لا يختلف اثنان على انّ سياسة الدعم التي اتّبعت في لبنان، ومن ضمنها السلة الغذائية، هي أسوأ قرار اتخذ خلال فترة الأزمة المالية، إذ رغم تكشّف نتائجها باكراً في كونها ساهمت في دعم التجار على حساب المستهلكين وفي كون 70 الى 80 % منها صبّت لمصلحة المهرّبين الى سوريا وغيرها من الدول الافريقية والأوروبية، استمر العمل بها قرابة العام، بكلفة تقديرية بلغت حوالى 6.2 مليارات دولار، بلغت حصة السلة الغذائية منها ما بين 70 الى 80 مليون دولار شهرياً من دون ان تصل الى معظم اللبنانيين، ناهيك عن بيع مصرف لبنان خلال العام 2020 عملات اجنبية لملفات استيراد ادوية ومستلزمات طبية ومواد اولية للصناعة الدوائية بقيمة 1173 مليون دولار مقارنة مع 1432 مليون دولار منذ مطلع العام 2021 ولغاية أيار 2021 متجاوزاً قيمة ما صُرف خلال اكثر من عام كامل، والنتيجة الدواء مفقود. وكما في الادوية كذلك في المحروقات، فقد بلغت الكمية المسلّمة من البنزين خلال اربعة اشهر من العام الماضي 440 الف طن بينما بلغت الكميات خلال الفترة ذاتها من العام الحالي 570 الف طن والبنزين مقطوع.
في السياق، أعدّ الباحث في الشؤون الإحصائية عباس طفيلي جداول شملت كل السلع التي وفّر لها مصرف لبنان الدعم خلال العام 2020 من محروقات وطحين وقمح وأدوية الى جانب السلة الغذائية التي أعدّتها وزارة الاقتصاد.
يقسّم طفيلي الدعم الى قسمين، قسم قدّم له مصرف لبنان دعماً بنسبة 85 % وفق سعر صرف 1500 ليرة للدولار مثل الطحين والقمح والمحروقات والادوية والمستلزمات الطبية، والقسم الثاني طال السلة الغذائية التي أعدّتها وزارة الاقتصاد والتي كانت مغطّاة بالكامل وفق تسعيرة 3900 ليرة للدولار.
في المقابل، كشف طفيلي عن إعادة تصدير أغنام الى قطر وحدها بما قيمته 33 مليون دولار، فهل يعقل في بلد يعاني أزمة أمن غذائي ويحتاج فيه الى كل دولار قدّمه مصرف لبنان تصدّر فيه الماشية بهذه الكميات؟
الامر سيّان بالنسبة الى اصناف الحبوب، إذ يظهر الجدول ارتفاعا في كميات الحبوب المستوردة، فاستيراد الفاصوليا زاد من 5.14 ملايين دولار في العام 2019 الى 8.13 ملايين دولار في العام 2020، السكر من 72.14 مليون دولار الى 95.83 مليون دولار والعدس من 7.82 الى 14.33 مليون دولار، والفول من 4.99 الى 5.02 ملايين دولار والحمص من 10.33 الى 13.62 مليون دولار. اما الأرُز فرواية ثانية، إذ عدا عن ارتفاع الكمية المستوردة من 61.49 مليون دولار عام 2019 الى 76.02 مليون دولار في العام 2020، يتبين انّ لبنان صدّر أرُزاً بنحو 14 مليون دولار، 11 مليوناً منها تم تصديرها رسمياً الى سوريا، بما يؤكد عملية التهريب.
اما بالنسبة الى حليب الاطفال، فقد استورد لبنان عام 2020 بما قيمته 62.75 مليون دولار حليب اطفال مقارنة مع 78.51 مليون دولار عام 2019، صحيح ان الاستيراد تراجع لكن السؤال بما ان هذا الصنف مدعوم بالكامل من مصرف لبنان لماذا ارتفع سعره اضعافاً.
خَلص طفيلي الى ان كل سلعة مدعومة تم استيرادها كان مصيرها الآتي:
– التاجر الذي استوردها عاد وصدّرها للحصول على fresh money.
– أبقى التاجر هذه البضائع في المستودعات ليعود ويبيعها فور رفع الدعم مُحقِّقاً بذلك أرباحاً إضافية.
– عرض قسماً من هذه السلع في الأسواق، مستبعداً ان يكون التجار قد طرحوا كل الكميات المستوردة المدعومة للبيع لأنها في غالبيتها فقدت او ارتفع سعرها بشكل لافت.