لماذا يصرّ الصندوق على الكابيتال كونترول؟

بعدما «ضَرب يلّي ضَرب وهرب يلّي هرب»، عاد النقاش والبحث في قانون الكابيتال كونترول الذي كان من المفترض إقراره في تشرين الاول إثر اندلاع الثورة وتدهور الوضع المالي والاقتصادي، وتحويل ما أمكن من أموال كبار المودعين من مصرفيين وسياسيين وغيرهم الى الخارج.

بغَضّ النظر عما اذا كان كبار المصرفيين والنافذين قد حوّلوا 6 مليارات دولار الى الخارج بعد ثورة 17 تشرين، كما صرّح امس الاول مدير عام وزارة المالية المستقيل آلان بيفاني، فإنّ غياب اي قانون يقيّد التحويلات لن يصنّف تلك الاموال على انها مهرّبة او يدين مَن نقلها الى الخارج قضائيّاً ليُجبره على إعادتها، لأنّ الأزمة ستبقى قائمة مع ومن دون المليارات الستة المحوّلة الى الخارج.

وبما انّ الحكومة والمصارف ومصرف لبنان تهرّبوا جميعاً في السابق، من إقرار قانون تقييد التحويلات المالية الى الخارج، عادت لجنة المال النيابية لمناقشة اقتراح القانون أمس، بعد ان بات معلوماً انّ إقرار مثل هذا القانون هو من الاصلاحات المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي كتمهيد للأرضية قبل التوافق على أي برنامج إنقاذ.

لذلك، تم قبل حوالى الاسبوع تقديم اقتراح قانون معجل مكرر الى مجلس النواب يرمي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقديّة.

وفي هذا الاطار، أوضح محمد الحاج، وهو لبناني عمل لدى صندوق النقد الدولي لمدة 27 عاماً في مساعدة البلدان على معالجة مشاكل الاقتصاد الكلي وتصميم برامج التكيّف الاقتصادي لاستعادة الاستقرار المالي، انّ الهدف الرئيس من إقرار قانون الـ«كابيتال كونترول» بالنسبة لصندوق النقد الدولي، هو ضمان تنظيم استعمال الاموال الموجودة حالياً في النظام المصرفي، والتي قد يقرّها الصندوق بموجب اي برنامج إنقاذ يتم الاتفاق عليه مع الحكومة اللبنانية، بالاضافة الى اموال الدول المانحة التي قد يحصل عليها لبنان بعد توقعيه برنامج إنقاذ مع صندوق النقد الدولي.

وشرح الحاج لـ«الجمهورية» انّ صندوق النقد الدولي يعتبر انه طالما لا توجد ثقة حالياً في النظام المصرفي والسياسات الاقتصادية للحكومة، لا يمكن ضمان عدم خروج أي اموال قد يحصل عليها لبنان من الدول المانحة، سوى عبر وجود قانون يقيّد التحويلات المالية الى خارج لبنان، وذلك بشكل مؤقت الى حين استعادة الثقة بالوضع الاقتصادي والنظام المصرفي في البلاد.

واستغرب الحاج بشدّة عدم إقرار قانون مؤقت لـ»كابيتال كونترول» منذ 17 تشرين الاول الماضي «أو حتى قبل ذلك عندما بدأت التحويلات المالية الى الخارج تتسارَع بشكل كبير وبأحجام ضخمة خلال العامين 2019 و2020».

وسأل: طالما كان هدف الحكومة والبنك المركزي الحفاظ على استقرار العملة والوضع الاقتصادي، لماذا تمّ غَضّ النظر عن إقرار قانون تقييد التحويلات المالية الى الخارج؟

وأكد انّ مصرف لبنان كان يمكن أن يقيّد تلك التحويلات الى الخارج من دون وجود قانون لذلك، لأنّ قانون النقد والتسليف يمنحه صلاحيات الحفاظ على استقرار العملة المحلية والاستقرار الاقتصادي. وبالتالي، كان باستطاعته استغلال هذا البند لإصدار تعاميم تقيّد التحويلات الى الخارج.

