في إطار الزيارة الرسمية لرئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الفرنسي تيري بودي، الى لبنان بدعوة من نظيره اللبناني شارل عربيد، عُقِد لقاءُ عملٍ في مشاركة أعضاء الهيئة العامة بمقر المجلس في وسط بيروت، في حضور محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، النائب فادي علامة، الاب سليم دكاش، روجيه نسناس واعضاء المجلس والوفد المرافق لبودي.
وكانت مناسبة تم في خلالها البحث في آليّة التعاون وتبادُل الخبرات بين المجلسَين وتفعيل وتعزيز التعاون بينهما.
عربيد
استُهلّ اللقاء بكلمةٍ ترحيبيّة لعربيد، رحّب في مُستهلّها بنظيره الفرنسيّ، معرباً عن سروره لوجوده في مقر المجلس. وقال: “يسرُّني ويشرّفني أن أرحّب بكم في هذا الصرح، وفي هذا اليوم الذي يظهر مدى عمق العلاقة وحيويتها بين بلدينا وشعبينا ومجلسينا”.
ولفت عربيد إلى أنّ “لبنان وفرنسا يتشاركان، منذ زمن بعيد، مغامرة جميلة، بألوانها وجوانبها المختلفة” وقال: “لطالما كانت فرنسا إلى جانبنا، إذ تحركت بشكل ملحوظ في أعقاب الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت وقلب عاصمتنا. وسعادة السفيرة من خلال دورها الديناميكي وتحليلها الدقيق والحكيم للواقع اللبناني، تساهم في دعم صمود لبنان”.
وأثنى عربيد “بشكلٍ خاصّ، على العمل الإنسانيّ الذي تنهض به فرنسا، في طليعة الدول الصديقة، ودعمها المتواصل للجيش اللبناني ولمختلف القطاعات، ولا سيما الاستشفاء والتعليم”، مذكراً بـ “العلاقات المتبادلة بين المجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ والبيئيّ الفرنسيّ والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اللبناني، التي بدأها سلفي الرئيس روجيه نسناس، الحاضر معنا اليوم، تتعزز باستمرار مع الوقت”.
ولفت الى “أن التعاون الثنائيّ، الذي نرغب في تعزيزه، يسمح لنا بالتعلُّم من التطوُّر الذي حقّقه مجلسكم، وتحديداً في ما يتعلق بمدى مشاركة المجتمع المدني المنظم والشباب، لدعم التحولات الاجتماعية والأولويات المجتمعية”. وقال: “في الواقع، منذ أن تولّيت مسؤولياتي أوائل العام 2018، راهنت على ديناميّة تحديث مجلسنا. ومنذُ ذلك الحين، ونحن نعملُ مع الزُّملاء والزميلات من أجر تعزيز قدراته كمؤسسة مستقلة، قادرة على هيكلة الحوار وجعله شاملاً قدر الإمكان. ويندرجُ إصلاح مجلسنا ضمن هذه الروحية القائمة على الحداثة أو الديمقراطية التشاركية”.
أضاف عربيد: “أطلقت عملية الاصلاح بموجب القانون الأخير الصادر في نيسان 2022، بهدف تعزيز صلاحيات المؤسسة، ومجالات تدخلها مع إضافة الشق البيئي إلى اسمها. إنّ هذه العملية الاصلاحية تكرّس مشاركة المواطنين وتوسّع نطاق الاستشارة المباشرة إلى طبقات المجتمع كافة عبر العرائض الشعبية. والآن، وقد أصبح لدينا قانون، نعتزمُ أن نضطلع بدورنا كاملاً “كمفعل” للاصلاحات الضرورية لبلدنا، لنقدم حلولاً للأزمات النقدية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تزعزع أسس مجتمعنا”.
