مدّ لبنان بالغاز المصري… الأميركيّون يُعرقلون!

يُريد المصريّون إنهاء قضيّة مدّ لبنان بالغاز لزوم إنتاج الكهرباء. “الجماعة” أنهوا عمليّاً المسائل التقنية وإتفقوا عليها مع وزير الطاقة اللبناني الذي زار مصر سابقاً، ولم يبقَ إلا شيء واحد: المُوافقة الأميركية.

في الحقيقة، يتلكّأ الأميركيون عن تقديم جواب نهائي وواضح حول موضوع إستجرار الغاز من مصر إلى لبنان. في الغالب وكما هو واضح حاليّاً، يربطون موافقتهم بتحقيق “مسائل سياسية” لبنانية داخليّة صرف، وقد يكونوا يستدرجون أجوبة من الحكومة اللبنانية من وراء هذا التأخير، وغالباً يعتقد وإنما بات راسخاً على نطاقٍ واسخ أنّ التأخير الأميركي مردود في الأساس إلى رغبة في توظيف ما يحصل من تأخير من أجل تحقيق غايات خاصة في لبنان، كالضغط على الحكومة اللبنانية مثلاً لإنجاز عدّة مسائل مطلوبة منها سياسياً، وقد يكون التأخير مُرتبط بأشياء أعمق كالنيّة في تمرير المرحلة السياسية الراهنة.

إلى حينه تبدو الأمور مُعقدة بين القاهرة وبيروت رغم تبادل الزيارات بين مسؤوليهما، وعلى الأرجح فإنّ القضايا العالقة عملياً لا تنسحب على مسائل تخصّ البلديْن بل يعود الفضل فيها إلى “البصمات الأميركية”. الامركيون كما هو واضح، يَرفضون لحينه منح القاهرة أذونات واضحة وصريحة حيال مدّ لبنان بالغاز عن طريق الخط العربي المارّ عبر سوريا (يطرح الجانب السوري إستبدال الكميات، بحيث يأخذ الغاز المصري ويرسل إلى لبنان غازاً سورياً) يتذرّعون بقانون عقوبات “قيصر” وأنّ السماح بالإستجرار يحتاج إلى آليات مسؤول عن إنجازها الكونغرس دون سواه، وإنّ الوزارات المعنية في الحكومة الأميركية دورها محدود مقابل التشريع، وهذا صحيح، إنما الصحيح أيضاً أنّ واشنطن تستطيع ممارسة المزيد من الضغط لو رغبت في تسريع الخطوات.

وعلى سبيل الإشارة، مَا تمكنت الحكومة الأميركيّة من تقديمه إلى القاهرة حتى الآن، لا يتجاوز حصول الأخيرة على “رسالة تأكيد” (confirmation letter) تتضمّن إشارة إلى “موافقة مبدئية” (Preliminary approval) وجد الجانب المصري أنّها “مبهمة” لكونها لم تأتِ على شكل قانون صادر عن الكونغرس، وبالتالي تصبح “غير ذات ضمانة” ولا تتيح إعتبارها إستثناءً من قيصر، ولا توفر حماية للشركة المصرية المسؤولة عن إنتاج وتسويق الغاز المصري إلى الخارج، وقد تؤدي الموافقة هذه والبدء بالتنفيذ بناءً عليها إلى تنصل أميركي في حال حُرِّك الملف أمام الكونغرس الذي قد يتصرَّف على أساس أنه لم يمنح أيّ إذن، ما قد يُعرّض الشركة المصرية المعنية إلى عقوبات ما قد يؤثر على مستقبلها كما على الإتفاقيات المُبرمة مع مجموعة دول من أجل تزويدها بالغاز.

الأميركيون إذاً يَستمهلون، رُغم أنّ القضية من الجانب المصري قد شارفت على الإنتهاء ولا تحتاج سوى إلى إقرار أميركي ويُصبح مدّ لبنان بالغاز مُتاحاً. هذا الجوّ أُبلغ إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حين زار القاهرة مؤخراً، ولَمس جهوزية مصرية كاملة من أجل المباشرة بالتنفيذ، لكنّ ينقصها الإطار القانوني الضامن لذلك. في المُقابل ثمة عائق لبناني يتمثّل في “العطب” الذي يؤدّي إلى تعطيل مجلس الوزراء. فلا إمكانية لبدء “سحب الغاز والكهرباء” من دون عرض الملف على الحكومة وإبداء الموافقة عليه.

مِن جهة أخرى، ثمة أزمة أخرى لا تتمّ الإشارة إليها في الغالب وتتمثّل بالوضعيّة الأردنية، فالخط الأردني الذي يفترض أنه سينقل الكهرباء إلى لبنان شارفت صيانته ضمن الأراضي السورية على الإنتهاء. حال الأردن هُنا كحال مصر، تحتاج إلى تفويض لمُباشرة نقل الطاقة إلى سوريا. ثمّة مَن يقول أنّ عمان قد حازت سابقاً على إستثناء للتعاون مع دمشق، لكنهم يحيطون علماً أنّ الإستثناء المذكور لا يشمل مدها بالطاقة لمصلحة لبنان.

 

مصدرليبانون ديبايت - عبدالله قمح
المادة السابقةإعتصام اليوم لمستخدمي الضمان
المقالة القادمةلمساعدة لبنان… خبيرٌ إقتصادي يَكشف ما يُريده “صندوق النقد”