لبنان ينقل أعباء دعم الوقود إلى جيوب السكان المنهكين

كررت الحكومة اللبنانية حلولها الترقيعية التي ما فتئت تقدمها للمواطنين للتهرب من المسؤولية عن فشلها في إدارة الأزمة الاقتصادية الحادة والتي تتجسد في فقدان المحروقات من البلاد جراء نقص السيولة النقدية. ووافق رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الجمعة على مقترح لتمويل واردات الوقود بسعر صرف 3900 ليرة للدولار بدلا من سعر الصرف السابق البالغ 1500 ليرة، في ظل تفاقم نقص البنزين.

ويرى محللون وخبراء اقتصاد أنه من المتوقع أن يؤدي سعر الصرف الأقل، الذي يقلص فعليا دعم الوقود، إلى رفع سعر البنزين للمستهلكين، لكنه يسمح للحكومة بتوفير إمدادات من الوقود لفترة أطول. ويأتي القرار بعد طلب محافظ مصرف لبنان المركزي رياض سلامة من الحكومة الخميس الماضي، منحه أساسا قانونيا لإقراضها بالعملات الأجنبية من الاحتياطيات الإلزامية لتمويل واردات الوقود المدعومة، والتي تلتهم نصف مخصصات الدعم السنوية، في مؤشر على نفاد الاحتياطيات لدى البنك.

وبلغت احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي ما يزيد قليلا عن 15 مليار دولار في مارس الماضي بعد أن كانت عند نحو 30 مليار دولار في نهاية العام 2019. ولم يقدم المركزي تحديثا للرقم منذ ذلك الحين. ولبنان في خضم أزمة مالية يصفها البنك الدولي بأنها إحدى أعمق حالات الكساد في العصر الحديث. وأجبر شح الوقود في الأسابيع الفائتة السائقين على الاصطفاف في طوابير لساعات طويلة أمام محطات الوقود، التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت (الديزل). ويقول المستوردون إن شحّ الوقود يعود بشكل رئيسي إلى بطء المركزي في فتح الاعتمادات المطلوبة لاستيراد الوقود، من الفيول المشغل لمعامل إنتاج الكهرباء مروراً بالبنزين والمازوت على وقع نضوب الاحتياطي بالدولار وسط الانهيار الاقتصادي المتمادي والشلل السياسي.

وفي أحدث مسلسل هذه الأزمات، وجد قطاع المخابز في لبنان نفسه أمام خطر التوقف عن العمل، بسبب النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيلها مع تصاعد التحذيرات من نفادها. وقال اتحاد نقابات المخابز والأفران في بيان الجمعة، إن “الأفران والمخابز استنفدت كل الاحتياط لديها من مادة المازوت، وما هو متوافر لا يكفي، ما قد يؤثر على الإنتاج، لاسيما تلك الكبيرة منها التي توزع على كل المناطق اللبنانية”. وأشار كذلك إلى أن المطاحن تعاني أيضا من الأزمة ذاتها. وحذر “جميع المسؤولين من مغبة عدم استدراك الأمر ومعالجته بشكل عاجل لأنه سيؤدي إلى أزمة خبز قسريا”.

وتسربت المشكلة قبل أيام إلى قطاع الكهرباء، فقد بدأ أصحاب المولدات الخاصة في مناطق لبنانية عدّة الأربعاء الماضي بإبلاغ مشتركيهم بالتوقف عن تزويدهم بالتيار الكهربائي نتيجة نفاد مخزونهم من المازوت، وسط شحّ في الوقود تشهده البلاد الغارقة في انهيار اقتصادي غير مسبوق.

ويُعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة أساساً. ويُشكل إصلاحه أحد مطالب المجتمع الدولي الرئيسية لدعم لبنان، لكن الطبقة السياسية الغارقة في تجاذباتها لم تفعل أي شيء حتى الآن لإنهاء المشكلة. ومع عجز السلطات عن إيجاد حلول إنقاذية تضع حداً للأزمة المتمادية، التي صنّفها البنك الدولي الشهر الحالي على أنّها من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، تتجلى أكثر فأكثر تداعيات الانهيار. وتتعالى صرخات قطاعات عدّة محذرة من تداعيات عدم توفّر الوقود، صدر أبرزها على لسان عماد كريدية، المدير العام لشركة أوجيرو، المزود الرسمي لخدمة الإنترنت في لبنان. وحذّر في وقت سابق هذا الشهر من أن “استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جديا إمكانية أوجيرو بتقديم الخدمات” جراء “الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةفهد: ارتفاع سعر المازوت سيزيد الكلفة على السوبرماركت وسينعكس ذلك على المستهلك
المقالة القادمةالنفط العراقي الى لبنان… من يعرقل الإستيراد؟