مخاوف من ارتفاع أسعار شركات الطيران وتكاليف الملاحة الجوية

تترقب شركات الطيران في الشرق الأوسط تداعيات التصعيد الإيراني – الإسرائيلي في المنطقة، بعد أول هجوم من طهران على تل أبيب مباشرة فجر الأحد، وسط مخاوف من إغلاق المجال الجوي، والذي سينعكس بدوره على أسعار الشحن الجوي. كانت شركات الطيران الكبرى في أنحاء الشرق الأوسط، قد أعلنت الأحد إلغاء بعض رحلاتها، في حين اضطرت إلى تغيير مسار بعض الرحلات، بعد إطلاق إيران عشرات الطائرات المُسيَّرة والصواريخ على إسرائيل. وألغت «طيران الإمارات» بعض رحلاتها، بينما ألغت «الاتحاد للطيران» رحلاتها إلى تل أبيب وعمان، الأحد. ونقلت «وكالة أنباء الإمارات» (وام) عن بيان صادر عن شركة «فلاي دبي» الإماراتية: «تأثرت بعض رحلاتنا بالإغلاق المؤقت لعدد من المجالات الجوية في المنطقة». وفي أعقاب الهجوم، أغلقت دول، من بينها لبنان والكويت، المجالات الجوية بشكل مؤقت. وأعلنت شركة «مصر للطيران» صباح الأحد، أنها قررت استئناف تسيير رحلاتها الجوية من وإلى كل من الأردن والعراق ولبنان، وذلك نظراً لإعادة فتح المجال الجوي بتلك الدول أمام حركة الطيران. كانت الشركة المصرية قد أعلنت في وقت سابق تعليق الرحلات الجوية من وإلى الأردن والعراق ولبنان، حتى إشعار آخر. وقالت الشركة في بيان عبر منصة «إكس»: «نظراً لإغلاق المجال الجوي أمام حركة الطيران في كلٍّ من الأردن والعراق ولبنان بسبب الأحداث الإقليمية في المنطقة، فقد قررت (مصر للطيران) تعليق رحلاتها الجوية من وإلى مختلف المطارات بالدول المذكورة». وقالت شركات الطيران الإسرائيلية إن العمليات عادت إلى طبيعتها صباح الأحد، بعد فتح إسرائيل مجالها الجوي الساعة 7:30 صباحاً (04:30 بتوقيت غرينيتش). وقال الطيار رشدي زكريا، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يحدث حالياً من ترقب واضطراب في حركة الطيران بالمنطقة، سينعكس بالضرورة على طول مدة الرحلة، فضلاً عن السعي لاتفاقيات جديدة لعمل هبوط اضطراري للتزود بالوقود في أماكن جديدة محددة، مما يزيد من تكلفة الرحلات على شركات الطيران. وأوضح زكريا، الرئيس الأسبق للشركة القابضة لـ«مصر للطيران»، أنه من الممكن أن تقوم بعض الشركات بزيادة تكلفة الرحلات مع طول مدة التوترات، وفي حال إغلاق المجال الجوي لبعض الدول لمدد طويلة، مما يستدعي إعادة تخطيط مسار الرحلات. غير أنه استبعد زيادة تكاليف أسعار الشحن الجوي حالياً، وقال: «سترتفع فقط في حال طول مدة التوترات في المنطقة وهو أمر مستبعد حاليا…»، مشيراً إلى ما حدث في خطوط الملاحة البحرية، وارتفاع أسعار الحاويات التي تمر عبر طريق الرجاء الصالح، تحاشياً لطريق البحر الأحمر وقناة السويس، نتيجة مخاوف هجمات الحوثيين.

