مؤسسات لم تطبق زيادة “غلاء المعيشة”.. هل ستلتزم؟

بعد مرور نحو شهر على صدور المرسوم رقم 9129 المتعلّق بإقرار بدل غلاء المعيشة للعمال والمستخدمين الخاضعين لقانون العمل، لا تزال غالبية المؤسسات متخلّفة عن تطبيقه، علماً أن قيمة الزيادة، وهي مليون و325 ألف ليرة، لا تزيد عن 48 دولارا فقط (باحتساب الدولار مقابل 27500 ليرة كمعدل وسطي).

ولا يقتصر التخلف عن تطبيق المرسوم على مؤسسات القطاع الخاص فحسب، بل يشمل السواد الأعظم من المؤسسات العامة والمصالح المستقلة، التي تعاني من الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة، كما باقي المؤسسات الخاصة. لكن وإن كانت الأزمات المتلاحقة تعيق عمل المؤسسات وتُضعف قدراتها المالية، فإنها من دون شك تطيح القدرة المعيشية للموظفين، ما يجعلهم في حاجة ماسة لأي زيادة على الرواتب التي فقدت قيمتها بشكل شبه تام.

الزيادات واشتراكات الضمان

يتضمن مرسوم غلاء المعيشة زيادة الأجور على الشكل التالي: للأجر الشهري الذي لا يتجاوز 4 ملايين، 1325000 ليرة. للأجر اليومي الذي لا يتجاوز 182 ألف 61000 ليرة. أما إذا تجاوز الأجر الشهري 4 ملايين أو اليومي 182 ألف، فتترك الزيادة لاتفاق الأجير وصاحب العمل.

وبالنظر إلى أن اشتراكات عدد من المضمونين مرتبطة بالحد الأدنى للأجور الذي تم رفعه الى مليوني ليرة، أصدر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي آلية تطبيق زيادة غلاء المعيشة للمستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل، عبر مذكرة تفصيلية بقيمة الاشتراكات الجديدة على الفئات التالية: السائقون العموميون، المخاتير، الطلاب الجامعيون، المتقاعدون وباعة الصحف.

من هنا فإن المؤسسات المتخلّفة عن الالتزام بمرسوم زيادة غلاء المعيشة لن تتمكّن لاحقاً من سداد الاشتراكات لصندوق الضمان الاجتماعي، كما لن يكون متاحاً لها التصريح عن موظفيها أو الحصول على أي معاملة من الضمان، وتالياً فإنها مُلزمة بتطبيق المرسوم وزيادة غلاء المعيشة لموظفيها.

المرسوم رقم 9129 الصادر بتاريخ 12 أيار 2022 ويتمتع بمفعول رجعي من 1 نيسان 2022، والقاضي بتعيين بدل غلاء معيشة للمستخدمين والعمال، مُلزم لكافة المؤسسات الخاضعة لقانون العمل والضمان الإجتماعي. وحسب المستشار القانوني لوزير العمل الدكتور عصام اسماعيل، فإن تطبيقه ليس خياراً والمؤسسات لا بد لها من تطبيقه عاجلاً أم آجلاً، لأنها من دون ذلك لن تتمكن من التصريح عن موظفيها ولا سداد اشتراكات، باعتبار أنه لم يعد ممكناً التصريح عن رواتب الحد الأدنى 675 الف ليرة.

ملاحقة المؤسسات

مرسوم غلاء المعيشة صدر ليُطبق وسيطبق، لكن وزارة العمل تراعي الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمؤسسات، على ما يقول اسماعيل في حديث إلى “المدن”. فلا شيء يمنع وزارة العمل من تسيير مفتشيها إلى المؤسسات، وكذلك صندوق الضمان يمكنه التحقق من التزام المؤسسات، “لكننا نستمهل ذلك إفساحاً في المجال للمؤسسات المتعثرة أو التي تواجه صعوبات مالية لتطبيقيه تدريجياً، وفي مطلق الأحوال عندما تعمل المؤسسات على تطبيقه سيتم ذلك بمفعول رجعي قطعاً”.

ويحسم اسماعيل مسألة زيادة الأجور لجهة توصيف الزيادة الواردة في المرسوم بالقول: “هذه زيادة على الراتب وهي الحد الادنى لزيادة مضافة، وليس الحد الأدنى للأجور، فالأخير لا بد من تعديله عندما تستقر الأوضاع وسعر صرف الدولار، وحينها سيكون أعلى من الزيادة الحالية بكثير”.

بالنتيجة “تراعي وزارة العمل العمال والمؤسسات على السواء وهي ستعمل على متابعة تطبيق مرسوم زيادة غلاء المعيشة “بالحسنى وتدريجياً في سبيل الوصول إلى التطبيق الكامل له”.

آلية التطبيق

وعن آلية تطبيق المؤسسات مرسوم غلاء المعيشة، فقد أرسلت العديد من المؤسسات أسئلة لوزارة العمل ترتبط بتفاصيل عملية تطبيق المرسوم، فبادرت الوزارة إلى إصدار تفسيرات للأسئلة المثارة، منها أنه في حال كان صاحب العمل قد منح العامل زيادة كسلفة أو مساعدة تفوق مبلغ 1325000 ليرة، فتعتبر الزيادة حقاً مكتسباً للأجير.
وعلى أصحاب العمل السعي وفق إمكانات مؤسساتهم ضمان مبدأ المساواة بين الأجراء، والسعي إلى تقرير زيادة مناسبة للأجراء الذين تتجاوز أجورهم الشهرية 4 مليون ليرة أو أجورهم اليومية 182 ألف ليرة.

كما أن المؤسسات العامة الخاضعة لقانون العمل التي منحت مساعدات اجتماعية للمستخدمين والأجراء العاملين لديها، فإنه يعود لها اخاتيارياً وقف تسديد المساعدة عند بدء تنفيذ المرسوم رقم 9129 وإدخال الزيادة الإضافية المقررة على الأجر الشهري أو اليومي للعامل. وحسب وزارة العمل فإن سلف غلاء المعيشة الممنوحة للأجراء والمستخدمين منذ ما يزيد عن عامين، وتشكل جزءاً من راتبهم، لا يجوز حسم قيمتها عند تطبيق المرسوم.

وعملاً بمبدأ المساواة أمام القانون ومنعاً لأي تمييز بين فئات العاملين على الأراضي اللبنانية، فإن الزيادة تشمل العاملين في كافة الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات، كما يستفيد من المرسوم العمال الزراعيون وأفراد الهيئة التعليمية والإداريين في المدارس والمعاهد الخاصة. ويتمتع مرسوم الزيادة المضافة على الحد الأدنى للأجور بمفعول رجعي يعود إلى 1 نيسان.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةالذهب الملاذ الآمن مع استمرار تقلبات الاقتصاد العالمي
المقالة القادمةمصارف “الزومبي” تعتاش على المال العام..وثلثا موجوداتها بـ”المركزي”