وقال: “لن أطيلَ الحديث عن تشخيصٍ أصبح معروفاً للجميع. مؤشّراتُنا كارثيةٌ واقتصادنا يسقط في هوة ركود تضخمي. سقط لبنان في براثن الفقر بشكل دراماتيكي، أما أبناؤه فيهاجرون بحثاً عن لقمة العيش. إضافةً إلى ذلك، وبعد عامَين من الانفجار الكارثيّ في مرفأ بيروت في 4 آب 2020، علِّق التحقيق بدون أي اعتبار لمعاناة أهالي الضحايا.على الرغم من التقاعس المتعمد للحكومات المتعاقبة، وخاصة السلطة التنفيذية التي لا تعمل بفاعلية، إلا أننا نؤمن بوجود إمكان لتعافي اقتصادنا. والأمر يعود إلينا، نحن القوى الحيّة في هذه البلاد، هذه القوى التي لا بد من إشراكها في عملية صنع القرار”.
وحذر عربيد من “خطورة تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمّى، خصوصاً وأنّ مشهدَ جلسة البرلمان الأسبوع الماضي لا يبشّر بالخير”، مضيفاً: “لبنان، الذي هو ضحيّة التدخلات الأجنبيّة، مطلوب منه التعامل في القضايا الجيو-اقتصاديّة الكبرى وملف اللاجئين السوريّين، ولا يُمكن له أن يتحمل شغور منصب رئاسة الدولة”.
ورأى “أنّ نظام الحكم الحالي، المرفوض من غالبيّة اللبنانيين، والذي تنتقدُه الدولُ الصديقة لنا، يحول دون تنفيذ الإصلاحات الضرورية للبنان”، وقال: “إضافةً إلى المُعوّقات التي يُسبّبها هذا النظام، هناك تحالفٌ الأوليغارشيّة السياسيّة والماليّة، إلى جانب سياسة الإفلات الكامل من العقاب. وفي سعيهما للحفاظ على نظامٍ مفلس استفادت منهُ قلّة لفترةٍ طويلة جدّاً، تعتبرُ هاتان “الأوليغارشيتان” أنّهما “لا يُمكِنُ المساس بهما” وغير خاضعتَين للمساءَلة بدليل عرض الحكومة موازنة 2022 بأرقامٍ مشكوك بها ومثيرة للجدل، وموافقة البرلمان عليها”.
وشدّد عربيد على “ضرورة تطبيق الإصلاحات الهيكليّة فوراً، شرط دمجها في خطّة نهوضٍ موثوق بها، تشملُ الجهات الفاعلة المعنيّة كافة. وكجزءٍ من الخطة أيضاً، يجب أن تبدأ عمليّةُ إعادة هيكلة القطاع المصرفيّ وتصميمها واقتراحها من قبل المصارف نفسها، ما يؤدي إلى وضع حدٍّ نهائيّ لـ”سياسة عدم التدخل” التي اعتمدتها هذه المصارف”.
أضاف:”وفي طبيعة الحال، ليس وارداً بالنسبة إلينا أن نجعل المودعين يتحمّلون عبءَ عمليّة تخفيض الديون الجارية في القطاع، إذ لا يجوزُ التّصرف بحقوقهم، علماً أنهم يخضعون “للكابيتال كونترول” “غير الرسمي” منذ تشرين الأول 2019. ولكي تتمكّن المصارفُ من تمويل الاقتصاد الحقيقيّ من جديد، يجب أن تتمَّ إعادة الهيكلة وفقا للمعايير الدولية. إنّ ديناميّة الإصلاحات هذه، التي طالب بها كل من اللبنانيين والمجتمع الدولي، تحتاجُ إلى أن تستكمل بعمل سياسي لم يتبلور بعد، ويتمثل في تسوية جذرية لمشكلة المعابر الحدودية غير الشرعية التي يمر عبرها التهريب من ناحية، وفي معالجة ملف التهرب الضريبي من ناحية أخرى”.
أردف قائلاً: “لقد شهدنا منذ فترةٍ طويلةٍ، مكتوفي الأيدي ومكبّلين، مكبلين لأنّنا مكتوفو الأيدي، تطبيعاً تدريجيّاً للفساد، وحتّى محاولة إضفاء الطّابع المؤسّسي عليه. ومجلسنا ينشطُ في محاربة الفساد، الذي يشلُّ مؤسّسات دولة القانون، ويزيد من أعباء العجز العام. كما ويقومُ مجلسُنا بتعبئةِ الفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدنيّ المنظّم، من أصحاب الخبرات الأساسيّة والذين يعملون على أرض الواقع، لتحقيق استراتيجيّات مشتركة تشملُ كلّ الجهات الفاعلة المعنيّة”.
