تقرير
——–
لماذا تجاوز الدين الأميركي عتبة
الـ 35 تريليون دولار؟
أظهرت بيانات موقع وزارة الخزانة الأميركية الإثنين (29/7/2024)، ارتفاع الدين العام إلى 35.001 تريليون دولار وذلك لأول مرة في تاريخه، بعدما كسر خلال الأسبوع الجاري، حاجز 34.6 تريليون دولار، مشكلاً أكثر من 149% من الناتج المحلي الإجمالي. ويشكل تصاعد دين أكبر اقتصاد في العالم مصدر قلق لصناع السياسة المالية والنقدية ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل يمتد إلى دوائر القرار في المصارف المركزية حول العالم، وقد أصدرت مؤسسة “بلومبيرغ إيكونوميكس”، تقريراً قالت فيه إن النظرة المستقبلية لأرقام الدين العام الأميركية مقلقة للغاية.
وكان هذا الدين قد لامس 33 تريليون دولار في سبتمبر 2023.
ببساطة، يشبه الدين الوطني الشخص الذي يستخدم بطاقة ائتمان للمشتريات ولا يسدد الرصيد الكامل كل شهر.
وتمثل تكلفة المشتريات التي تتجاوز المبلغ المدفوع عجزًا، في حين يمثل العجز المتراكم بمرور الوقت إجمالي ديون الشخص، وهذا ما جرى مع الحكومة الأميركية التي تنفق بمعدلات تفوق إيراداتها، إلى أن بلغ العجز 35 تريليون دولار منتصف هذا الشهر.
غير أن الولايات المتحدة في وضع فريد، لأنها تمتلك وتطبع الدولار – العملة الاحتياطية العالمية -، مما يسمح لها بتحمل الديون بتكلفة أرخص من الدول الأخرى.
ولكن يبقى السؤال، لماذا تراكم الدين الوطني ليصل لهذا لنحو؟
الجواب هو لأن إيرادات الحكومة الأميركية أقل من معدلات إنفاقها، وقد اعتمدت الحكومة على الاستدانة منذ نشأتها، ووصلت ديونها خلال الاستقلال بحلول عام 1791 ما يقرب من 75 مليون دولار، ثم تقلص الدين مع توسع الحكومة في بيع الأراضي التي تملكها.
وتسبب الكساد في نمو الدين العام، ثم تضاعف حجم الدين عدة مرات منذ بدء الحرب الأهلية، حيث ارتفع من 65 مليون دولار عام 1860 إلى مليار دولار عام 1863، وحوالي 2.7 مليار بعد وقت قصير من انتهاء الحرب عام 1865.
ونمت الديون بشكل مطرد خلال القرن الـ20، وكانت حوالي 22 مليار دولار بعد أن موّلت البلاد مشاركتها في الحرب العالمية الأولى والثانية.
وخلال الحرب الباردة أنفقت واشنطن مئات المليارات على ميزانية الدفاع، ثم أدت حربا العراق وأفغانستان وأوكرانيا إلى زيادة واسعة في حجم الدين، إضافة إلى حالة الركود الاقتصادي عامي 2008 و2009، قبل أن تضيف جائحة كورونا المزيد إلى الدين القومي، حيث ارتفع الإنفاق الوطني بنسبة 50% بسبب التخفيضات الضريبية، وبرامج التحفيز المالي، وزيادة الإنفاق الحكومي، وانخفاض الإيرادات الضريبية الناجمة عن انتشار البطالة.
كيف يمكن فهم حجم الدين العام الأميركي بصورة مبسطة؟
بلغ الرقم الرسمي لوزارة الخزانة الأميركية لديون الحكومة الفدرالية 31.7 تريليون دولار في العام 2023، وهذا يعني أن:
* نصيب كل مواطن أميركي من الدين العام أقترب من 95 ألف دولار.
* نصيب كل عائلة أميركية من الدين العام يقترب من 247 ألف دولار.
* الدين العام يبلغ أكثر من 6 أضعاف الإيرادات الفدرالية السنوية.
* يبلغ الدين العام 125% من الناتج المحلي الأميركي.