اتخذت وكالة «فيتش» قرارها خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى «إيه إيه+» من «إيه إيه إيه» بسبب المخاوف المالية وتدهور الحوكمة الأميركية بالإضافة إلى الاستقطاب الذي انعكس جزئياً في أعمال الشغب التي حصلت في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، وفق ما أوضح ريتشارد فرنسيس، وهو مدير كبير في وكالة «فيتش».
وكانت «فيتش» قد أقدمت على خطوة فاجأت المستثمرين، بقرار خفض تصنيف الولايات المتحدة إلى «إيه إيه+» من «إيه إيه إيه» الثلاثاء، مشيرة إلى التدهور المالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ولافتة إلى مفاوضات الحد الأقصى للديون التي تهدد قدرة الحكومة على سداد فواتيرها.
وهي المرة الثانية في أكثر من عقد التي تتعرض الولايات المتحد لخفض تصنيفها، بعد إجراء سابق قامت به وكالة «ستاندرد أند بورز» في عام 2011.
وقال فرنسيس لـ«رويترز» إن الوكالة استندت في قرارها جزئياً إلى التدهور الملحوظ في الحوكمة الأميركي، والذي قالت إنه أعطى ثقة أقل في قدرة الحكومة على معالجة قضايا المالية العامة والديون.
أضاف: «لقد كان شيئاً أبرزناه لأنه مجرد انعكاس لتدهور الحوكمة، إنه واحد من أمور أخرى عدة… هناك سقف الديون. هناك 6 يناير… من الواضح، إذا نظرت إلى الاستقطاب مع كلا الطرفين… لقد ذهب الديمقراطيون إلى اليسار والجمهوريون إلى اليمين، لذا فإن الوسط ينهار بشكل أساسي».
يشير فرنسيس إلى أعمال الشغب التي حصلت في الكابيتول في السادس من يناير 2021 حين اقتحم أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب مقر الديمقراطية الأميركية، والتي قال المسؤول في «فيتش» إنها من بين الأسباب التي دفعت الوكالة إلى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.
وقال: «إن التدهور انعكس في تمرد 6 يناير، والذي أبرزته الوكالة في مناقشات مع وزارة الخزانة. عقدت فيتش اجتماعات مع وزارة الخزانة قبل خفض التصنيف».
وكانت يلين قالت فور صدور خفض التصنيف إنها تعارض بشدة هذا القرار، الذي وصفته بأنه «قرار تعسفي ويستند إلى بيانات قديمة»
وقالت يلين: «لقد انخفض التصنيف الكمي لفيتش بشكل ملحوظ بين عامي 2018 و2020 – ومع ذلك تعلن وكالة فيتش عن تغييرها الآن، على الرغم من التقدم الذي نراه في الكثير من المؤشرات التي تعتمد عليها فيتش في قرارها». وأضافت: «لقد أظهرت الإجراءات المتعلقة بالحوكمة، تحسناً على مدار عهد هذه الإدارة، مع تمرير تشريع من الحزبين لمعالجة حدود الديون، والاستثمار في البنية التحتية، والقيام باستثمارات أخرى في القدرة التنافسية للولايات المتحدة».
وألقت المتحدثة باسم البيت الأبيض بالمسؤولية على المسؤولين الجمهوريين الذين وصفتهم بالتطرف، واتهمتهم بالتخلف عن السداد وتقويض الحكم والديمقراطية والسعي لتوسيع الإعفاءات الضريبية للأثرياء والشركات بما يمثل تهديدا مستمرا للاقتصاد الأميركي.
وجاء خفض تصنيف «فيتش» بعد ثلاثة أشهر تقريباً من توقيع الرئيس بايدن اتفاقاً لرفع حد الدين قبل أيام فقط من توقع تخلف الولايات المتحدة عن سداد الدين القومي. وحذرت «فيتش» آنذاك من أن الدين المتزايد – الذي وصل حاليا إلى أكثر من 32 تريليون دولار – وعدم قدرة الكونغرس على إدارته بطريقة منتجة ومسؤولة يشكلان تهديدات للجدارة الائتمانية للولايات المتحدة.
ماذا يعني خفض التصنيف إلى «إيه إيه +»؟
بحسب «بلومبرغ»، ينخفض تصنيف «إيه إيه +» درجة واحدة فقط عن «إيه إيه إيه»، ما يعني أن الولايات المتحدة لم تعد صاحبة ما تُعرفه «فيتش» بأنه «أعلى جودة ائتمانية». بينما تشير «فيتش» إلى أن تصنيف «إيه إيه» يدل على أن «توقعات وجود مخاطر تخلف عن السداد محدودة للغاية»، إلا أن هذا يشكل تراجعاً عن «أدنى توقع لمخاطر التخلف عن السداد» لمقترضين مصنفين «إيه إيه إيه».
هل من تداعيات لخفض التصنيف؟
لا تتوقع معظم شركات السمسرة الكبرى عبئاً مستمراً على الأسواق المالية الأميركية بعد تحرك «فيتش»، مشيرة إلى أن الاقتصاد أقوى الآن مما كان عليه في عام 2011 عندما خفضت «ستاندرد آند بورز غلوبال» تصنيف الديون السيادية الأميركية.
لكن مؤشرات «وول ستريت» الرئيسية افتتحت على انخفاض يوم الأربعاء بعد أن أثرت خطوة «فيتش» المفاجئة على الرغبة في الأصول الخطرة. وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي 78.76 نقطة، أو 0.22 في المائة، عند الفتح إلى 35551.92.
وارتفع الذهب والين الياباني الملاذات الآمنة، في حين ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.5 في المائة.
وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات، بعد الانخفاض الأولي بواقع 3 نقاط أساس إلى 4.078 في المائة، في حين أن مقايضات التخلف عن سداد الائتمان، التي تضمن التعرض لسندات الخزانة الأميركية، لم تتأثر كثيراً.
وارتفع الدولار بنسبة 0.44 في المائة مقابل سلة من أقرانه.