كثيرا ما يردد اركان القطاع الخاص ان قطاعهم تخطى الحد الادنى للاجور وان عطاءاته تتجاوز ما تقدمه الدولة للقطاع العام وان اغلبية رواتب موظفيهم هي بالدولار الاميركي بعد ان تأقلم هذا القطاع مع الانهيار المالي الحاصل في البلد ومع الضرائب والرسوم التي تفرض عليه لتؤمن الدولة رواتب لموظفي القطاع العام.
ما يقوله اركان القطاع الخاص صحيح بالنسبة للرواتب والاجور والعطاءات ولكنهم يعرفون ان هناك مؤسسات وشركات ما يزال موظفوها يتقاضون الرواتب المتدنية واحيانا كثيرة بالعملة اللبنانية وبالتالي يسعى الاتحاد العمالي العام الى تصحيح هذه الاوضاع عبر لجنة المؤشر ورفع الحد الادنى للرواتب وزيادة العطاءات للموظفين كتعويض النقل والمنح المدرسية وغيرها حتى ان رئيس الاتحاد العمالي بشارة الاسمر حدد الحد الادنى المطلوب لكي تعيش عائلة حياة كريمة بـ ٥٢مليون ليرة لبنانية .
“من بعلبك أزف وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال مصطفى بيرم انه وخلال أقل من أسبوع نحن أمام زيادة وازنة للحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص تدخل في صلب الراتب، وسنقر زيادة بالمنح المدرسية إن شاء الله”.
لكن يبدو ان خبرية الوزير بيرم لن تبصر النور قريبا نظرا للخلافات التي تعصف باعضاء الهيئات الاقتصادية الذين يرفضون الزيادات العشوائية خصوصا في ما يتعلق بمطالبة الاسمر تحديد الحد الادنى ٥٢ مليون ليرة بينما بعض اعضاء الهيئات يفضل ان ترفعه الى ١٥مليون ليرة نظرا لارتباطه بموضوع نهاية الخدمة .
وفي هذا الاطار يطالب نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه بمساواة موظفي القطاع الخاص بموظفي القطاع العام ويعترف فقيه ان بعض القطاع الخاص يقدم لموظفيه اكثر ما نطالب به ولكن الاكثرية من الموظفين ما تزال تعاني من الرواتب المتدنية .
رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر ما زال مصرا على حسن التعاون مع الهيئات الاقتصادية وخصوصا رئيسها الوزير السابق محمد شقير الذي يعول عليه كثيرا في اقناع الرافضين وبالتالي من المتوقع ان يعقد اجتماع بين الهيئات والاتحاد الاسبوع المقبل للخروج بصيغة ترضي الطرفين خصوصا ان الوزير بيرم ارجأ اجتماع لجنة المؤشر الى حين الاتفاق بينهما . لاسيما ان هناك ” قطبة مخفية “تدار الان برعاية وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال مصطفى بيرم للوصول الى هذا الاتفاق وتكريسه في اجتماع لجنة المؤشر المقبل.
ويتخوف مسؤولو القطاع الخاص ان تكون اي زيادة غير مدروسة مقدمة لضرب هذا القطاع الذي لملم حاله وتأقلم مع التطورات التي حصلت ويصرون على اعتماد الواقعية والموضوعية والشفافية في هذا الموضوع متخوفين من ان تكون الزيادات التي اعطيت للقطاع العام مثلها مثل الزيادات في سلسلة الرتب والرواتب التي ادت الى الانهيار المالي .
ويعتبرون ان هذه الزيادة يشوبها عيوب كثيرة لكن اهمها ان هذه الزيادات غير معروفة بالنسبة لعدد المستفيدين منها ولا التكلفة المحددة ولا التقديرات المقدرة للايرادات الجديدة متسائلين هل تملك الدولة اليوم من العملة الصعبة ما يمكّنها من تسديد قيمة الزيادات على الرواتب؟
وعلى ضوء هذه الزيادات التي أقرتها الحكومة اللبنانية سيرتفع حجم الإنفاق المخصص لرواتب وأجور القطاع العام، إلى نحو 130 تريليون ليرة لبنانية سنوياً، أي ما يعادل 1.46 مليار دولار أميركي، ما يشكل قرابة الـ 45 بالمئة من إجمالي حجم موازنة لبنان لعام 2024، التي تتضمن إيرادات، بقيمة 320 تريليون ليرة، ونفقات بقيمة 295 تريليون ليرة.وهذه ارقام خاضعة للاخذ والرد كونها ارقاما متحركة وغير مضمونة خصوصا بالنسبة للتحفيزات التي لم يعرف بعد على اي اساس ستعطى وما هي كلفتها الاضافية .
المهم ان حكومة تصريف الاعمال تمكنت من التهرب من اضافة هذه الزيادات على اساس الراتب وفضلت اعطاء الموظف رواتب اضافية وصل بعضها الى تسعة رواتب وتعويضات النقل وصفائح البنزين والتحفيزات وغيرها بحيث بات الموظف في القطاع العام يحتاج الى الة حاسبة كي يعرف قيمة راتبه مع لواحقه .
وفي هذا الصدد يقول امين عام الاتحاد العمالي العام سعد الدين حميدي صقر للديار ان الاتفاق بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام ضروري وحتمي لان الجميع يدرك ما يعانيه الموظف والعامل في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة وان الاتصالات جارية على قدم وساق من اجل الوصول الى النتائج الايجابية مع العلم اننا نصر على الرقم الذي حدده الاتحاد العمالي العام في ظل انعدام الخدمات المعيشية والصحية وان كل زيادة لا تعادل دخول العامل او الموظف الى المستشفى التي ارتفعت اسعارها ولا الدواء الذي يحتاجه المريض .
المطلوب من الهيئات الاقتصادية الاسراع في تصحيح الاجور وتأمين الملاحق بها وتفعيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووزارة الصحة بعد ان لجأ المواطنون الى شركات التأمين لتأمين صحتهم وغيرها من الامور .
وينهي حميدي صقر حديثه بالتأكيد ان موضوع زيادة الاجور هو من المطالب الملحة لكن نفضل ان يواكبه اهتمام اكثر يطال تأمين الخدمات الصحية وتفعيل المؤسسات التي تعنى بهذا الشأن وغيرها من الامور التي تساعد على تسهيل حياة المواطنين .