بدأت طوابير السيارات أمام محطات المحروقات تطول، بفعل تواصل موجات الهلع بين المواطنين القلقين على فقدان مادة أساسية قد تضمن انتقالهم إلى مناطق آمنة في حال طالت الغارات الإسرائيلية مناطق سكنهم. فمخزون البنزين في سيارات المواطنين يكاد يفوق مخزون الخبز والغذاء أهمية في هذه اللحظات.
ولا يوحي مشهد الطوابير بشيوع حالة التخزين التي شهدها لبنان في السنوات القليلة الماضية. فالمواطنون يقومون بتعبئة خزانات سياراتهم لا أكثر، على ما تؤكّد أكثر من محطة محروقات. ويحذر رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط مارون شمّاس المواطنين من تخزين “غالونات” بنزين في منازلهم لما تشكّل من خطورة على حياتهم، مطمئناً بأن لا أزمة بنزين في الوقت الحاضر.
أمن المحروقات من أمن المرفأ
وعلى الرغم من طمأنة شمّاس لتوفر البنزين في السوق غير أن الأمر يرتبط بطبيعة الحال بعمليات الإستيراد ويقول شمّاس في حديثه إلى “المدن” طالما أن البحر مفتوح ولا عراقيل في وجه الإستيراد لا مشكلة بتأمين البنزين فالمادة مؤمنة بوفرة، لكن حال الأمان تتبدّل مع تغيّر الوضع بمعنى أنه “في حال تطورت الأوضاع الأمنية وتم إغلاق باب الإستيراد عبر البحر فإننا سنقع في أزمة لا محال”.
المخزونات الحالية من البنزين تكفي لمدة 21 يوماً في حال كان الطلب على المادة طبيعياً، يقول شمّاس، من هنا فالأمر متوقف على عدم التخزين واستمرار الإستيراد، محذراً المواطنين من مخاطر التخزين في بيوتهم. أما التخزين من قبل التجار فيرى شماس بأنه أمراً غير وارد حالياً.
أما المقصود بالطلب العادي على البنزين فيقتصر على 6 ملايين ليتر يومياً ومن الممكن أن يرتفع إلى 7 ملايين ليتر في حال الذروة على غرار ما حصل يوم أمس بالتزامن مع كثافة النزوح من الجنوب والبقاع إلى المناطق الآمنة في بيروت والشمال والجبل، لكن بحسب شماس لا يشكّل هذا الأمر أزمة باعتبار أن السوق تعود في الأيام اللاحقة وتوازن نفسها بنفسها.
التوزيع مستمر
وردّاً عما أشيع صباح اليوم من تهويل حول صعوبة وصول صهاريج شركات النفظ إلى المخازن لتعبئة البنزين، ينفي متحدث باسم محطات المحروقات جورج البراكس في حديث لـ”المدن” صحة تلك الشائعات ويؤكد بأن مخزونات الشركات المستوردة متواجدة في مناطق آمنة وغالبيتها في منطقة الدورة.
ولفت إلى استمرار الشركات بتعبئة البنزين وتسليمه للمحطات بشكل طبيعي من دون عوائق مع اتخاذ الإحتياطات اللازمة حيال محطات الجنوب حيث تشتد الغارات الإسرائيلية. ودعا البراكس المواطنين إلى عدم التهافت على تعبئة البنزين والإكتفاء بتلبية الحاجات الفعلية لأن لا أزمة بتوفير المحروقات بشتى أنواعها.
وعلى الرغم من التطمينات الرسمية تشهد العديد من محطات المحروقات ازدحاماً وطوابيراً من السيارات تحديداً تلك المتواجدة في مناطق البقاع والجنوب ومرد ذلك إلى حال النزوح التي تشهدها هذه المناطق.
أما على مستوى أسعار المحروقات فبحسب مصادر وزارة الطاقة فإن البنزين وسواه من المشتقات النفطية يتم تسعيرها كما المعتاد من دون أي تغيير، ويؤكد المصدر بأن لا تأثير على الإطلاق لمسألة الطلب المحلي على الأسعار. فأسعار المحروقات مرتبطة بأسعار النفط العالمية وأسعار التأمين البحري وغيرها من العوامل المنفصلة كلّياً عن الوضع محلياً. وفي السياق فقد انخفض سعر صفيحة البنزين اليوم بقيمة 2000 ليرة في إطار سلسلة انخفاضات لحظتها الأسعار في الأسابيع الماضية تماشياً مع أسعار النفط العالمية.