عشية 17 تشرين 2019 كان مجموع الكتلة النقدية والحسابات غبّ الطلب بالليرة 11 تريليون ليرة.
في خلال 4 سنوات وبعد الانهيار المالي قام مصرف لبنان بطباعة 100 تريليون ليرة ليتمكّن من دفع ودائع المصارف، أي ودائع الناس على سعر صرف اخترعه، وليتمكّن من تسديد عجز القطاع العام. فشهدنا أسوأ وأصعب انهيار وادارة للأزمة بتاريخ لبنان وربما العالم.
طباعة المزيد من النقود تزيد مقدار النقد المتداول في الاقتصاد. نظرياً إذا تمت طباعة المزيد من الأموال، فسيكون المستهلكون قادرين على طلب المزيد من السلع. ولكن إذا كان لا يزال لدى الشركات نفس الكمية من السلع، فسوف يستجيبون من خلال رفع الأسعار. في نموذج مبسط، ستؤدي طباعة النقود إلى حدوث تضخم فقط.
يقول ميلتون فريدمان بأن طباعة المال مثل الادمان على الخمر، في البداية يكون التأثير ايجابياً أما في النهاية فهو سلبي جدّاً. والعكس تماماً في حال الاقلاع عن الخمر، في البداية يكون التأثير سلبيّاً جدّاً ثم بعد الاقلاع يبدأ الشعور الايجابي. والشيء نفسه في حال التوقف عن طباعة العملة، حيث يكون التأثير سلبيّاً في البداية فيحدث انكماش ثم يبدأ التعافي ويبدأ التأثير الايجابي بالنهوض الاقتصادي.
منذ شباط 2023 فتح حاكم البنك المركزي منصة صيرفة، فانخفض سعر الصرف من 140 ألفاً ليستقرّ عند 91 ألفاً، وراكم ديون / خسائر على مصرف لبنان في فترة 5 أشهر حوالى مليار دولار سجلها في الميزانية في حساب ديون أخرى، وهي عملياً حجم التداول على صيرفة لمدة أسبوع. حيث يدفع مصرف لبنان الاموال المودعة بعد أسبوع وكأنه استدان من السوق حوالى مليار دولار، فإذا توقفت صيرفة عليه تسديد هذا المبلغ. وهذا ما يبرّر تخوف نوّاب الحاكم، وأولهم النائب الاول وسيم منصوري، استلام كرة النار هذه بعد رياض سلامة.
وهناك لغز: في آخر أسبوعين قام مصرف لبنان بطباعة 6 تريليون ليرة وتوسعت M1 بـ23 تريليون ليرة وقد يكون السبب هو استعمالها لشراء فائض الدولارات من السوق، الذي سينتج من القيمة المضافة التي ستخلق من الموسم السياحي لاعادة تكوين الدولارات التي باعها خلال الاشهر الماضية لتثبيت سعر الصرف. في كل الأحوال ان كانت هذه الكمية لشراء الدولار في السوق سوف يترجم طبعها بطلب على الدولار مما سيترجم بارتفاع كبير في سعر الصرف.
لقد خلق رياض سلامة وحشاً ضارياً اسمه صيرفة، وأصبحنا جميعاً معه في الغرفة. فاذا توقفنا عن اطعامه سيرتفع سعر الدولار وينهار معه ما تبقّى من القطاع العام، واذا أكملنا نهدر ما تبقّى من الدولارات من الاحتياط ومن أموال الناس.
الوقت يداهمنا ولا بد من تصحيح الوضع من خلال صندوق النقد او من خلال مجموعة من القضاة يساندها الجيش ليقوموا بمحاسبة كلّ من مدّ يده الى الأموال المقدسة أي ودائع الناس.