ماذا دار بين وفد” تاسك فورس” المصارف وصندوق النقد الدولي ؟

في آخر زيارة لوفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان برئاسة ارنستو راميريز قام بعقد سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين ورؤساء اللجان النيابية ومصرف لبنان ووزير المالية والمصارف تم التداول فيها بالازمة وطرق حلها، لكن الإجتماع الأهم الذي كثر اللغط حوله هو الذي عقد في بنك عوده حيث عقد الوفد اجتماعا مع لجنة التنسيق المصرفية المسماة تاسك فورس مع بعض الوجوه المصرفية وقد قيل أن بعضهم طالب بشطب الودائع والبعض الآخر وافق على دفع قيمة ١٠٠٠٠٠دولار من الوديعة . في الحقيقة الامر أن الاقاويل انتشرت حول هذا الموضوع بسرعة وقد تناولت الأحاديث هذا الإجتماع حتى أن الآراء قد تنوعت إلى درجة أن الحقيقة لم تعد معروفة على الإطلاق لذا ماذا تقول مصادر مصرفية شاركت في هذا الاجتماع حول هذا الموضوع وهل صحيح ما تم تداوله مؤخرا؟.

تقول هذه المصادر ان جمعية المصارف اختارت بعض التقنيين للتواصل مع المصرف المركزي ومع صندوق النقد للتباحث بموضوع التداول بالأرقام المتعلقة باحجام الودائع وكيفية تقسيمها . أن فريق العمل هذا يطلق عليه “task force” وأن العضوية كانت مفتوحة.أن عمل الفريق هو التنسيق تقنيا بالأرقام وتوزيع الودائع وانواعها او بشكل مختصر تأليف داتا فيها كل المعلومات بهذا الخصوص.لقد عقد الـ task force الخاص بمصرف لبنان اربعة اجتماعات مع صندوق النقد الدولي ،كما تم عقد عدة اجتماعات مع الإقتصاديين المعروفين في جمعية المصارف وكذلك مع التقنيين فيها وقد قيل منذ فترة أنه لا ضرورة لوجود جمعية التقنيين هذه رسميا. أن وفد الصندوق في زيارته الأخيرة طلب الإجتماع بفريق التقنيين بحكم العادة للإطلاع على آخر التطورات الحاصلة.

انا اقول بأن البعض يحاول الاصطياد في الماء العكر. أولا أن الاجتماعات التي حصلت كانت اجتماعات روتينية والصندوق طبعا هو من يحدد الأسماء التي يجتمع بها وما قيل في الاجتماعات يعني كل المصارف وقد تم التركيز على أن الأزمة هي أزمة نظامية فالفجوة المالية موجودة فعليا في المصرف المركزي ولا يجوز تحميل المسؤولية لرؤساء مجالس الإدارة والمدراء العامين وكبار المساهمين في النتيجة لن يأتي إلى لبنان اي مصرف محلي او اجنبي لضخ أموال خاصة فيه في حال لم يكن الحل يراعي وجوب استمرارية القطاع المصرفي كما لا يجب وضع حل لا يستطيع القطاع المصرفي تحمله. أن موقف المصارف بشكل عام هو مع أي حل تطرحه الحكومه مع مراعاة قدرة المصارف على تحمل هذا الحل وان يراعي حقيقة الأزمة على انها أزمة نظامية . إن الصندوق موافق على هاتين النقطتين لكنه استغرب كيف أن الحكومة تصدر مشاريعها دون أخذ رأي المصارف المعنية بها وعدم وجود لجنة مشتركة لوضع حل عادل يشمل كل المعنيين بالأمر. لقد قلنا للوفد اننا للأسف لا زلنا متقوقعين في منطق شعبوي بدل إيجاد الحل الفعلي المناسب الذي يراعي قدرة المصارف على تحمله وقدرتها على الإستمرار فلا وجود فعلي للاقتصاد دون قطاع مصرفي. لقد تم حتى الآن عرض حلول لا تراعي هذا الأمر. ان الكلام الذي يقول بمسؤولية الدولة والمصرف المركزي يبقى كلاما وعند التطبيق يتبين لنا أن دور الدولة صغير جدا .

