بين شهري نيسان وايار شتاء جديد في لبنان، ثلوج أقفلت طرقات الجبال وأمطار أغرقت دروب السواحل وصقيع فرض إعادة تشغيل المدافئ وسط جو سياسي أقرب للخريف منه إلى الربيع الذي نحن الآن في صلب فصله.
البطريرك الماروني بشارة الراعي، دعا امس وعبر رسالة الفصح المسؤولين اللبنانيين للعمل بجدية على إصلاح الأوضاع، وقال ما نشهده اليوم هو إحلال للمواطنة الدينية محل المواطنة السياسية الظاهرة بالحكم المذهبي في الوزارات والإدارات، بالإضافة إلى شبه دويلات طائفية.
بدوره، المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى طالب بعد اجتماعه امس السبت برئاسة مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان بالتعجيل بإقرار الموازنة ووقف الإنفاق غير المجدي، وتوقف باهتمام كبير امام التطورات السياسية والعسكرية التي تعصف بالمنطقة، آملا احتواء هذه الأحداث لصالح شعوبها.
في غضون ذلك، يستمر العصف السياسي الذي ترتب على كشف وزير المال علي حسن خليل المرتبات الخيالية التي يحصل عليها بعض موظفي الدرجة الأولى في لبنان، من المحظيين والموصى بهم.
ومادام استمر هذا العصف بغياب التوافق السياسي على تخفيضات ارقام الموازنة، فذلك يعني ان طرح الموازنة على مجلس الوزراء ومن بعده مجلس النواب، لن يكون بالسرعة التي يراها الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، وهذا ما تؤكده المساعي القائمة مع فرنسا لتمديد مهلة إصلاح وضع الموازنة وفقا لشروط «سيدر».
ويتوقع عقد اجتماع مالي في رئاسة الحكومة لدراسة الإمكانيات، والطروحات، التي عرضها وزير المال في لقاء تلفزيوني مطول، وتناول فيه أوجه الخفض الممكنة والتي أثارت حفيظة العسكريين المتقاعدين، الى حد تهديد احدهم العميد ثابت ثابت، بإقفال مرافق الدولة من المطار الى المرافئ الى مصرف لبنان المركزي والمصارف عموما، وبصورة مفتوحة.
ثابت الذي تحدث في شريط فيديو بالصوت والصورة وباسم رفاقه قال: المسؤولون في لبنان يريدون تقاسم الـ 17 مليار دولار التي ستوفرها سيدر كقروض ثم يفلسون الدولة ويرحلون.
وقد كشفت قناة «او تي في» عما وصفته «بالبنود السرية الإصلاحية» في الموازنة الجديدة، والتي ستثير جدلا واسعا، وهي تزيد على الـ50 بندا، اهمها: وقف التوظيف مع الغاء امكانية ان يحصل التوظيف بقرار من مجلس الوزراء، باستثناء الفئة الأولى ومجالس إدارات المؤسسات، وتعديل قانون ضريبة الدخل على الشطر الأعلى من 225 مليون ليرة سنويا، ليصبح 25%، بدلا من 21%، وتخفيض مدة الإجازة السنوية من عشرين يوما إلى 15 يوما.
وتشمل الموازنة الجديدة إدخال تعديلات ضريبية على بعض رسوم الأمن العام، تقدر بـ 54 مليار ليرة، وخفض مساهمة الدولة بالمدارس المجانية بنسبة 10%، وإلغاء الإعفاءات الجمركية مع استثناء بعض البنود في الزراعة والصناعة والمعاقين.
أما في المجالات المتعلقة بالمسؤولين، فيقترح وزير المال حسم 50% من مخصصات السلطات العامة وتخفيض النفقات السرية بنسبة 30%، ووضع رسم على مالكي الأرقام المميزة للسيارات والهاتف، وتكليف المصرف المركزي بضريبة الفوائد على سندات الخزينة ورفع الضريبة على الفوائد من 7 إلى 10% وتحويل غرامات المرور الى خزينة الدولة مباشرة.
وهنا غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي عبر تويتر قائلا: ان اقتراحات الوزير علي حسن خليل هي الأساس للوصول الى موازنة تقشف دون المسّ بالرواتب لكن بعض «خفافيش» الليل وبعض الأشباح والمزايدين من الطارئين على الوظيفة العسكرية وعلى العمل السياسي يريدون التعطيل والتخريب وصولا الى سقوط الهيكل على رؤوس الجميع.
ومن جهته رئيس الحكومة السابق تمام سلام، لم ير مانعا من خفض رواتب المسؤولين، بينما رفض وزير حركة امل محمد داود المسّ بمرتبات صغار الموظفين في حين أشار النائب محمد الحجار «المستقبل» الى ان القطاع المصرفي جاهز للمساهمة في خفض المال العام.
إلى ذلك، تواصلت التعليقات على تسريب محضر لقاء نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، ووزير الاقتصاد منصور بطيش، كل على حدة، بمساعد وزير الخزانة الاميركية مارشال بيلنغسلي المكلف بمكافحة تمويل الارهاب، في واشنطن، وفيه وصف حزب الله بالسرطان، حاصباني طالب وزارة الخارجية بفتح تحقيق من اجل معرفة كيفية تسريب المحضر الذي وضعه سفير لبنان في واشنطن غابي عيسى، وفيه ابلغ بيلنغسلي الوزير بطيش عضو تكتل لبنان القوي قوله: نتابع وزير الخارجية جبران باسيل وتصريحاته المتعلقة بحزب الله ونتمنى عليه ان يبعد نفسه عن حزب الله وجماعته.