص مبلغ 46.5 مليون دولار لتأمين الطبابة والاستشفاء والدواء لـ500 ألف شخص.
كالعادة، لا تستهدف «النداءات العاجلة» لطلب التمويل تقديم أيّ مساعدات للإدارات الرسمية، بل تقتصر على تأمين الأموال للمنظمات الدولية لإدارة القطاعات المستهدفة بالمساعدات. وبحسب مصادر «الأخبار» في المنظمات الدولية، فإن المساعدات تُقسم على القطاعات، ويرأس كلّ قطاع منظمة دولية وجمعية غير حكومية أساسية. وبدورها، تقوم هذه الجهات بالاستفادة من الإدارات الرسمية والخدمات التي تقدّمها من دون أن تقدّم لها مساعدات سوى على الضيق، أو حيث يلزم، وفقاً لموظفين في وزارة الصحة.
يُذكر أنّ وزير البيئة ومنسّق لجنة الطوارئ في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين تحدّث صراحة عن حاجة مؤسسات الدولة إلى الدعم في مؤتمر إطلاق «النداء العاجل»، إذ لفت إلى «حاجة المؤسسات العامة والقطاع الرسمي إلى الدعم»، محذّراً من «انهيار يُحتمل أن يصيب الخدمات والقطاعات المعيشية الأساسية، ولا سيّما البلديات والسلطات المحليّة في حال عدم وصول أي أموال إلى صناديقها».