علاماتُ استفهامٍ عدة تُطرح اليوم في ما يتعلّق بالتراجعات اللافتة التي تشهدها بورصة بيروت، لا سيما ما جرى في الجلستين الأخيرتين، حيث طاول التراجع أسهم سوليدير والمصارف على السواء. فماذا يحصل في بورصة بيروت؟ وما أسباب هذ التراجع؟
سجّلت بورصة بيروت في آخر جلستي تداول تراجعات لافتة، فقد أقفلت الاسبوع الماضي على تراجع لسعر سهمَي سوليدير بحيث انخفضت الفئة “أ” 6.53 في المئة ليتراجع سعرها من 5.66 دولارات الى 5.05 دولارات، وتراجعت الفئة بنسبة 13.62 في المئة متراجعة من 5.65 دولارات الى 4.88 دولارات، لتعود وتتحسّن الاسعار في اولى جلسات هذا الاسبوع بعد عطلة عيد الفصح فتقدم سعر سهم الفئة “أ” بنسبة 2.54 في المئة ليقفل على 5.42 دولارات، والفئة “ب” زادت بنسبة 8.60 في المئة لتقفل على 5.30 دولارات.
اسعار اسهم المصارف لم تسلم بدورها من هذا التراجع رغم انها انهت أخيراً توزيع أنصبة الأرباح الى مساهميها، فقد تراجع سعر سهم بنك لبنان والمهجر – شهادات إیداع 6.36 في المئة، وبنك لبنان والمهجر – اسهم مدرجة 8.30 في المئة في جلسة يوم الخميس الماضي، أما في جلسة امس فقد تراجعت اسعار اسهم بنك عودة، بنك عوده -شهادات إيداع وبنك بيبلوس بنسبة 5.10% و 3.86% و 9.55% على التوالي. فماذا يحصل في بورصة بيروت؟ وما الذي دفع الى هذا التراجع الدراماتيكي؟
يقول الخبير الاقتصادي نسيب غبريل لـ”الجمهورية” إنّ بورصة بيروت لا تلعب دوراً في تمويل الاقتصاد اللبناني أو دوراً مكمّلاً للقطاع المصرفي في تمويل الاقتصاد مثلما يحصل في بورصات أخرى في أسواق ناشئة، أو حتى في الدول العربية، والدليل عدد الأسهم المدرَجة فيها والتي لا تتجاوز 12 شركة، وقيمتها الرأسمالية متواضعة جداً وهي من الأصغر في الدول العربية.
وعزا غبريل هذا التراجع الذي تشهده بورصة بيروت الى القرارات التي اتُخذت في العام 2018، والتي هبط على أثرها مؤشر البورصة 25 في المئة، بحيث نصّت هذه القرارات على رفع الضريبة على توزيع أرباح أسهم الشركات المدرَجة على البورصة بنسبة 100%، فبعدما كانت هذه الضريبة بنسبة 5% كحافز لإدراج الشركات على البورصة ارتفعت الى 10 في المئة، في المقابل رفعوا الضريبة على فوائد الودائع من 5 الى 7% أي نحو 40 في المئة. وبنتيجة هذه القرارات عمد كل مَن يملك أسهماً في البورصة الى بيعها ووضعها كوديعة في المصارف حيث نسبة الضريبة أقل.
واعتبر أنّ هذه القرارات كانت خاطئة جداًَ في ظلّ اقتصاد لم يزد نموُّه في العام 2017 عن 0.6%، مع العلم أنه في حالة الركود يجب خفض الضرائب لإنعاش الاقتصاد وإعطاء حوافز، فلجأت الدولة الى رفع الضرائب على الاستهلاك والدخل والأرباح وعلى الأموال المنقولة ما أدّى الى هبوط البورصة منذ العام 2018.
واعتبر غبريل رداً على سؤال أن لا علاقة لهذا التراجع في أسعار الأسهم بما يُساق عن أنّ هناك تسويات سيتمّ اتخاذُها مع المصارف في سياق سياسة معالجة العجز في الدين العام، لافتاً الى أنّ الهبوط بدأ منذ العام 2018 نتيجة للأسباب التي سبق وذكرناها.
وأشار الى أنّ البورصة في حالة نوم وهي لم تتحرك رغم التسوية السياسية في العام 2016، والانتخابات في العام 2018، ورغم تشكيل الحكومة لأنها بحاجة الى حوافز لعل أبرزها إدراج شركات خاصة في البورصة من أجل خلق حركة في البورصة خصوصاً وأنّ السيولة منخفضة، حركة بيع وشراء الاسهم منخفضة، عدد الاسهم المتداول منخفض وكذلك قيمة الاسهم، لذا المطلوب اليوم لتشجيع البورصة وليصبح لديها دور في الاقتصاد أن تُقدم الشركات على إدراج اسهم في البورصة.
لكن للاسف، إنّ رفع الضريبة على توزيع ارباح اسهم الشركات المدرجة على البورصة الى 10 في المئة لن يشجّع الشركات على إدراج أسهمها في البورصة.
فالمطلوب اليوم على سبيل المثال إدراج شركات مربحة في البورصة مثل شركة طيران الشرق الاوسط كما سبق وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشركات الاتصالات الخلوية… هذه الخطوة كفيلة بجذب مستثمرين وصناديق استثمار وشركات خاصة أخرى ما سيزيد السيولة والحركة في البورصة.