تقع الإدارة الوسطى بين الإدارة العليا والإدارة الدُنيا أو التشغيلية، ويعمل مديرو الإدارة الوسطى على تنفيذ سياسات واستراتيجيات الإدارة العليا، وعادةً ما يمثلون مصدراً للابتكار وتطوير الأعمال، كما يشرفون على تطوير الأعمال الدُنيا. ذكر أحد القادة عند شروعه في دراسة الهوية التنظيمية والدور الذي يلعبه القادة التنظيميون في إنشاء تلك الهوية وتعزيزها وصف أحد مديري الإدارة الوسطى دوره بأنه أشبه بدور المترجم. حيث إن مديري الإدارة الوسطى مسؤولون عن الاستماع الجيد للموظفين والتركيز على تنمية العلاقات معهم. وفي الآن ذاته، وضع أهداف واضحة ومحدّدة والتأكّيد على فهم أعضاء الفريق لهذه الأهداف. عند التفكير ملياً في الأمر ندرك أن «المترجم» هو مصطلح مثالي لوصف دور مديري الإدارة الوسطى في نشر الهوية التنظيمية. ولتوضيح الأمر، تبدأ الترجمة بالاستماع المتعمق ثم تتضمن تحويل الرسالة الأصلية إلى كلمات ورسالة يفهمها الطرف الآخر. تتطلب هذه المهارة نقلاً مستمراً للرسائل وحساسية عبر الثقافات لأن التواصل يجب أن يكون ثنائي الاتجاه ومستمراً لتحقيق الفهم المشترك، وهذا ليس بالأمر الهين. وهو الأمر الذي ينطبق على مديري الإدارة الوسطى، الذين يعملون كقنوات اتصال بين الإدارة العليا والإدارة الدُنيا. فهم يعملون على حدود ثقافتين فرعيتين ولغتين متمايزتَين داخل المنظمة، شأنهم في ذلك شأن المترجمين الذين يعملون على حدود ثقافتين ولغتين أو أكثر.
في السياق ذاته، أوضح روبرت كاتز، وهو مستشار استراتيجي يعمل في العديد من الكليات العريقة، أن الإدارة العليا تهتم بالمسائل المفاهيمية والاستراتيجية، وبدرجة أدنى بالمخاوف الشخصية والتفاصيل الفنية لكيفية تنفيذ العمل. في المقابل، يركز مديرو الإدارة التشغيلية والموظفون على التفاصيل الفنية، مع أقل قدر من الاهتمام بالمسائل الاستراتيجية. أما مديرو الإدارة الوسطى فيقفون في المنتصف، حيث يجب أن يتمتعوا بالكفاءة في جميع المجالات الثلاثة لأنهم يجب أن يفهموا مخاوف جميع المستويات لتيسير عملية تدفق المعلومات بفعالية في جميع أنحاء المنظمة. لا يكفي تمرير سياسات كبار القادة وتوقع أن تنفذها الإدارة الدُنيا، كما أنه لا يكفي مجرد إبلاغ الإدارة العليا بما يعانيه مديرو الإدارة الدُنيا والموظفون. يحتاج المدير الناجح إلى طاقة عقلية وعاطفية كبيرة. عندما يتم ذلك بشكل صحيح، يتم دعم الأداء التنظيمي وتعزيزه. عندما لا يتم ذلك بشكل جيد، ينهار التواصل، وينتشر سوء الفهم، وتواجه المبادرات خطر الفشل المتزايد. وهنا تظهر أهمية مديري الإدارة الوسطى. وهناك 4 تكتيكات مفيدة لتعزيز دور مديري الإدارة الوسطى:
1 – أنظر للأمور من منظورهم
طوّر الفيلسوف الألماني إدموند هوسرل مفهوم «عالم الحياة» والذي يقوم على أن إدراك الناس للعالم وفهمه والتفاعل معه يعتمد بالأساس على تجاربهم الذاتية ومحيطهم وتفاعلاتهم. نستشف من ذلك أن كبار القادة يعملون في عوالم حياة مختلفة عن مديري الإدارة الوسطى، ويختلف كلا العالمين عن عوالم حياة مديري الإدارة الدُنيا. ومن ثمَّ، يجب أن يتعرف مديرو الإدارة الوسطى على عوالم الحياة هذه واختلافاتها من أجل توقع كيف يمكن لكل مستوى أن يفسر الاتصالات التنظيمية، وبالتالي، توصيل الرسائل بشكل مناسب.
2 – تحدث بلغتهم
يجب على المترجمين إتقان المفردات والتعابير والفروق الدقيقة في اللغات المتعددة التي يعملون بها. بصفتك مدير الإدارة الوسطى، يجب أن تتحدث لغات كبار القادة ومديري الإدارة الدُنيا وتجيدها بطلاقة. على وجه التحديد، قد لا يكون لبعض المفاهيم مكافآت مباشرة عبر المستويات بسبب الفروق الثقافية واللغوية الدقيقة. يمكن أن تؤثر هذه الاختلافات بشكل كبير على مضمون الرسالة. لذلك، يحتاج مديرو الإدارة الوسطى إلى التفاعل والانغماس على كل مستوى تنظيمي لفهم وجهات نظر واحتياجات واهتمامات كل مجموعة بعمق.
3 – توصيل الرسائل كاملة
لا تتطلب الترجمة الفعّالة توصيل النص فحسب ولكن أيضاً النغمة والإشارات الدقيقة لنقل المعنى المقصود. وبهذه الطريقة، ينقل مترجمو الإدارة الوسطى روح ومعنى ومحتوى الرسائل الأكثر أهمية لكل طرف. بدون إيصال المعنى كاملاً، قد تنهار رؤية كبار القادة، أو على العكس من ذلك، قد تضيع التحديات التقنية الرهيبة التي يواجهها الموظفون أثناء التواصل.
4- سيطر على تحيّزاتك
التحيّز الشخصي أمر لا مفر منه؛ لذلك، انتبه إليه وتحكم فيه. اعتمادًعًلى شخصيتك واستعداداتك، قد تجد نفسك موجهاً نحو رعاية وترجمة توجيهات ورسائل الإدارة العُليا إلى مرؤوسيك المباشرين. كن على دراية بهذه الميول وخصص وقتاً للرعاية الذاتية حتى يكون لديك الطاقة للتواصل مع كلا الإدارتين. أخيراً، كن واعياً بشأن قضاء وقت واهتمام متساويين في الترجمة في كلا الاتجاهين لأن كليهما ضروريان للأداء الصحي والمتناسق للمؤسسة.