محطة تكرير المياه المبتذلة في سينيق، جنوب صيدا، لا تعمل منذ بدء تشغيلها عام 2010 إلا على فصل الحمأة عن السائل لقاء مليون دولار سنوياً للشركة المتعهدة من مجلس الإنماء والإعمار (سابا مخلوف للتجارة والمقاولة)، فيما “لا تتعدى كلفة تشغيلها الحقيقية 250 الف دولار!”
هذه “الحقيقة المرة” كاشف المدير العام لمؤسسة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر الصيداويين بها، خلال ندوة حوارية نظمتها جمعية متخرجي المقاصد الإسلامية في صيدا الخميس الماضي. وأوضح أن المحطة تضخ السائل نحو البحر بعمق 1800 متر وترمي الحمأة في البحيرة المجاورة للمحطة ومعمل فرز النفايات عند شاطئ البحر. لكن الأمور لا تنتهي هنا. إذ أن التيار الهوائي في صيدا شمالي الوجهة. لذلك، تدفع الأمواج المياه الآسنة التي تضخ قبالة سينيق، إلى كامل الشاطئ الصيداوي ومن ضمنه المسبح الشعبي.
بحث ضاهر مع المجلس إمكانية تطوير العمل في المحطة لمعالجة الصرف الصحي. اقترح هدم المحطة (مساحتها 16 ألف متر مربع) وبناء محطة معالجة في موقع آخر أكبر مساحة (تستلزم المحطة المحدّثة 70 الف متر)، تشمل قسماً لمعالجة الحمأة “في إطار مشروع يكلف أقل من التكلفة الباهظة التي تنفق منذ تسع سنوات من دون فائدة”. لكن المجلس رفض الاقتراح لأن الدولة لا تزال تسدد قرض بناء المحطة لصندوق التعاون الخارجي الياباني (قيمته 38 مليون دولار وفترة سداده تمتد حتى 2022).
قبل أقل من شهر، خصص ضاهر والمجلس لقاء للبحث في مخارج أزمة محطة سينيق. وفق ضاهر، “رفض المجلس هدم المحطة، فيما رفضت المؤسسة تشييد محطة بديلة على الواجهة البحرية الجنوبية المردومة حفاظاً على شكل الشاطئ”. آخر المخارج المطروحة، ردم جزء من الواجهة البحرية قبالة المدينة الصناعية في سينيق ضمن النطاق العقاري لبلدة لغازية. وقد كلفت شركة يونانية بإجراء الدراسات.
ليست محطة سينيق الهم الصيداوي المائي الوحيد. برغم طمأنة ضاهر إلى أن المدينة مكتفية مائياً، لكنه أكد بأن شبكة التوزيع تحتاج إلى تأهيل. “الشبكة أنشئت قبل 50 عاماً من القساطل الحديدية من معدن الإسبستوس الذي يسبب أمراضاً خطيرة”. وتأهيلها يكلف 10 ملايين دولار وقد باشرت المؤسسة بوضع الدراسات. التحدي الإضافي تلوث المياه الجوفية والسطحية جرثومياً. معالجتها في محطات الضخ قد يتحول إلى نقمة في حال تسرب إليها الصرف الصناعي الكيميائي الناجم عن معاصر الزيتون ومحطات الوقود. إذ إن مادة الكلور المستخدمة في تكرير المياه، تتفاعل مع المواد الكيمائية الموجودة في الصرف الصناعي وتسبب أمراضاً سرطانية.
مجدداً، جزم ضاهر بأن حماية المياه مرتبطة بمعالجة الصرف الصحي والصناعي. “عندما تمطر، حكماً تتلوث الآبار الجوفية”. لكن “95 في المئة من محطات التكرير في الجنوب لا تعمل وجميعها ليست مجهزة بمركز لمعالجة الحمأة باستثناء صور التي لم تشغل بعد”. أكد على ضرورة تشغيل المحطات جميعها “لأن منظومة المياه الجوفية في الجنوب واحدة. تلوث مياه شبعا سينتقل في غضون ثلاثة أيام إلى مياه الساحل بسبب طبيعة الصخور”. هذه المنظومة لا تنقل التلوث فقط، بل تؤمن وفراً متوازناً بين مناطق الجنوب في كميات المياه.”تطوير محطة ضخ الوزاني، يساهم بشكل غير مباشر في زيادة كميات المياه التي تستفيد منها صيدا”. وفي هذا الإطار، سقوم المؤسسة بسحب 36 مليون متر مكعب من حوض الحاصباني وتزيد الكميات التي تضخ من نبع الوزاني من أقل من مليون متر مكعب إلى حوالي أربعة ملايين.