وتابع :”بما أن المحسوبية السياسية هي الوجه الآخر للفساد، فإن خطة النهوض الوطنية يجب أن تتضمن أيضا مقترحات لتقليص حجم الإدارة العامة وتطهيرها من “الموظفين الوهميين”، الذين يتقاضون رواتبهم مقابل عدم قيامهم بعملهم.
إلى ذلك، أدى تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي إلى فقر مدقع، وتالياً إلى تفككٍ مجتمعيّ غير مسبوقٍ في تاريخ لبنان، وإذ يعاني اللبنانيون من نقص الكهرباء والوقود والسيولة وما سوى ذلك، فإذا بهم يهاجرون بأعداد كبيرة.
ولبنان يفرغ من رأسماله البشري. والمشكلة الحقيقية هي أنّ هاتين مسألتين رئيسيتين تستدعيان التدخلات ذات الأولوية من قبل الدول الصديقة.
فمنذُ ترؤسنا المجلس، كان رهاننا على الحوار المنفتح والشامل، إذ تعهدنا بجمع الأحزاب الرئيسيّة المكوِّنة للنظام السياسي وممثلي القطاعات الإنتاجية من أصحاب العمل والعمال؛ والهيئات الاجتماعية والمهنية والنقابات، والمجتمع المدني والخبراء المستقلين. وأدى ذلك إلى سلسلة من المقترحات والدراسات وخرائط الطريق التي ركزت على الإصلاحات الهيكلية التي يتعين القيام بها في المجالين الاجتماعي والاقتصادي والتي وافق عليها الجميع، قبل إحالتها إلى السياسيين.
أضاف: “اليوم، ومن خلال القانون الجديد الذي يعزز مكانتنا بصفتنا المنصة الأكثر شرعية لهيكلة الحوار بين اللبنانيين، يطمح المجلس إلى الوفاء بمهمته كعامل إجماع داخل المجتمع وبالتالي القدرة على العمل “كأداة تغيير في خدمة الإصلاحات. كما ونعتزم إطلاق مشروع اللامركزية قريبا وبدء حوار تشاركي على المستوى الوطني حول هذا الموضوع الأساسي. فاللامركزية الإدارية، التي ينص اتفاق الطائف (تشرين الأول 1989)، تسمح بالتنمية المتوازنة للمناطق. كما وتشرع اللامركزية الباب أمام تعلُّق اللبنانيين بالدولة، كمواطنين ومكلفين مع ما يترتب على ذلك من آثار، وستؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الاستقرار السياسي وبالتالي الوحدة الوطنية”.
وقال: “كما ترون، في نهاية هذه المتاهة التي نمر بها حالياً، ومهما كانت مظلمة، فنحن عازمون بمساعدة أصدقائنا، وفي مقدمتهم فرنسا، على الإصلاح وإعادة بناء لبنان مستقر ومزدهر يقوم على أسس جديدة ويستند إلى سيادة القانون.
من هذا المنظور، فإن توقيع اتفاقية ترسيم حدود لبنان البحرية مع إسرائيل، تمهيدا لاستغلال مواردنا الغازية والبحرية، سيؤدي إلى إعطاء زخم جديدة لاقتصادنا، وخلق فرص العمل، وبالتالي تعزيز النمو وجذب الاستثمارات. ونتيجة لذلك، ستعود الثقة بلبنان وسيتم الإفراج عن الدعم الخارجي.
وختم عربيد، متوجها الى الحاضرين: “إسمحوا لي أن أشاطركم شعارنا الخاص بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: “لنعمل معا كي نفكر بشكل أفضل، وننتج ونزدهر ونعيش بشكل أفضل”.
