يُعتبر البحر الأحمر ومضيق “باب المندب” ممراً ملاحياً حيوياً ويمتاز موقعه بأهمية استراتيجية وجيوسياسية كبيرة ومحورية، تمر من خلاله 40% من التجارة بين آسيا وأوروبا.
ويشهد هذا الممر منذ شهر تشرين الثاني الماضي توترات إثر الهجمات المتتالية التي شنها الحوثيون على سفن شحن البضائع المتجهة نحو إسرائيل أو المملوكة لشركات تابعة أو داعمة لها .
ومن الطبيعي أن تطال الأحداث في البحر الأحمر لبنان، أن كان لجهة الإستيراد أو لجهة التصدير سيما وأن شركات شحن عالمية غيرت مسار رحلاتها، وما نتج عن ذلك من زيادة مسافة ومدة وكلفة الشحن.
الوضع حرج في البحر الأحمر! بهذه العبارة يبدأ رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائيّة هاني بحصلي حديثه للديار
ويقول : منذ بدء الأعمال العدائية، في منتصف ديسمبر/كانون الأول تقريباً، حذرنا من أنه إذا استمرت المشكلة، فسنشهد بالتأكيد أزمة غذائية على نطاق عالمي. وهذا ما تحقق للأسف.
ولم تعد السفن، أو معظمها، تمر عبر البحر الأحمر للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، بل تمر حول أفريقيا عبر قرن الرجاء الصالح، مما يتسبب في تأخير أكثر من 20 يومًا وزيادة في الشحن بنسبة 100 إلى 150%. الحاوية التي كانت تكلف 2000 دولار بين الصين ولبنان تكلف الآن 5000 دولار.
ونتيجة لذلك يلفت بحصلي إلى أن تكاليف البضائع القادمة من الشرق الأقصى سترتفع بنسبة تتراوح بين 2 و15% مشيراً إلى أن هذا الاختلاف يعتمد على تكلفة البضاعة، لأن أجرة النقل ثابتة لكل دفعة، ولا تعتمد على قيمة البضاعة.” ونتيجة لذلك، فإن الحاوية التي تبلغ تكلفتها 20000 دولار سيكون لها زيادة في الشحن قدرها 3000 دولار (من 2000 دولار إلى 5000 دولار)، وبالتالي زيادة قدرها 15٪ على التكلفة الأولية”.
من ناحية أخرى يشير بحصلي إلى إن الحاوية التي تكلف 100000 دولار ستحقق زيادة قدرها 3٪ فقط (من 100000 دولار إلى 103000 دولار).
لافتاً إلى أن التأخير في وصول البضائع سيكون من 20 إلى 30 يومًا كحدّ أقصى مؤكداً أن هذا سيؤدي إلى تعطيل سلسلة التوريد، دون أن يؤدي إلى خطر الانقطاع الكامل للبضائع، خلافاً للوضع عندما تكون المرافئ اللبنانية مغلقة نتيجة حرب محلّية. “خاصة وأننا في فترة التموين لشهري رمضان وعيد الفصح، ومن هنا خطر انخفاض العرض في مواجهة الطلب المتزايد، مما يسبب ارتفاعاً جزئياً في الأسعار” .
بكداش
أما نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين زياد بكداش فيقول في حديثه للديار كل القطاعات الإنتاجية والتجارية تأثرت سلباً بما يجري في البحر الأحمر و باب المندب بعد زيادة كلفة الشحن والتأمين، إضافةً إلى ذلك زادت من جراء الحرب في المنطقة عامةً والجنوب اللبناني خاصةً كلفة التأمين ضد الحرب على المواد الأولية والصادرات معاً، مشيراً أن التأمين ضد الحرب يتضمن فقط تأمين من المصدر إلى باب المرفأ ومن باب المرفأ إلى المصنع ” أي أن التأمين لا يتضمن مدة وجود المستوعبات على أرض المرفأ وهنا الخطر الأكبر” .
