أصدَرَ البنك الدولي هذا الأسبوع تقريراً جديداً بعنوان “النساء، العمل والقانون 2019: عقدٌ من الإصلاح” سَلَّطَ من خلاله الضوء على تداعيات التمييز القانوني بين الجنسَين على القرارات التي تتّخذها النساء من حيث المهنة وريادة الأعمال. لذا أَطلَقَ البنك الدولي مؤشِّراً يرتكز على معلوماتٍ مجمَّعة من 187 دولة حول العالم تغطّي العقد الأخير، كما ويتضمّن 35 نقطة تساعد في صُنْع القرارات الإقتصاديّة لدى النساء خلال المراحل المختلفة من حياتهنّ، بما فيها الزواج والأمومة. تشمل تلك النقاط، على سبيل المثال، عوامل كحريّة المرأة في السفر وقدرتها على فتح حساب مصرفيّ، توقيع العقود، أو تسجيل مؤسّسة، إضافةً إلى وجود قوانين تُحَظِّر التمييز بين الجنسَين من قِبَل أرباب العمل عند التوظيف أو تسريح الموظَّفات الحاملات. ويتمّ جمع تلك النقاط تحت ثمانية خاناتٍ رئيسيّةٍ هي: “الذهاب إلى أماكن”، “البدء بوظيفة”، “الحصول على راتب”، “الزواج”، “إنجاب الأطفال”، “إدارة الأعمال”، “إدارة الأصول”، و”الحصول على راتب أو تعويض تقاعديّ”. بحسب التقرير، إنّ النتيجة الأفضل في المؤشِّر هي 100، والتي تعكس حقوقاً قانونيّةً متساوية بين الجنسَين في بلدٍ معيَّن. في هذا السياق، حَقَّقَت ستّة بلدانٍ نتيجة 100 في مؤشِّر النساء، العمل والقانون 2019، ألا وهي السويد، الدنمارك، فرنسا، بلجيكا، لوكسمبورغ، ولاتفيا. في المقابِل، بَلَغَ المتوسِّط العالمي للمؤشِّر نتيجة 74.71، ما يعني أنّ النساء يتمتّعنَ بالإجمال بثلاثة أرباع الحقوق القانونيّة التي يستفيد منها الرجال في النقاط ال35 التي شملها التقرير. غير أنّ هذه النتيجة قد شهدت تحسُّناً مقارنةً مع المتوسِّط العالمي التي كان قد تمّ تسجيله منذ عشر سنوات، والبالغ حينها 70.06، وذلك في ظلّ إطلاق 131 دولة ما مجموعه 274 إصلاحٍ على أُطُرِها القانونيّة منذ ذلك الحين بهدف تعزيز المساوات بين الجنسَين.
أمّا على الصعيد الإقليمي، فقد سَجَّلَت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نتيجةً ضعيفةً بلغت 47.37 في مؤشِّر النساء، العمل والقانون 2019، ممّا يعني أنّ النساء في المنطقة لا يَسْتَفِدْنَ حتّى من نصف الحقوق القانونيّة التي يتمتَّع بها الرجال. في التفاصيل، كَشَفَ التقرير أنّ دولةٍ ما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تفشل عموماً في منح المرأة فرصاً متكافئة للرجال في حوالي 17 من أصل ال35 نقطة المذكورة آنفاً، مقارنةً ب9 نقاطٍ فقط على الصعيد العالمي حيث تقع فيها النساء ضحيّةً للتمييز بين الجنسَين.
محلّيّاً، سَجَّلَ لبنان نتيجة 58.75 في مؤشِّر النساء، العمل والقانون 2019، وهي النتيجة الأعلى في المنطقة، إلّا أنّها لا تزال أدنى بكثيرٍ من المتوسّط العالمي. وقد حَصَلَ كلٌّ من جزر القمر، جزر مارشال، بالاو، تونغا، وتونس على نتيجة 58.75 أيضاً. في التفاصيل، حَقَّقَ لبنان نتيجة 100 في خانة “الذهاب إلى أماكن”، الأمر الذي يعكس تساوٍ في الحقوق بين الجنسَين فيما خصّ قدرة المرأة على إختيار مكان سكنها، والتنقّل خارج منزلها، والسفر إلى خارج بلادها، وتقديم طلب للحصول على جواز سفر. بالتوازي، سَجَّلَ لبنان نتيجة 75 في كلٍّ من خانتَي “إدارة الأعمال” و”الحصول على راتب أو تعويض تقاعديّ”، ونتيجة 60 في خانة “الزواج”، ونتيجة 50 في كلٍّ من خانتَي “البدء بوظيفة” و”الحصول على راتب”. من جهةٍ أخرى، سَجَّل لبنان أداءه الأسوأ في خانتَي “إدارة الأصول” و”إنجاب الأطفال” بنتيجة 40 و20 بالتتالي. من منظارٍ أكثر إيجابيّة، ذُكِرَ لبنان بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأربعة التي أطلقت قوانين تحارب العنف الأسري خلال العقد السابق (ترافقاً مع المملكة العربيّة السعوديّة، البحرين، والجزائر).