المجال الجوي الإيراني

قبل أيام، ومع توعد إيران بالرد على إسرائيل، علقت شركة الطيران الألمانية «لوفتهانزا» رحلاتها إلى طهران، وأيضاً الخطوط الجوية النمساوية، كما قامت «كوانتاس» بتعديل مسار رحلاتها المباشرة بين بيرث ولندن مؤقتاً لتتوقف في سنغافورة للتزود بالوقود الإضافي اللازم لإعادة توجيه مسارها حول المنطقة المضطربة. وتحاشت الخطوط الجوية السنغافورية المجال الجوي الإيراني، فيما ذكر المتحدث باسم شركة «كاثي باسيفيك»، أن الشركة تراقب الوضع في الشرق الأوسط عن كثب، رغم أن عملياتها لا تزال تعمل بشكل طبيعي. وعلى نحو مشابه، أعلنت الخطوط الجوية السويسرية تعليق رحلاتها إلى تل أبيب حتى إشعار آخر، فيما ستتجنب جميع طائراتها المجال الجوي لإيران والعراق وإسرائيل. وعادة ما تستخدم شركات الطيران المجال الجوي الإيراني لرحلاتها بين أوروبا والهند أو جنوب شرقي آسيا، وذلك منذ تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، التي أدت إلى تعطيل المسارات لكثير من شركات النقل الجوي، ما اضطرها إلى التحول لمسارات أطول لا تزال قائمة حتى يومنا هذا. وبالنظر إلى هذه المعطيات، فمن المتوقع أن تتأثر حركة الطيران بين أوروبا وآسيا، فضلاً عن ارتفاع أسعار الشحن الجوي، عطفاً على ما يحدث في الشحن البحري من اضطرابات في البحر الأحمر، والتي رفعت سعر الحاويات إلى مستويات قياسية، مع زيادة زمن الرحلة إلى 14 يوماً ذهاباً وإياباً بتكلفة إضافية مليوني دولار. تجدر الإشارة إلى أن أسعار الحاويات من شنغهاي لأوروبا ارتفعت بنسبة 256 في المائة، خلال ديسمبر (كانون الأول) 2023 الماضي إلى فبراير (شباط) الماضي.

الشحن الجوي

ارتفع الطلب على الشحن الجوي العالمي بنسبة 18.4 في المائة على أساس سنوي في يناير (كانون الثاني) الماضي، مدفوعاً بالتجارة الإلكترونية. وأظهرت البيانات، وفق الموقع الإلكتروني للاتحاد، أن شركات الطيران في الشرق الأوسط حققت أقوى أداء في يناير 2024 مع زيادة بنسبة 25.9 في المائة على أساس سنوي في أحجام الشحن، كما استفادت هذه الشركات من النمو في أسواق الشرق الأوسط وآسيا بنسبة 29.5 في المائة، وأسواق الشرق الأوسط وأوروبا بنسبة 46 في المائة. واستفادت شركات الطيران في المنطقة من النمو المستمر في السعة الدولية – المُقاسة بطنّ الشحن المتاح لكل كيلومتر – على 3 ممرات تجارية رئيسية هي: أفريقيا وآسيا، والشرق الأوسط وآسيا، وأوروبا وآسيا. في الأثناء، يدرس الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» فتح مسارات جديدة لشركات الطيران في الشرق الأوسط ضمن إجراءات احترازية لتأمين سلامة الرحلات الجوية وتجنب التوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة. ونقلت صحيفة «الاقتصادية» عن كامل العوضي نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط، قوله إن المنظمة في حالة تأهب لرصد حجم خسائر الشركات وإجمالي الرحلات التي تم إلغاؤها، وتلك التي تحولت إلى مطارات أخرى. وأوضح أن إغلاق المجال الجوي لبعض الدول نتيجة الهجمات الإيرانية على إسرائيل أثره المباشر هو زعزعة النقل الجوي في المنطقة، مشيراً إلى أن المنظمة ستجتمع مع الأقاليم الخمسة بهدف معرفة التأثيرات السلبية في حال تصاعدت الأوضاع الهجمات بين إسرائيل وإيران. وتابع: «ندرس حالياً الحركة الجوية في المنطقة والإجراءات المحتمل اتباعها في حال تصاعدت الأمور، بما في ذلك نقل الرحلات إلى مسارات بديلة بالتوافق مع سلطات الطيران المدني في الدول المعنية». ووفقاً لبيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، يمثل الشحن الجوي، وهو أكثر تكلفة من الشحن البحري، أقل من 1 في المائة من التجارة العالمية، من حيث الحجم.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةالأسواق تزن مخاطر التصعيد الإيراني الإسرائيلي وسط توقعات بتقلبات جديدة
المقالة القادمةربيع واشنطن لن يُزهر: لبنانان بالانتظار