مشاهد عبوات المازوت والبنزين تباع على ارصفة طرابلس وضواحيها وباسعار تفوق اسعار السوق السوداء، تختزل ما آل اليه الوضع اللبناني من تدهور في شتى مناحي الحياة العامة، لا سيما في طرابلس وشمال لبنان الذي تتسع فيه مساحات العوز والفقر، مع انسداد آفاق العمل مما دفع بالفتيان الى انتهاز فرص شح مادتي البنزين والمازوت في المدينة التي عرفت بفيحاء الشمال التي يرتادها الشماليون من كل حدب وصوب …
على هذا الرصيف وذاك عبوات المازوت يباع التسعة ليترات بــ ١٩ ألف ليرة… اي بلغ سعر صفيحة المازوت لدى هؤلاء الفتيان ١٢١ ألف ليرة لبنانية مقابل سعرها الرسمي الذي حدد امس بـ ٢٨ ألف ليرة ومثلها صفيحة البنزين التي تباع على ارصفة المدينة وضواحيها وصولا الى أرصفة المنية والعبدة في عكار، باسعار تتراوح بين ستين الفا وسبعين ألف ليرة للصفيحة الواحدة التي لا تتجاوز سعتها الـ ١٨ ليترا مقابل السعر الرسمي المحدد ب ٣٩ ألف ليرة…
دوريات أمن الدولة لم توفر جهدا في مكافحة هذه الظاهرة المستجدة في طرابلس والشمال الناجمة عن شح مادتي البنزين والمازوت، والذي ترك انعكاسات سلبية على المولدات الكهربائية التي اضطر اصحابها الى تقنين كهرباء الاشتراك، ورفع فاتورة الاشتراك لتتراكم معها الاعباء المالية والمعيشية على العائلات التي فقدت موارد الرزق او انخفضت لديها القيمة الشرائية لرواتبها…
وحسب متابعين في المدينة ان ظاهرة بيع المازوت والبنزين يقف خلفها مستغلون ينتهزون فقدان المازوت والبنزين وحاجة المواطنين الى هاتين المادتين الاساسيتين ويفرضون الاسعار التي يشاؤون في ظل خطر اطفاء مولدات الاشتراك، وشح البنزين حتى باتت طوابير السيارات التي تنتظر دورها امام محطات البنزين مشاهد يومية لم يشهدها الطرابلسيون في زمن الحرب الاهلية …
ولعل طوابير السيارات عند محطات البنزين تختصر مآسي الطرابلسيين الذين اثقلوا وارهقوا بالضغوط المعيشية والمالية وتحولت حياتهم الى ما يشبه الجحيم على مختلف الاصعدة وزادتها اوجاعا جائحة كورونا التي تتفاقم يوميا نتيجة تواصل الاستهتار باجراءات الوقاية والحماية الصحية …
اما بيع المازوت على الارصفة فحدث ولا حرج فهي الفرصة لتحقيق ارباح مستغلين شح المادة وفقدانها في بعض الاحيان، ويبدي مواطنون كثر مخاوف انقطاع المازوت كليا في المدينة فتتوقف مولدات الاشتراك عن العمل ويعم الظلام في ظل التقنين القاسي المعتمد من مؤسسة الكهرباء حيث تبدو احياء وشوارع طرابلس ليلا مغمورة بالظلام وهذا حسب ذاكرة كبار السن ما لم يحصل في سنوات الحرب الاهلية.