ووفقاً لبكداش من جراء كل ذلك تتأثر كلفة المنتجات في السوق المحلي والتصدير معاً ،متخوفاً أن تكون سنة ٢٠٢٤ سنة صعبة جداً بحيث سترتفع أسعار البضائع والإستهلاك سينخفض ،” ولا ننسى زيادة الضرائب في الموازنة والأزمة الإقتصادية الخانقة التي ستكون نتائجها سلبية على المستهلك والمصنع”.
وإذ أسف بكداش لأن المستهلك سيكون المتضرر الأكبر و كما أنه ستنخفض مبيعات المؤسسات الصناعية، قال في بلد كلبنان حيث المراقبة غير مجدية و غير موجودة سيكبر الإقتصاد الغير شرعي على حساب المؤسسات الشرعية .
وحول نسبة تراجع الصادرات قال بكداش لا يوجد أرقام لانخفاض الصادرات لأن المجلس الأعلى للجمارك يتأخر بإصدار الأرقام تتطلب شهرين أو ثلاثة متأسفاً لأنه في أيام الحرب لا يوجد أي إجراءات لتفادي أي خطر.
الترشيشي
من جهته رئيس تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم الترشيشي قال في حديثه للديار ليس لدينا نسبة تصدير كبيرة للمنتجات الزراعية في هذه الفترة، فنحن اليوم في أدنى مرحلة للتصدير، لافتاً إلى أن هناك ثلاثة أصناف تأثرت بما يجري في البحر الأحمر وهي ما تبقى من البطاطا و ما تبقى من العنب المُخزن وموسم الحمضيات الذي هو الأكثر تضرراً.
وإذ تخوف ترشيشي من أن الكارثة الكبرى إذا استمر الوضع في البحر الأحمر وباب المندب إلى شهر تموز المقبل فعندها ستكون الضربة القاضية للقطاع الزراعي، أشار ” نحن اليوم نصدر أسبوعياً حوالي٣٠٠ أو ٤٠٠ أو ٥٠٠ طن على الأكثر بينما في أشهر أيار و حزيران وتموز فنحن بحاجة إلى ان نصدر ٣٠٠٠ طن أسبوعياً “،متمنياً أن ينتهي الإعتداء الغاشم على غزة وأن يعم السلام في المنطقة كي تعود المياه إلى مجاريها.
وتمنى الترشيشي على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن يعقد أجتماعاً مع المعنيين في القطاع الزراعي وشركات الشحن وكل المصدربن في لبنان بحضور وزيري الزراعة والأشغال من أجل البحث في الحلول اللازمة لهذه الأزمة كاشفاً أن احدى الشركات لم تتخلى عن لبنان وبقيت تأتي مرة كل 15 يوما عبر البحر الأحمر وهي لا علاقة لها تجارية بإسرائيل ولا تمر عبر موانئها، وبالتالي ليس عليها اي حظر وإن كانت رفعت بعض الرسوم والضرائب على الأنتاح اللبناني وعلى الشحن.
ومن هذه الحلول وفق الترشيشي هو السعي مع المملكة العربية السعودية كي ” نتمكن من شحن بضائعنا غبر حدودها ترانزيت كي نصل إلى الدول الخليجية أو تشمل هذه المكرمة السماح بتصدير منتجاتنا إلى أسواق المملكة “، مشدداً على ضرورة إنهاء الحظر السعودي على لبنان وعلى الشاحنات اللبنانية التي تمر عبر أراضيها .
ورداً على سؤال حول انعكاس ما يجري في البحر الأحمر وباب المندب على أسعار المنتحات الزراعية قال الترشيشي نشهد حالياً انخفاض في الأسعار سيما البطاطا والعنب والحمضيات وهناك منتجات ارتفع سعرها نتيجة التقلبات المناخية وسيما وأنه في فصل الشتاء ينخفض الإنتاج في البيوت البلاستيكية وفي السهل الساحلي وبالتالي ينخفض العرض في الأسواق وبالتأكيد سترتفع الأسعار إنما ليس هناك علاقة لما يجري في البحر الأحمر بارتفاع الأسعار.