بودي
من جهته، رد بوديه بكلمة شكر فيها عربيد على حسن الاستقبال وحيا الحاضرين، مبديا الاستعداد للتعاون مع المجلس الاقتصادي. وجاء في كلمته:
“يسعدني بشكل خاص أن أكون معكم اليوم، هنا في بيروت، وأن أرد للرئيس عربيد الزيارة التي شرفنا بها إلى باريس في 13 تموز الماضي، في مناسبة انعقاد الجمعية العامة لاتحاد المجالس الفرنكوفونية، والذي تتولي فرنسا رئاسته للمرة الأولى. وأردت أن تكون زيارتي الأولى إلى بيروت بصفتي المزدوجة كرئيسٍ للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الفرنسي وكرئيس اتحاد المجالس الفرنكوفونية، للاشارة إلى أهمية العلاقة بين مجلسينا. وبالطبع العلاقة التاريخية العظيمة بين بلدينا”.
أضاف: “بلدان صديقان، بلدان شقيقان، من ضفة إلى أخرى من بحر المتوسط – بحرنا أو ماري نوستروم Mare Nostrum – بلدان تربطهما قضايا مشتركة ولكن أيضا، وربما قبل كل شيء، ثقافة مشتركة، تحملها هذه اللغة الفرنسية التي تجمعنا والتي أنا فخور وممتن للتحدث بها أمامكم اليوم”.
وتابع: “إن عمليات التبادل بين المجتمعات الفاعلة في بلدَيْنا مفيدةٌ دائماً، واجتماعاتنا مجدية دائماً، لأنه في زمن الاتصالات الرقميّة المعولمة والاجتماعات عن بعد التي فرضتها الأزمة الصحية، أصبحنا نقدر مدى عمق وقيمة العلاقات الإنسانية المباشرة والعلاقات الشخصية العميقة”.
أضاف بودي: “إن تمثيل الجهات الفاعلة لبلد ما، ليس مجرد بروتوكول بسيط، بل على العكس، أصبح يشكّلُ أكثر فأكثر شكلاً مهما من أشكال الحوار الديموقراطي الأكثر انفتاحا واستدامة وعمقا”.
تناهى إلى سمعي أن البعض يشكك أحيانا في شرعية مجالسنا وجدواها وفعاليتها. لكنني ألاحظ أنها حديثة أكثر من أي وقت مضى. في كثير من الأحيان، تغرق الديمقراطية السياسية في المنطق الحزبي والتناقضات، والتكتلات ضد بعضها البعض، وأحيانا في تجاهل تام للمصلحة العامة. لكن مجالسنا بعيدة كل البعد عن هذه المظاهر، إذ إن قوتها الأساسية تكمن في تكوينها التعددي”.
وقال: “في مجلسنا كما في مجلسكم، يتحاور مواطنون منخرطون في القطاع الخاص وفي المجتمع المدني بطريقة سلمية، والعديد منهم، ما كانوا ليلتقوا لولا مجالسنا. في مجالسنا، يتحاورون حول مواضيع معقدة للغاية تعاني منها مجتمعاتنا، ويبذلون كلّ جهودهم، ليس للتمايز عن بعضهم البعض أو للانقسام، بل للتلاقي والتوافق في الآراء، حيث أن هذه الآراء يمكن أن تشكل مسارات عدة للسياسات العامة المقبولة لدى المواطنين. مجالسنا استشارية بطبيعتها. لهذا أود أن أقول إننا مجالس الكلمة الأولى، ما يعني أن الكلمة الأخيرة في يد أولئك الذين يتمتعون بشرعية الانتخاب. ولكن إذا كان القرار يعود، حسب المواضيع المطروحة، إلى السلطة التنفيذية أو التشريعية، فإن بناء القرارات يعود إلى المجتمعات بأكملها، وهذا ما تجسده المجالس الاقتصادية والاجتماعية والبيئية”.
وتابع: “وتبقى الديمقراطية بشكل عام، والديمقراطية الاجتماعيّة والبيئية بشكل خاص، تجربة معقدة تتطلب منا جميعا تبادل الخبرات. فأفضل التجارب، تنبع من تلاقي الثقافات والحقبات التاريخية السياسية والديقراطية المختلفة. لهذا السبب، وبصفتي رئيساً لاتحاد المجالس الفرنكوفونية، أعتزم تعزيز التعاون وتشارك الأفكار لنتعلم من بعضنا البعض. وكما سبق وذكرت، إنها ليست صدفة أنني خصصت أول زيارة لي إلى لبنان. وأشكر مجلسكم على ترحيبه الحار – في تأكيد على السمعة الطيبة للبنان في الضيافة”.
