استطاعت الولايات المتحدة فرض نفسها على مدار السنوات الماضية كلاعب أساسي كان الأقوى إقتصادياً على الساحة الدوليّة وسلاحها كان “الدولار” الذيسيطرت عبره على اقتصادات العالم، هذا السلاح الذي لا يزال حتى الساعة “فتّاكاً” كانت أميركا تريد به أيضاً السيطرة على الاسواق النفطية ليكون هو عملة التبادل الوحيدة.
نقطة شرارة ضرب هذا المشروع كانت الحرب الروسيّة-الأوكرانية التي خلطت الأوراق وشحنت مجموعة “البريكس” التي تضم روسيا، الصين، البرازيل، الهند وجنوب أفريقيا، وهدفها الاساس زيادة العلاقات الاقتصاديّة فيما بينها بالعملات المحلّية ما يقلّل من الاعتماد على الدولار.
تقدم “البريكس” على “السبع”
تتجه مجموعة “البريكس” للتوسّع وقد تقدمت كل من السعودية وايران اضافة الى الجزائر بطلب الانضمام اليها، وهنا تواجه الولايات المتّحدة الآن موجة متزايدة منعمليّات إزالة الدَوْلرة العالميّة، حيث تتحد العديد من أكبرالدول اقتصاديًا وأكثرها اكتظاظًا بالسكان لإطلاق بديلعن الدولار الأميركي لاستخدامه في التجارة العالميّة وفي النفط تحديداً.
وفي هذا السياق يشير الخبير الاقتصادي ميشال فياض الى أن “في عام 2021 مثلت احتياطيات البنوك المركزيّةمن العملات الأجنبيّة ما يقرب من 13 تريليون دولار، 60٪ منها مقوّمة بالدولار و20٪ فقط باليورو”، لافتاً في نفس الوقت الى أنّ “دول “البريكس” المكوّنة من خمس دول تحتفظ بـ31.5٪ من الناتج المحلّي الإجمالي العالمي،مقارنة بـ 30٪ لمجموعة السبع”.
تبادل النفط بغير الدولار
“أهم حصّة في التجارة العالميّة هي المواد الخام، بدءاً منالنفط”. وهنا يشير الخبير الاقتصادي فياض، لافتا عبر “النشرة” الى أنّ “حتى ذلك الحين كانت هذه التبادلات تتمبالعملة الخضراء”، مضيفا: “الوضع يتغيّر لأن روسيا،الصين والهند وكذلك السعودية وإيران يتبادلون العملاتالأخرى مثل اليوان والروبية”. بدوره رئيس المركزي الثقافي الروسي العربي مسلّم شعيتو فيعتبر أنه “لا يمكن التخلّص من أحاديّة القطب السياسي من دون التخلص من أحاديّة القطب الاقتصادي، والدولار يعتبر بمثابة سلاح “الدمار الشامل” فيمكن للولايات المتحدة وبلحظة أن تقول للعالم أجمع صادرنا دولاراتكم أو غيرنا أرقامها مثلاً”.
يؤكد فياض أن “دول البريكس تريد تقليل اعتمادها علىالدولار من خلال البدء في تبادل شراء وبيع المواد الخامبعملات أخرى”. في حين أن مسلم شعيتو يشير الى أن “الدولار لم يعد وسيلة التبادل الاساسية عالمياً وأصبح هناك العديد من الدول التي تعتمد عملة بديلة، مثلاً السعودية أصبحت تقبل باليوان الصيني لبيع نفطها”، يعود ميشال فياض ليشدد على أن “سعر الذهب يرتقع (أكثر من 2000 دولار للأونصة) لأن البنوك المركزية، بدءًا من البنوك المركزيةلدول البريكس، تشتري الذهب بكميّات كبيرة جدًا، وهذهنقطة تحول مهمة لأنه حتى ذلك الحين اعتقدت مجموعةالسبع أنّها كانت الزعيم الاقتصادي للعالم. ولم يعد هذاهو الحال”.
مستقبل العالم
أمام هذا المشهد، كثيرة هي التساؤلات حول أين يتجه العالم مستقبلاً؟ في هذا السياق يعتبر شعيتو أن “الدولار كان وسيلة قمع مدعومة بقوّة عسكرية، وهنا قول معروف ان “رأس المال” جبان، فحتى البرازيل بدأت بالحديث عن التخلي عن الدولار”، مشيرا الى أن “الخطوة الأولى هي التحوّل للتبادل بالعملات الاخرى أو التبادل السلعي، ولكن الطريق طويل”، مؤكدا أن “الجميع ينتظر نتيجة الحرب بأوكرانيا التي حتما ستنعكس على كل الساحات”. في حين أن فياض يرى أنه “بالنظر إلى المديونيّة الأميركيّةفإذا ابتعد العالم عن العملة الخضراء فسيكون في ذلكانهيارا للاقتصاد الأميركي وللدولار”.
العديد من دول العالم تطلب الانضمام الى مجموعة “البريكس”، والواضح أن هدف هذه المجموعة تريد كسر هيمنة الغرب على الاقتصاد العالمي… فهل تنجح بالاطاحة بالدولار؟!.