الادارة الحكيمة لشركات التأمين مكنت هذه الشركات من التغلب على الصعوبات التي واجهتها منذ العام ٢٠١٩: الانهيار المالي والنقدي وحجز الاموال في المصارف وتراجع القوة الشرائية وفقدان الليرة اللبنانية ٩٥ في المئة من قوتها، ازمة كورونا، انفجار مرفأ بيروت، وغيرها من الصعوبات .
وفي الوقت الذي كانت تتعثر فيه القطاعات الاقتصادية كان القطاع التأميني يشق طريقه بنجاح ويعيد تصويب البوصلة من تحويل بوالص التأمين تدريجيا من الليرة اللبنانية الى اللولار الى الفريش دولار ويؤمن التوازن بين هذه الشركات والقطاع الاستشفائي من مستشفيات واطباء ومختبرات ودفع المستحقات في انفجار المرفأ، بحيث يمكن القول ان القطاع التأميني يعيش اليوم بسلام وتفاهم بينه وبين المؤمنين وبقية القطاعات الصحية .
وليس غريبا ان يتمكن هذا القطاع من تحقيق النجاح في الوقت الذي تساقطت فيه الجهات الضامنة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الى تعاونية الموظفين الى وزارة الصحة التي لم تتمكن من تأمين التغطية الصحية للمنتسبين اليها ، وبات المواطن يلجأ الى شركات التأمين ولو اضطر الى الاستدانة للحفاظ على صحته وصحة عائلته.
وفي هذا المجال تقول السيدة لارا سليمان عضو شركات التأمين ومديرة التطوير (…)
نعتقد اليوم أن المؤمنين قد اكتسبوا ثقة أكبر في قطاع التأمين أكثر من أي وقت مضى بعد أن خذلتهم الحكومة على عدة مستويات (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وزارة الصحة وما إلى ذلك). وقفت شركات التأمين إلى جانب عملائها في أصعب الأوقات خاصة خلال الأزمة الاقتصادية مروراً بانفجار بيروت حتى الآن. لم نتوقف يوما عن تغطية المؤمنين سواء في المستشفيات، حتى خلال فترة انهيار قيمة الليرة اللبنانية (عندما تمَ تسعير العلاجات بالدولار الأميركي النقدي)، أو عند وقوع حوادث السيارات (عندما تمَ تسعير قطع الغيار بالدولار الأميركي النقدي) أو عند وقوع أضرار لاحقة بالممتلكات…
لكن بسبب تراجع القوة الشرائية تؤكد سليمان ان ذلك ادى الى انخفاض قيمة أقساط التأمين بشكل كبير، في حين ظلَ عدد المؤمنين راكدًا تقريبًا. إنَ المؤمنين اختاروا درجة التأمين الأدنى في التأمين الصحي في حين تم تسعير الأقساط بنسبة 40٪ أقل من المعدل تقريبًا (على الرغم من أن الأقساط عادت اليوم إلى معدلها الطبيعي بسبب ارتفاع التضخم في الخدمات الصحية). وكذلك أدَى انخفاض قيمة السيارات إلى انخفاض قيمة التأمين، ولكن ما لبث أن عاد الوضع الى ما كان عليه (ما بعد الأزمة الاقتصادية).
ونظراً للتضخم المرتفع الذي شهدته أسواق السيارات والخدمات الصحية، فإنّ تكاليف الإصلاح والعلاجات الطبية ارتفعت حالياً بشكل كبير، ولا يستطيع المواطن تحمَل التكلفة وحده.
يعتبر التأمين أمرًا حيويًا بسبب الظروف الراهنة وفي ظل غياب أي دعم حكومي صلب.
وفي ضوء عودة شركات التأمين الى التسعير الكامل بالدولار الأميركي النقدي، لا ترى سليمان أي عجز لدى شركات التأمين لعدم الوقوف الى جانب المؤمنين. يبقى أن تختار بشكل صحيح شركة التأمين التي تلتزم بوعدها وتلتزم بكلمتها لتغطية المؤمنين بشكل عادل وثابت.
في فيدلتي، نقدَم للعديد من الشركات العريقة العاملة في السوق اللبناني تأمينًا صحياً جماعيًا لموظفيها. في بعض الأحيان يتحمَل صاحب العمل تكلفة التأمين بالكامل، وفي أحيان أخرى يتمّ تقاسمها بين صاحب العمل والموظف نفسه. وأعتقد أنّ القطاع الخاص لا ينبغي أن يتحمل تقاعس القطاع العام عن تأمين هذه المزايا للأجراء اللبنانيين. يجب على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووزارة الصحة أن يستعيدا أنشطتهما ومسؤولياتهما قريبًا تجاه المواطنين كما هو الحال في أي دولة أخرى. وينبغي على القطاع الخاص أن يعمل ويتنافس بحرية كما يحصل في أي سوق حرة.
وحول تأمينات اخرى قالت سليمان :
إنَ طلب التأمين يكون عادةً مستمدًا من حاجة معينة. عندما تم تخزين الكثير من الأموال النقدية في المنازل أثناء انهيار القطاع المصرفي، كان تأمين الأموال النقدية في الخزنات هو الأكثر طلباً لهذا الموسم. ولسوء الحظ، عندما اندلعت الحرب في الجنوب، كان تأمين العنف السياسي مطلوباً بشدة. لا تزال بعض التأمينات مطلوبة بشكل منتظم وهي تأمينات السيارات والتأمينات الصحية والإنشاءات وما إلى ذلك لأنَه لا يمكن الاستغناء عنها في ظلَ الظروف المالية والاجتماعية الراهنة.
وحول رأيها في عمليات الدمج بين شركات التأمين تقول سليمان :
تأتي عملية الاندماج والاستحواذ لدمج الأضعف مع الأقوى. نحن نؤيد هذه الممارسة تمامًا لأنها تزيل الشركات التي لا تعمل وفقاً لمعايير السوق من حيث الخدمة والتسعير والوفاء بالوعود. في النهاية، إنَ شركات التأمين تبيع وعدًا بالدفع عند وقوع حادث، وما يميَز الشركة الجيدة عن السيئة هو هذا المعيار على وجه التحديد. إنَ عمليات الاندماج أمر صحي ولكن ينبغي تنظيمه وإدارته بكفاءة لتحقيق النتائج المتوقعة.