مع احتدام المشهد السياسي وانسداد الأفق الرئاسي والتصعيد على جبهة الجنوب، تتراجع الثقة بشكل لافت بأي إمكانية للخروج من دائرة الإنهيار بعد 5 سنوات على الأزمة، حيث أن قناعةً قد ترسخت بأن ما من توجه للإصلاح أو تحقيق التعافي المالي والإقتصادي أو إعادة هيكلة للمؤسسات أو المصارف تمهيداً لإعادة ودائع اللبنانيين، بل على العكس، فإن المخطط الفعلي غير المعلن هو تكملة الإنهيار الذي بدأ في العام 2019.
وعلى الرغم من العقد السياسية الداخلية والخارجية التي تمنع أي قرارات على مستوى الأزمات السياسية والإقتصادية، فإن استمرار النهج نفسه من قبل السلطة والذي يراكم الخسائر المالية، لا يُنبىء بأي تغيير في الواقع ويطرح علامات استفهام حول مصادر تمويل الدولة خصوصاً في ضوء ما يحققه مصرف لبنان المركزي من فائضٍ في احتياطاته بلغ مليار و100 مليون دولار أعلن عنها منذ أيام الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، كما أعلن أيضاً أن الإقتصاد اللبناني، يحتاج انتعاش القطاع المصرفي وإلى استعادة الثقة لدى المودعين بالمصارف”.
وبرأي الأستاذ في الإقتصاد الدكتور جاسم عجاقة، فإن فائض الإحتياطات في المركزي، لا يجب أن تخصص لتمويل الدولة على شكل قروض كما سبق وحصل قبل الإنهيار، موضحاً أنه من الواجب الحفاظ عليها إلى حين الحاجة واستخدامها في ظل ظروف إستثنائية.
ويشير الدكتور عجاقة في حديثٍ ل”ليبانون ديبايت” إلى أن منصوري قد كرر في مناسبات عدة معارضته لأي إقراض للحكومة، وبالتالي، فإن ضخّ هذا الفائض في الإقتصاد لتحريك عجلته ورفع نسبة النمو، هو الخيار الأكثر فاعلية وإفادةً للبنانيين وللإقتصاد وتالياً للمصارف.
لكن عجاقة يتحدث عن أن القناة الضرورية لتعزيز مناخ الإستثمار وتفعيل وظيفة القطاع المصرفي مجدداً بهدف تمويل الاقتصاد، ينطلق من مصرف لبنان فالمصارف إلى القطاع الخاص، الذي نجح في الخروج من دائرة الإنهيار وفي استرجاع حركته السابقة ولو بنسبة لا تتجاوز ال75 بالمئة.
وبالتالي، يلفت عجاقة إلى أن تسجيل نمو اقتصادي رغم كل الظروف الحالية الصعبة، سيؤدي إلى تحقيق عدة أهداف، أولها زيادة مداخيل الدولة الضرائبية، والتخفيف من اعتمادها على التمويل من المركزي، كما إعادة الثقة “المعدومة” اليوم بالقطاع المصرفي، الذي سيعاود وظيفته الفعلية وهي اجتذاب الودائع ومنح القروض للإستثمار، على أن تؤدي هذه الدورة إلى بدء الإنقاذ الحقيقي الذي سيفتح الباب أمام البحث الجدي بعملية استرجاع اللبنانيين لودائعهم.
ووفق عجاقة، فإن ضخّ مليار دولار في القطاع المصرفي قبل الأزمة، كان يؤدي إلى نمو بنسبة واحد في المئة، ولذلك فإن مبادرة الحاكم بالإنابة إلى ضخّ الأموال في القطاع المصرفي بهدف الإستثمار، سيرفع نسبة النمو، كما زيادة الناتج المحلّي الإجمالي الذي لا يتجاوز حدود 20 مليار دولار إلى 23 مليار بعدما كان 54 ملياراً في العام 2019.