كيف تعللون ذلك؟

انها عملية شعبوية، لقد مضى على الأزمة خمس سنوات لذلك برأيكم الا يوجد حل ما فكأن القطاع المصرفي موضوع على لائحة الإنتظار إلى ما شاء الله كيف تفسرون ذلك؟

برأيي الحل ليس صعبا. أن الكل اليوم يعلم أنه يوجد مبلغ من المال علينا رده خلال فترة قصيره ومبلغ آخر يتم رده عن طريق صندوق استرداد الودائع خلال فترة أطول. ان الكل متفق على إيجاد حل عادل وان لا يتحمل المودعون وحدهم المسؤولية . يحب أن يتم رد المال حسب قدرات الدولة الحالية والقطاع المصرفي ومصرف لبنان بشكل سريع والمال المتبقي يتم تحويله إلى صندوق استرداد الودائع ويسهم فيه الجميع اي الدولة والمصارف والمصرف المركزي وذلك للخروج من الأزمة نهائيا. أن القصة لم تعد معقدة لكنها تحتاج إلى إرادة للحل والسير به . أن الصندوق لا مشكلة لديه في الأسس إنما هو يقول بأنه لا بد من وجود مشروع واضح يستطيع الكل السير به وان يتم عرضه على الصندوق والاتفاق معه عليه . لكن الصندوق يرى بوضوح بأنه لا جدية في الموضوع والبرهان على ذلك أن الحكومة تطرح مشروعا لا تشكل المصارف أحد اطرافه وهي المعنية به .

ما الحقيقة في مطالبة بعض المصارف خلال الإجتماع الأخير بشطب الودائع؟

أن هذا الأمر لم يحدث ابدا.ان الصندوق لا يطرح الحلول وهي عادة تأتي من الدولة اللبنانية. أن الصندوق يريد التأكد من أن الدين الذي تتحمله الدولة ليس أكبر من الإقتصاد فلا يجب أن يكون لدى الدولة ديون أكبر من حجم اقتصادها وهو لا يمانع وجود صندوق لاسترداد الودائع ضمن معايير مقبولة منه. أيضا الصندوق يهمه وجود توافق داخلي على حل توافق عليه كل الاطراف ويقر في المجلس النيابي وهذا متعذر حاليا بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية وقدرة المجلس النيابي على التشريع.ان الصندوق يطالب أيضا باقرار القوانين اللازمة بسرعة وهو يشعر بالخطر الداهم القادم من وضع لبنان على اللائحة الرمادية وخطر تحرك حاملي سندات اليوروبوندز قريبا لذا لا بد من حركة سريعة لتفادي الوقوع بأزمة أكبر واخطر.

هل المصارف اليوم قادرة على دفع ١٠٠٠٠٠ دولار للمودع ؟

في النهاية المصارف توافق على اي حل يراعي قدراتها . أن أموال المصارف موجودة في المصرف المركزي وهي أموال المودعين، لديها بعض السيولة في الخارج إلى جانب بعض التسليفات. أن المصارف قادرة على رد ١٠٠٠٠٠دولار على أن يسمح لها المصرف المركزي استعمال اموالها الموجودة لديه. أما المبالغ الأخرى فوق ١٠٠٠٠٠ فتوضع في صندوق استرداد الودائع وهي بشكل تدريجي تدفعها للمودعين مستقبلا عن طريق بعض ايرادات الدولة وبعض ارباحها . في النهاية على الكل المشاركة لرد أموال الناس. أن المصارف يهمها مصداقية لبنان والا يتم شطب الودائع. انها تريد رد الودائع بطريقة عملية وواقعية.

على اية حال يبدو ان الازمة المصرفية مستمرة والحكومة ليست في وارد ايجاد الحلول ولا في تحمل مسؤولية بعض الخسائر بل ما تزال مصرة على ان تتحمل المصارف التي ليس باستطاعتها تحمل بمفردها هذه الخسائر ، لذلك عليها الاقرار بمسؤوليتها عن الخسائر وبعدها لكل حادث جديث .

مصدرالديار - جوزف فرح
المادة السابقةانقسام جمعيّة المصارف مستمرّ: اجتماع بروتوكولي فارغ
المقالة القادمةاحذروا صندوق النقد الدولي