وأكد الحاج انّ لبنان بحاجة لإقرار قانون الـ»كابيتال كونترول» بغَضّ النظر عن انه سيأتي متأخراً، لأنّ أي مبلغ مالي سيتم إيداعه في النظام المصرفي اللبناني اليوم في ظل فقدان الثقة بهذا النظام، سيكون عرضة للتشكيك بأنه قد يتم تحويله او تهريبه الى الخارج.

وبالتالي، لفت الى انّ اي قانون سيتم إقراره يجب ان يحرص على تقييد خروج الاموال التي يمكن ان يحصل عليها لبنان ضمن اي برنامج إنقاذ او من قبل الدول المانحة.

كما انّ الدائرة القانونية ودائرة الاسواق المالية في صندوق النقد الدولي ستراجع القانون بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية للتوَصّل الى توافق حول الاستثناءات المفروضة على رأس المال، والتي يجب ان يجيزها القانون، مشدداً على أنّ الهدف الرئيسي لصندوق النقد الدولي هو تجنّب اي عملية تحويل الى الخارج قد تتم لصالح افراد وخارج الاستثناءات المنصوص عليها في القانون، «لأنّ هذا الامر غير وارد بالنسبة له».

إقتراح قانون الـ«كابيتال كونترول»

المادة الاولى:

– تحظّر التحويلات إلى خارج لبنان من كافة الحسابات المصرفية العائدة لعملاء المصارف العاملة في لبنان بجميع أنواعها بما في ذلك حسابات الودائع الائتمانية، باستثناء الحالات ووفق الشروط المحدّدة بموجب هذا القانون.

– لا تتمّ السحوبات النقدية من الحسابات المصرفية كافة بما في ذلك حسابات الودائع الائتمانية وحسابات القيَم المنقولة بجميع أنواعها إلّا بالليرة اللبنانية، مهما كانت عملة هذه الحسابات، وضمن السقوف المحددّة من قبل مصرف لبنان من وقت الى آخر.

– يحظّر تحويل إلى خارج لبنان الـ Eurobonds المصدرّة من الدولة اللبنانيّة والـ GDR الصادرة عن المصارف اللبنانيّة، إذا كانت مودعة لدى وديع في لبنان.

– تسدّد شهادات الإيداع والقيم المنقولة وعائداتها الصادرة عن المصارف العاملة في لبنان بجميع أنواعها ومهما كانت عملتها في حسابات مصرفيّة في لبنان.

– لا تتمّ المقاصّة بالنسبة للشيكات المصرفيّة والشخصيّة مهما كانت عملتها إلّا بواسطة المقاصة الداخليّة في لبنان. ويكون للشيك الصادر من مصرف على نفسه او على مصرف آخر او مصرف لبنان قوة إبرائية.

المادة الثانية

مع مراعاة احكام المادة الرابعة أدناه، تستثنى من أيّة قيود تتناول تحاويل العملاء في المصارف العاملة في لبنان إلى الخارج:

1- الأموال الجديدة التي وردت وترد إلى المصارف العاملة في لبنان لصالح عملائها من حسابات مصرفيّة خارج لبنان اعتباراً من تاريخ 17 / 10 / 2019 او التي تودع نقداً في هذه الحسابات، على أن يُفتح لها حساب خاص لتمييزها عن أموال المودع الأخرى.

2- أموال الدولة اللبنانيّة ومصرف لبنان.

3- أموال المؤسسات الماليّة الدوليّة والسفارات والمنظمات الدوليّة والإقليميّة والعربية العاملة في لبنان.

4- بطاقات الائتمان بالعملات الأجنبية للاستعمال في الخارج بحدود السقوف المعمول بها بتاريخ 1 كانون الثاني 2020 كما يحددها كل مصرف.

