ما سرّ الهجمة الروسية على لبنان؟

 

 

تتابع روسيا الأوضاع عن كثب، وهي وإن كانت منشغلة بوضع سوريا بشكل خاص، إلا أنها لا تُهمل بقية الملفات.

يؤكد أحد الدبلوماسيين المطّلع على سياسة موسكو لموقعنا أن استراتيجية الرئيس فلاديمير بوتين تقوم في الوقت الحالي على عودة روسيا إلى الساحة العالمية وليس فقط الشرق أوسطية وأوروبا الشرقية.

لكن طموح بوتين يقابله حذر أميركي من بعض التصرّفات والتمدّد حسب الدبلوماسيين، وبالتالي فإن عودة ثنائية الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية أو ما كان يُعرف بالصراع بين الشرق والغرب لن يتكرّر على مستوى عالمي لأن الإمكانات الاقتصادية الروسية لا تُضاهي القوّة الاقتصادية لأميركا، كما أن الانتشار العسكري الأميركي موجود في كل دول العالم بينما الإنتشار الروسي محدود جدا.

وتحاول موسكو أن تُبرم إتفاقات اقتصادية مع عدد من الدول الفاعلة ومنها الدول الخليجية من أجل تقوية اقتصادها، لأن الحرب الاقتصادية أهم بكثير من الحروب العسكرية لا بل هي إحدى أهم أسباب الحروب.

ومعلوم أن موسكو تدخل سوق الطاقة بقوّة ويظهر ذلك من خلال أخذ الشركات الروسية حق استخراح النفط والغاز السوري.

وفي هذا السياق، علم أن هناك اتجاه روسي جاد في الدخول والتعمّق أكثر في الملف النفطي اللبناني، وكان أول الغيث دخول إحدى الشركات الروسية في مجال التنقيب عن الغاز والنفط، إضافة إلى استثمارهم مصفاة طرابلس.

ويأتي هذا التوجّه بعد إدراك الشركات الروسية أن الأسواق الأخرى شبه مغلقة أمامها وخصوصاً في الخليج وشمال إفريقيا، في حين أن لبنان يشكّل أرضاً خصبة للاستثمار في وقت تتريّث الشركات الأميركية في الدخول في حقل التنقيب عن الغاز والنفط اللبناني.

ويظهر الاهتمام الروسي أيضاً من خلال حديث الرئيس بوتين مرّات عدّة خلال استقباله الرئيس سعد الحريري عن تقوية العلاقات الاقتصادية مع لبنان وتمتينها وأيضاً خلال زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأخيرة إلى موسكو.

لكن هذا الأمر لا يعني أن لروسيا أطماعاً سياسية في لبنان، فهي تدرك جيداً تركيبة البلد وتحاول أن تكون صديقة مع كلّ الأطراف اللبنانية وليست فريقاً ضدّ آخر.

ويعزّز هذا الموضوع مدى الاهتمام الأميركي بلبنان وهذا الأمر لم يعد خافياً على أحد، إذ إن استقرار لبنان يأتي أولوية عند واشنطن وكذلك عند موسكو.

ومن المتوقّع أيضاً أن تزداد الاستثمارات الروسية في لبنان وتشهد البلاد زيارات لعدد من رجال الأعمال الروس والموفدين، خصوصاً إذا ما تمّ الحفاظ على الاستقرار.

ومن جهة أخرى، فإن التعاون العسكري الروسي – اللبناني لن يرقى إلى مستوى طموحات موسكو لأن الأميركيين يأخذون على عاتقهم مسألة تسليح الجيش ومدّه بالعتاد والعتيد، كما أن لا أموال في الخزينة اللبنانية لشراء الأسلحة او أي أمر آخر وسط الوضع المتردّي.

ويبقى الرهان اللبناني على أن تدخل موسكو كعنصر مساعد في حلّ أزمة النازحين السوريين عندها ستعزّز العلاقات الروسية اللبنانية أكثر وأكثر.

 

بواسطةعادل نخلة
مصدرليبانون فايلز
المادة السابقةمحكمة يابانية توافق على الإفراج عن غصن بكفالة
المقالة القادمةسلامة: غير صحيح الكلام عن قرض أو هبة مصرفية للدولة