وتوجه بودي الى الدكتور عربيد والحاضرين: تمكنت من لقاء أعلى السلطات السياسية في لبنان، وهم: رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب. وركز الجميع على حجم الأزمة التي ذكرتها للتو وضرورة إجراء إصلاحات للنهوض بالبلاد. وأنا أعلم، كم أنتم والمجلس مهتمون بالقضايا التربوية والاجتماعية، والفقر المتفشي، وكم ترغبون في العمل من أجل مستقبل أفضل لجميع اللبنانيين، ولاسيما الأجيال الشابة التي ستصنع لبنان الغد”.
أضاف: “ونحن نعلم، أنت وأنا، حضرة الرئيس، أننا لا نستطيع إعادة توزيع إلا الثروة التي تم تكوينها، ومن هنا أهمية الإصلاحات المصرفية والاقتصادية التي تطالبون بها والتي تريدون المساهمة فيها. لذا، سنجدد اتفاقية تعاوننا، وأنا ألتزم أمامكم وأمام هذا الجمع، بمساعدتكم على إيجاد الظروف الاقتصادية المادية والفكرية التي ستمكن المجلس من إنشاء المرصد الاقتصادي والاجتماعي الذي سيعمل على قياس الأثر الحقيقي للسياسات العامة في هذه المجالات الأساسية، لأن الدور هو دوركم! فمجلسكم، أسوة بالمجلس الفرنسي، لديه مهمة مزدوجة تتمثل في المساعدة بتطوير السياسات العامة وقياس أثرها. حكوماتنا ملزمة، بحكم القانون، أن تتشاور معنا بشأن القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. لكن، كلا منا لديه أيضا إمكانية تحديد شروط مواضيع النقاشات المستقبلية التي تعصف بمجتمعاتنا، ولكن لم يتم إدراجها بعد على الأجندة السياسية. ونحن نسعى جاهدين لتحقيق ذلك. ونعتزم استخدام امتيازاتنا وصلاحياتنا بالكامل، لأنها تصب في مصلحة مجتمعاتنا”.
وأعرب بودي عن فخره “أن المجلس الفرنسي يختبر نماذج جديدة لمشاركة المواطنين في بلورة السياسات العامة. في بلد مجزأ مثل فرنسا اليوم، حيث فقد النقاش العام هدوءه وباتت تظهر اليوم أشكال جديدة من الراديكالية الاجتماعية وحتى الثقافية في بعض الأحيان”.
وقال: “نحن نشعر بواجب إعادة إحياء الفكرة الديمقراطية، لأنها مفهوم مسلم به ولا جدال فيه في أي مكان. وهي ليست حكرا على دولة واحدة فقط، لأن الديمقراطية الحديثة لا تنتمي إلى ثقافة محددة. وعلى هذا المستوى أيضا، وبعد مناقشاتنا، ألتزم لكم بأنني سأُحاول تيسير تهيئة الظروف التي ستسمحُ لكم بتنظيم عمليّة الإحالات المقدّمة إلى مجلسكم عن طريق الالتماسات. أعتقد أنكم أصبحتم تدركون لماذا أرى أن ولايتي تتجاوز الحدود الفرنسية أو الأوروبية.
وتابع: “هذا هو معنى الرئاسة الفرنسية لاتحاد المجالس الفرنكوفونية، الذي أتمنى أن يكون جامعا وطموحا. وهذا بالطبع هو الغرض من زيارتي إلى بلدكم الجميل، والذي يمكن لقواه الاقتصادية والاجتماعية، ويجب عليها أن تساعد بشتى الوسائل في حلّ الأزمة غير المسبوقة التي تعيشونها والتي أود أن أعبر، بإسمي ونيابة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الفرنسي، وأيضاً، باسم اتحاد المجالس الفرنكوفونيّة، عن تضامننا الكامل وثقتنا العميقة بقدرة لبنان، مع حلفائه التاريخيّين، على التغلُّب على التحديات الهائلة التي تواجهه”.