يتوقع مصدر مصرفي بأن يتوقف مصرف لبنان عن التدخل بسوق القطع بائعاً للدولار مع نهاية شهر شباط الحالي، أي مع انتهاء صلاحية التعميم 161 الذي يبيح للمصارف بيع الدولار للعملاء من دون سقوف، وفق سعر صرف منصة صيرفة، مع ترجيحه عدم تجديد أو تمديد مصرف لبنان للتعميم المذكور “في حال أراد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إثبات مصداقيته”، على ما يقول المصدر في حديث إلى “المدن”. لكن هناك عاملَين قد يدفعانه لعدم التوقف عن ضخ الدولارات في السوق. العامل الأول، يتعلّق بإثبات جدية التعامل مع الأزمة لصندوق النقد الدولي، وإتمام السيطرة وإن ظرفياً على سوق النقد الموازي وتوحيد أسعار الصرف. ولا شك ان التعميم 161 يساهم كثيراً بمسألة خفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة. أما العامل الثاني فإنه يرتبط بدخول سلامة طرفاً في عملية التحضير للانتخابات النيابية وتمريرها، ومقايضة السلطة السياسية على تهدئة السوق إلى حين الاستحقاق الانتخابي.
وإذ يلتقي الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة مع المصدر المصرفي على أن مصرف لبنان قارب التوقف عن ضخ الدولارات، يختلف معه بالتوقيت. إذ، حسب حبيقة، لا مصلحة لمصرف لبنان بدفع السوق للانفجار حالياً. وعلى الرغم من اعتقاده بأن الدولارات لدى مصرف لبنان نفدت أو شارفت على مرحلة الخطر، يتوقع أن يستمر ضخ الدولارات وإن بوتيرة بطيئة إلى منتصف شهر آذار، أي إلى حين انتهاء مهلة الترشيحات للانتخابات النيابية، في سبيل ضبط انفعال الناس والتخفيف من احتقانها، أقله إلى حين اقتراب موعد الانتخابات النيابية.
ما أنفقه مصرف لبنان من دولارات لتطبيق التعميم 161 وتهدئة سعر الصرف يقدّر بمئات الملايين من الدولارات. وفي حين يعيده البعض إلى الأرباح العائدة للشركات التي يملكها مصرف لبنان، أو يساهم فيها، ومنها الميدل إيست والكازينو، وهو ما يعني حسب أحد المصرفيين أن البنك المركزي لا يزال يملك الإمكانات للاستمرار بضخ الدولار على مدار شهرين إضافيين، يتوقع مصرفي آخر أن يكون مصرف لبنان قد استنفذ جزءاً كبيراً مما تبقى من احتياطات أجنبية، على نحو يصعب عليه الاستمرار بضخ الدولارات لما بعد شهر شباط، لعدم توفر الغطاء السياسي له للاستمرار بالتمادي بالإنفاق من الاحتياطات الإلزامية. بالنتيجة، سيتوقف مصرف لبنان تدريجياً بعد أيام عن التدخل في سوق القطع.
ولن يكون مصرف لبنان مضطراً نهاية شهر شباط للإعلان عن توقفه عن ضخ الدولارات في السوق. بل يكفي أن يخفض سقوف الدولارات للمصارف ولجم عملية بيعه لها، حسب أحد المصرفيين. وعندها سيفقد مصرف لبنان قدرته على لجم حركة سعر صرف الدولار وتهدئة تصاعده.
مهما كانت مصادر الدولارات التي ضخها مصرف لبنان في السوق، منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، يبقى من الثابت أنه أهدر مئات الملايين ليحافظ على سعر صرف ثابت غير واقعي ولا حقيقي. كل ما جناه حتى اليوم هو تخفيف بعض النقمة الشعبية على السلطة السياسية مع اقتراب الانتخابات النيابية.
تتقاطع مواقف اقتصاديين ومصرفيين بأن ما يحصل اليوم ليس سوى “لعبة” استهدفت خفض سعر صرف الدولار لإراحة الناس قبل الانتخابات، وتنفيس غضبها ونقمتها. ويتوقع حبيقة أن تنتهي اللعبة نهائياً في منتصف آذار بالحد الأقصى “فالدولارات لم تعد كافية”. محذراً اللبنانيين من الوقوع ضحية الخداع. فعملية هبوط سعر صرف الدولار ليست حقيقية، ولم يطرأ أي تغيير على مستوى الأزمة حتى اليوم. ما يعني أن هبوط الدولار كان أمراً مصطنعاً وغير علمي، على الرغم من الارتياح الذي تركه تراجع سعر الصرف، واطمئنان الناس نسبياً. لكن تكمن المشكلة باستئناف ارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع وتيرة الأزمة المعيشية من جديد.