سدّد مجلس شورى الدولة بالأمس، ضربة قاسية للحكومة التي تنتهك القوانين دون أي رادع، لدرجة أنها باتت تعتبر نفسها أعلى من القانون نفسه، أو أنّها من تستطيع وضع القوانين لا أنها مجبرة على تطبيقها. لم تتمادَ الحكومة فقط في اجتماعاتها غير الدستورية أو اتخاذها القرارات، لا بل تعدّتها الى المسّ بحقوق المودعين والناس ومحاولة تشريع المخالفات على حسابهم.
بالأمس وبقرار بسيط وصريح، أوقف مجلس شورى الدولة تنفيذ القرار 22 الصادر عن مجلس الوزراء رقم 22 تاریخ 2023/4/18، والمتضمّن ما يلي: بعد المداولة، وسنداً للمواد 70 و71 و174 من قانون النقد والتسليف قرّر المجلس الطلب من المصرف المركزي اتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة لإلزام المصارف بسقف السحوبات المُتاحة للمودعين (سحباً أو تحويلاً) وفقاً للتعاميم ذات الصلة، وإلا التعامل بشكل يساوي في ما بينهم وعدم إعطاء أولوية لوديعة على أخرى أو على أيّ التزام آخر بالعملة الأجنبيّة مهما كان نوعها أو مصدرها والاستمرار بمنح عملائها حرية التصرف بالأموال الجديدة (Fresh).
“القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة قال بطبيعته إنّ الحكومة اللبنانية تتبع حكم الفساد”. هذا ما يؤكده المحامي الدكتور الذي قدم الطعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة باسكال ضاهر لـ”النشرة”، ذاكراً أنه “بالمراجعة التي قدّمناها مع المحامي شربل شبير، ذكرنا أن القرار يعزّز سياسة الافلات من العقاب، خصوصا وأن المصارف والمصرف المركزي يستندون عليه لتصفير ما يسمّى بالعجز، وتحميل نتيجة استثماراتهم العالية المخاطر للمودعين، بالمختصر يأخذون المودعين رهائن”.
يوضح الدكتور ضاهر أن “أهمية القرار الذي صدر عن مجلس شورى الدولة يؤكد أن سيادة القانون هي الاعلى في الجمهورية اللبنانية وعلى الجميع الالتزام بها، والقانون رأى أنّ هذا القرار الذي أصدره مجلس الوزراء يتنافى تماماً مع المشروعيّة، إذ لا يجوز أن يتحمل المودع ثمن فساد السلطة والمصارف، وهو ليس مسؤولا ولا بأي شكل من الأشكال عن الاستثمارات التي قامت بها”، مضيفا: “حاولت الحكومة بقرارها الذي تمّ ابطاله اسباغ المشروعيّة على تعاميم مصرف لبنان وقرار شورى الدولة أتى ليؤكّد أنّ جميع التعاميم باطلة”، مشددا على أن “الدولة والوزراء يجب أن يلتزموا بالقانون والمصرف المركزي يجب أن يلتزم بقانون انشائه إذ لا يجوز البناء على سياسة خاطئة”.
“اليوم يجب أن نتجه الى ردّ الوديعة كاملة بعملتها وهذا القرار صادر عن مجلس شورى الدولة عندما أوقف العمل بالتعميم 151”. هنا يشدّد الدكتور ضاهر على أن “الكابيتال كونترول لن يستقيم إلّا بردّ ما جرى تهريبه من أموال للفئة المكشوفة سياسيًّا، وذلك بارتكاب جرم التّداول من الدّاخل”.
وأكّد في الوقت نفسه أنّه “يجب مواجهة المصارف بالقانون أمام القضاء، واليوم وبقرار مجلس شورى الدولة سلخنا من يد المصارف الحجّة التي تتذرّع بها وهي مجبرة على ردّ الوديعة بعملتها، وليس لمصرف لبنان او الحكومة التدخّل إذ إن العقد موقع بين المصرف والمودع، وبالتالي المصرف المركزي طرف ثالث، كذلك فإن الحكومة لم تؤمّم المصارف والمودع لم يتنازل عن عقده لها”، مضيفا: “المصارف هي من استثمرت بأموال المودعين وأتت الحكومة لتغطيتها، وبقرار شورى الدولة تمّ فسخ العلاقة بين طرفين هما الحكومة والمصارف”.
إذاً، معركة جديدة خيضت، ربح فيها المودعون ولكن المهمّ ألاّ يرضخوا تحت هول التهديد والتخفيف من العودة الى 1500 ليرة حين تم ايقاف التعميم 151 أو فقدان الودائع… لأن حقوقهم هي حق لهم لاستعادتها بالعملة التّي وُضعت بها كاملة وبالقانون والقضاء سيحصلون على ذلك!.