5- صافي أقساط بوالص التأمين العائدة لشركات إعادة التأمين، وذلك بعد إثبات مقدار هذا الصافي بمستندات رسميّة صادرة عن وزراتي الماليّة والاقتصاد والتجارة.

6- المبالغ التي يطلب أيّ عميل صاحب حساب في مصرف عامل في لبنان، من هذا المصرف تحويلها من هذا الحساب إلى خارج لبنان، شرط:

– أن يكون حساب العميل المطلوب التحويل منه دائن وغير مجمّد، وأن يسمح رصيده بإجراء التحويل المطلوب.

– أن يهدف التحويل الى إحدى الغايات التالية حصراً وبحدود ما يلزم لتحقيقها:

أ-تسديد نفقات (المعيشة أو الطبابة أو الاستشفاء أو التعليم أو الإيجار) المترتّبة على العميل الذي هو شخص طبيعيّ، أو على زوجه أو زوجته أو أفراد عائلته الذين هم على عاتقه.

ب-إيفاء قروض ناشئة في الخارج قبل تاريخ 17 / 10 / 2019.

ت- تسديد ضرائب أو رسوم أو التزامات مالية ملحّة متوجبة لسلطات رسمية أجنبيّة.

ث- شراء المواد الأوليّة الضروريّة للصناعة أو الزراعة أو المواد الغذائيّة الأساسيّة أو المواد الطبيّة الضروريّة (أدوية ومستلزمات).

ج- شراء المحروقات والقمح والأدوية، والتي يقوم مصرف لبنان بتنظيمها وتمويلها خارج إطار هذا القانون ووفقاً للتعاميم التي تصدر عنه من وقت إلى آخر.

المادة الثالثة:

1- تحدد سقوف التحاويل المسموح القيام بها وفق ما هو منصوص عليه في الفقرة 6 من المادة الثانية اعلاه كل ستة أشهر بالتنسيق بين وزير المالية وحاكم مصرف لبنان، على أن يُصار الى تحديد شروط الاستفادة من مدرجات الفقرة 6 ث من المادة الثانية أعلاه لكل قطاع، بين وزير المالية والوزير المختص.

2- إنّ سقوف التحاويل المشار اليها أعلاه تطبقّ على العملاء بالنسبة لكافة حساباتهم في المصارف العاملة في لبنان.

3- يعود لمصرف لبنان تحديد سقوف السحوبات النقديّة بالليرة اللبنانيّة المشار إليها في الفقرة 2 من المادة الأولى أعلاه.

المادة الرابعة:

1- تنحصر جميع التحويلات الى الخارج المسموح القيام بها وفقاً لأحكام هذا القانون بمركزية التحاويل التي يتم إنشاؤها لدى مصرف لبنان.

2- يقوم مصرف لبنان بإصدار التعاميم التنظيمية ذات العلاقة، مع الأخذ بالاعتبار تَوفّر مراكز القطع وتوفر العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان.

المادة الخامسة:

تُناط بلجنة الرقابة على المصارف، بناء لشكوى العميل المتضرر، صلاحيّة التحقق من حسن تطبيق المصارف لأحكام هذا القانون وتعاميمه التطبيقية، على أن تستمع اللجنة ايضاً الى ملاحظات المصرف المعني.

المادة السادسة:

يحقّ لأي متضرر من قرار حاكم مصرف لبنان أن يطعن بالقرار المذكور ضمن 8 أيام عمل من تبلّغه القرار وذلك أمام محكمة الإستئناف في بيروت، على أن تبتّ هذه الأخيرة بالنزاع وفقاً للأصول المتّبَعة أمام قضاء الأمور المستعجلة، ويكون قرار محكمة الاستئناف غير قابل لأيّ طريق من طرق المراجعة العاديّة أو غير العاديّة.

رنى سعرتي – الجمهورية

المادة السابقةوزير الطاقة لـ “الصندوق”: “لا نعرف كيف سنفوتر”؟!
المقالة القادمةقطاع الخلوي: جرعة للمورّدين لا تُبعد الخطر