لماذا تضيّق الصين الخناق على الشركات الكبرى؟

مع فرضها قواعد جديدة هزت أسواق المال وفتحها تحقيقات، طاولت تدابير بكين الصارمة في كبرى شركاتها كل نواحي الحياة العصرية تقريبا لتطيح بمليارات الدولارات من الأسهم المدرجة في الصين وهونغ كونغ، وتثير ارتباك خبراء في الاستثمار. من الدروس الخصوصية بعد المدرسة إلى تطبيقات البث الموسيقي التدفقي والتسوق، وصولا إلى تشارك الدراجات، فقد تضررت مؤسسات كبرى في وقت تضيق بكين الخناق على الشركات لأسباب تقول إنها تتعلق بالأمن القومي ومكافحة الاحتكار. وسواء كان ذلك مدفوعا بميل الحزب الشيوعي إلى التحكم بمسار الأمور أو لتجنب تقلبات السوق التي تضر بجيوب الصينيين وسلامتهم، فإن قلة من الناس تتوقع أن تكون هذه نهاية التدابير. وحتى الآن تأثر عدد من القطاعات، وتراجعت أسهم تطبيق توصيل الطعام الأبرز، ميتوان، قرابة 15 في المائة مقارنة بيوم الجمعة، بعدما أعلنت الهيئات الناظمة عن قواعد جديدة لحماية العمال.وبات على أصحاب المصالح في قطاع توصيل الطعام المزدهر في الصين، والذي يعول عليه الملايين من موظفي المكاتب، الالتزام بالحد الأدنى للأجور و«تخفيف القيود المتعلقة بفترة التوصيل».

وأعلنت الصين أيضاً السبت الماضي عن قواعد جديدة، تفرض على مؤسسات الدروس الخصوصية أن تصبح غير ربحية وتمنع الدروس في عطلة الأسبوع، ما أدى إلى تراجع قيمة أسهم شركات التعليم الخاص. ويقول محللون إن تلك الخطوة جعلت الشركات عمليا غير قابلة للاستثمار. وقالت الحكومة إن القطاع الذي كانت قيمته 260 مليار دولار في 2018، وفق مؤسسة إل. إي. كي للاستشارات، «رهينة في يد رأس المال».

وحظرت السلطات شركة حجز السيارات ديدي شوكينغ من متاجر التطبيقات الصينية في مطلع يوليو (تموز)، بعد أيام على تحقيقها 4.4 مليارات دولار لدى طرح أسهمها في نيويورك. وكانت الشركة قد مضت في خطط طرح أسهمها رغم معارضة السلطات الصينية القلقة من أن يؤدي إدراجها في البورصة إلى جعل بيانات مستخدميها في أيد أجنبية. وأرسلت بكين في يونيو (حزيران) الماضي مسؤولين من سبع دوائر حكومية إلى الشركة لإجراء تحقيقات بشأن الأمن المعلوماتي في مكاتبها.

وجردت الصين أيضاً المتداولين من عملة بتكوين وغيرها من العملات المشفرة، واعتقلت أكثر من ألف شخص بتهمة غسل الأموال باستخدام عملات مشفرة في يونيو. وحظرت الصين التداول بالبتكوين في 2019، وأمرت عدة أقاليم بإغلاق أجهزة تعدين مشفرة شديدة الاستهلاك للطاقة، مشيرة إلى مخاوف بشأن زيادة استهلاك الطاقة.

كما فرضت سلطات مكافحة الاحتكار على عملاق التجارة الإلكترونية علي بابا المملوك من جاك ما، غرامة قياسية قدرها 18.2 مليار يوان (2.8 مليار دولار) في أبريل (نيسان)، بعدما قالت الحكومة إن المجموعة «استغلت وضعها المهيمن في السوق» بمنع تجار من الترويج لسلعهم على مواقع منافسة. وألغت السلطات في أواخر العام الماضي إدراجا مخططا له بقيمة 35 مليار دولار للذراع المالية للمجموعة «آنت فاينانشل» في البورصة، وأمرت «آنت» بالتخلي عن خدماتها المالية والعودة إلى أساسها كمنصة دفع إلكتروني.

وتتطلب مسودة قانون صادرة عن سلطات الفضاء الإلكتروني، أن تقدم المنصات التي تضم أكثر من مليون مستخدم، طلبا لدى إدارة الأمن الإلكتروني قبل الاكتتابات العامة في الخارج. وقد يلجم ذلك عمليات إدراج مستقبلية لشركات صينية في البورصة، لأنها ستفكر مليا قبل أن تثير غضب بكين. ويطال ذلك أيضاً جميع أنواع الشركات الناشئة في السوق الاستهلاكية الواسعة في الصين

مع ذلك يبدو أن المسؤولين يخشون ردود الفعل على تدابيرهم الأخيرة. ويوم الأربعاء دعت الجهات الناظمة كبار مدراء المصارف لاجتماع سعيا لتهدئة المخاوف إزاء القوانين المشددة، وفق وكالة بلومبرغ نيوز. وجاءت الخطوة بعدما أعادت الكثير من وسائل الإعلام المحلية مساء الأربعاء نشر تعليق من وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) جاء فيه أن «أسس تطوير سوق رأس المال في الصين لا تزال متينة». وسجلت الأسهم في قطاعات التكنولوجيا والتعليم المتضررة بشكل كبير ارتفاعا الخميس، فيما ارتفعت بورصات هونغ كونغ والبر الرئيسي بعد انتكاسة مطلع الأسبوع.

 

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةتعاون سعودي ـ بريطاني في حماية المناخ واقتصاد الفضاء
المقالة القادمةالتجارة العالمية لا تزال مهددة رغم التعافي القوي