دق نفير معركة الفساد أخيراً… حانت الساعة، ساعة كل مفسد وسمسار وسارق ومرتكب في الجمهوريّة التي كان بضع سنوات كفيلة بتحويلها من سويسرا الشرق الى جمهورية موز.
استبشر اللبنانيون خيراً بأن الحق سيعود لأصحابه وان لا مواطن “بسمنة” ومواطن”بزيت” بعد اليوم وان الجميع تحت القانون.
وإذ بالحرب تندلع برصاص طائش، نجت منه الطوائف الـ18 ورموزها والكتل النيابية بمختلف أطيافها، والاحزاب السياسية بكامل كوادرها، ومعها مختلف أشكال الموبقات والصفقات والسمسرات والمليارات، ولم تصب هذه الرصاصات الا 2170 استاذاً ثانويّاً، ظنّوا أنهم أبطال في بلد الطائفية السياسية ونجحوا بكسر حواجزها والفوز بكفاءتهم في مجلس الخدمة المدنية، من دون الوقوف في طوابير طويلة على باب هذا الزعيم او ذاك، وإذ بهم يعاقبون بكل أشكال الذلّ منذ أحال وزير التربية السابق الياس بو صعب مرسوم إلحاقهم بكليّة التربية حتى اليوم، حيث تمّ إقحامهم في ملف التوظيف غير القانوني عن غير وجه حق وهم الذين صدر مرسوم الحاقهم بكلية التربية قبل اقرار سلسلة الرتب والرواتب، وهم ناجحون خضعوا لمباراة مجلس الخدمة المدنية وليسوا “تنفيعات” بالتعاقد او مستعان بهم كما درج أخيراً.
شهور طويلة أمضاها هؤلاء الشبان الذين اضطروا ان يتركوا اعمالهم ليلتحقوا بكلية التربية من دون تقاضي رواتبهم، ونزلوا مراراً الى الشارع للمطالبة بالرواتب ليتمكنوا من العيش بالحد الادنى من مقومات الحياة، حيث يتقاضى كل منهم راتبا شهريا يبلغ مليون و300 الف ليرة، بعدما حرموا من الدرجات الستّ التي تمّ إقرارها في الجلسة الوزارية الاخيرة والكفيلة بالسماح لهؤلاء بأن يعيشوا بكرامتهم وليتسنى لهم ان يتفرغوا لبناء اجيال جديدة.
الا ان المفاجأة كانت بالاصوات المطالبة رئيس الجمهورية بردّ مرسوم منحهم الدرجات الست، بحجة الاصلاح ومكافحة الفساد، فهل يدرك المطالبون ان راتب المليون و300 الف ليرة لبنانية لا يكفي العائلة اللبنانية رسوم كهرباء وماء وإيجارات؟
هذا إضافة الى أنّ الاستاذ الثانوي هو موظف فئة ثالثة، ومن حقّه الطبيعي أن يحصل على أبسط حقوقه بالراتب والدرجات والعيش الكريم.
وقد يكون أصدق تعبير ما جاء على لسان احدى المعلمات في تسجيل صوتي يتمّ تداوله عبر “واتساب” تتوجه فيه للمسؤولين بالقول: “نحنا عم نتصنف طائفيا من بعد ما عشنا بكلية التربية سنّي شيعي درزي ماروني اورثوذكسي عيلة وحدة وما سألنا حدا شو طايفتك وجايين هلق عم يقسمونا طائفيا. كل مشكلتنا انو فتنا من دون واسطة وبكفاءتنا وانو عم نكافح تا نبقى بهالبلد… اتركونا نعيش ووقفوا مشانق ما بقى نحمل”.