لم يمرّ اليوم الأول بعد رفع الدعم نهائياً عن البنزين مرور الكرام، بل بدأت أمس تظهر بوادر البلبلة التي توعّد بها القيّمون على قطاع المحروقات، إذ شهدت المحطات زحمة سيارات رغم أن سعرالصفيحة بلغ أمس 646 ألف ليرة لبنانية، حتى أن بعض المحطات أقفل أبوابه بسبب إصدار وزارة الطاقة جدول تركيب أسعار المحروقات وفق سعر صرف للدولار بقيمة 35700 ليرة لبنانية وهو السعر الذي كان متداولاً به صباحاً.
إلا أن أصحاب المحطات كما اوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج براكس لـ”نداء الوطن”، اشتروا الدولار وفق سعر صرف بقيمة تراوحت بين 36200 ليرة و36400 ليرة و36500 ليرة وذلك حسب توقيت شرائه ما اسفر عن خسارة وقعت عليهم بقيمة 500 ليرة للدولار أي بقيمة نحو 9000 ليرة بصفيحة البنزين”. واعتبر أن “أصحاب المحطات لا يستطيعون تحمل هذه الخسارة، وسيقودنا ذلك الى البلبلة وإقفال المحطات ابوابها” بانتظار التسعيرة الجديدة.
من هنا يكمن الحلّ بحسب براكس “بالتسعير بالدولار أو إصدار جدول يومي وحتى أكثر من جدول يومياً لتركيب أسعار المحروقات”. لافتاً الى أن “كل السلع الإستهلاكية في لبنان تسعّر بالدولار الأميركي وتسدّد لحظة الشراء حسب سعر صرف الدولار المتداول به، فلا ضير أن يتبع قطاع المحروقات وتحديداً البنزين هذا النظام وإلا سيكون مصير رأسمالنا الذوبان”.
هذا الواقع المرير لدولرة القطاعات الأساسية الحيوية في البلاد في ظلّ عدم وجود سعر رسمي موحد للدولار، ووضع قوت اللبناني أسير التطبيقات الإلكترونية والمضاربين الذين يتلاعبون بسعر صرف الدولار، مستغلّين الأجواء السياسية التشاؤمية المخيّمة والمبشّرة بأننا مقبلون على فوضى في البلاد، يطرح تساؤلات حول إمكانية دولرة جدول أسعار المحروقات وتغيير القوانين؟
هذا التساؤل أجاب عنه المحامي د. بول مرقص، رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية، فقال لـ”نداء الوطن”: “إن إصدار وزارة الطاقة جدول أسعار المحروقات بالدولار الأميركي يعتبر إجراءً غير قانوني، إذ إنه في حال أقدمت على ذلك من دون تحديد ما يعادل هذا السعر بالليرة اللبنانية في ظل تعدّد أسعار الصرف المتداولة، تصبح الوزارة في وضعية كأنها تلزم المواطنين الدفع بالدولار، الأمر الذي يعتبر غير شرعي ومخالفاً لأحكام القوانين المرعية الإجراء لا سيما المواد /1/ و /7/ و /8/ و/192/ من قانون النقد والتسليف وانشاء المصرف المركزي (المرسوم رقم 13513 – الصادر في 1/8/1963 وتعديلاته)، والتي تعطي الاوراق النقدية اللبنانية قوة ابرائية غير محدودة في اراضي الجمهورية اللبنانية، وتعاقب كل من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية بالشروط المحددة بالعقوبات المنصوص عليها بالمادة 319 من قانون العقوبات اللبناني (المرسوم اشتراعي رقم 340 – الصادر في 1/3/1943 وتعديلاته)”.
وأضاف مرقص: “سيطرح هذا الأمر إشكالية: أي سعر صرف سيعتمد في الدفع؟ مع الإشارة هنا الى أن كل أسعار الصرف المطروحة حالياً تبقى غير قانونية ما دامت لم تقرّ بموجب قانون في مجلس النواب وفقاً لأحكام المادتين /2/ و/229/ من قانون النقد والتسليف وانشاء المصرف المركزي، حتى تعديل هذه النصوص وتحرير سعر الصرف وفق معايير اقتصادية صحيحة”.
مع الإشارة هنا الى أن سعر صرف الدولار في السوق السوداء سجّل ارتفاعاً صاروخياً أمس بقيمة 1000 ليرة لبنانية، ليرسو مساء على سعر الـ36700 ليرة مقترباً من الـ37 ألف ليرة لبنانية الأمر الذي سيرفع سعر صفيحة البنزين ومعها سائر المواد الإستهلاكية والغذائية، علماً أن سعر برميل النفط العالمي هو اليوم في أحسن أحواله اذ يسجّل نوعاً من الإستقرار وبلغ أمس سعر البرنت 92 دولاراً، فماذا لو سجّل ارتفاعاً فوق الـ100 دولار أميركي أو 120 دولاراً كما جرى سابقاً، ما هو السعر الذي ستبلغه اسعار المحروقات عندها وتحديداً البنزين مع تحريرها من أي دعم؟