مخاطر تهريب المصارف المراسلة المتعاملة مع لبنان

هناك مخاطر مخيفة تحدق حالياً بالقطاع المالي والنقدي، تتمثّل باحتمال توقف البنوك المراسلة correspondent bank عن التعامل مع المصارف اللبنانية، بعدما شهدنا رسمياً أن مصرفين دوليين كبيرين قد أوقفا التعامل الرسمي مع مصرف لبنان المركزي.

إننا نشهد اليوم مشروع عزل لبنان نهائياً، بعدما عُزل سياسياً، واقتصاديا وحتى اجتماعياً، إذ نشهد اليوم مخاطر تتعلق بعزل البلد نقدياً ومالياً، من قبل المنصات الدولية، للأسباب الآتية:

أولاً: لا نزال نشهد يوماً بعد يوم، إتهامات عشوائية من دون أي تحقيقات جدية، حيال عمليات تبييض أموال أو تحويلات مشبوهة يقوم بها مصرفيون، ورجال أعمال، ومستثمرون. مما يؤذي سمعة لبنان، لا سيما الثقة الدولية به.

ثانياً: إنّ التجاذبات السياسية، التي تتضاعف يوماً بعد يوم، والمخاوف من أبواق حرب أهلية جديدة، أو تدهور أمني، أو فلتان الشارع، تضرب سمعة لبنان، وتُهرّب المصارف المراسلة التي تُفضل الإنسحاب من المنصات الساخنة، وألّا تأخذ مخاطر جديدة في السوق اللبنانية المنهارة.

ثالثاً: إن لبنان يتحول من نظام مالي – نقدي – مصرفي منظّم، تحت المراقبة والمجهر الدولي، كان يحترم كل الإتفاقات العالمية إلى اقتصادٍ نقدي، أي اقتصاد «الكاش» من دون أي ضوابط أو تنظيم دولي.

رابعاً: إن أعداء لبنان، الذين كانوا يدمرونه بالحروب والقذائف، باتوا يستطيعون تدميره بطريقة أسهل جداً، من خلال تدمير إقتصاده ونقده، وبزيادة الضغوط الدولية والنقدية عليه.

في الخلاصة، بعدما عُزل لبنان سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، نحذّر اليوم من عزله نقدياً ومالياً ومصرفياً، ومن مخاطر أفخاخ جديدة. كل الإتهامات الوهمية والتجاذبات الداخلية والإقتصاد النقدي الجديد، والضغوط الإقليمية، تدفعنا يوماً بعد يوم إلى العزلة التامة وترمي الأحجار الثقيلة والضربات القاضية على ما تبقى من الثقة الذي ستهرّب المصارف المراسلة، وتورّط لبنان أكثر فأكثر، وسيدفع الأثمان الباهظة الشعب اللبناني والإقتصاد الوطني، وسيكون من الصعب جداً إعادة توجيه البوصلة مجدداً نحو جادة الصواب.

مصدرجريدة الجمهورية - د. فؤاد زمكحل
المادة السابقةترشيشي: 40 شاحنة تصدير للفواكه والخضار معلقة بين مرفأ بيروت ومرفأ جدة
المقالة القادمة«رؤية السعودية 2030» لمرحلة التنفيذ بتعزيز مشاركة المواطن والقطاع الخاص