هدد مراقبون جويون في بيان بجدولة دوام عملهم بدءاً من تاريخ 2023/9/5 لتأمين حركة الطيران في مطار رفيق الحريري الدولي من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساءً. أي الإقدام على جدولة الرحلات بما يتناسب مع القدرة الاستيعابية للمراقبين وعددهم الحالي، وذلك إلى حين تنفيذ الإصلاحات الضرورية في مصلحة الملاحة الجوية، لإعادة العمل في المطار على مدار 24 ساعة بشكل آمن وسليم.
سلامة الطيران بخطر
وشكا المراقبون في البيان، من النقص الحاد في عدد المراقبين العاملين في المصلحة، لأن عددهم أصبح 13 مراقباً، من ضمنهم رؤساء الدوائر والأقسام، موزعين على 6 مراقبين في دائرة المراقبة الإقليمية، أي الرادار، من أصل 52 مراقباً، يعاونهم مراقبان اثنان متقاعدان متعاقدان. وسبعة مراقبين في دائرة مراقبة المطار، أي برج المراقبة، من أصل 35 مراقباً يعاونهم مراقب متقاعد متعاقد. وشكوا من أنهم يعملون باللحم الحي وقد أضناهم التعب والإرهاق من جراء العمل وفق جداول غير إنسانية، وغير مقبولة لا لبنانياً ولا دولياً، وأن كل مراقب منهم يعمل بمهام 4 مراقبين أو أكثر. وهو أمر خطير للغاية، ويعرض سلامة الحركة الجوية للخطر.
لا تعليق للرحلات الجوية
لكن رئيس المطار فادي الحسن، لفت إلى أن “ليس هناك من تَبنّ رسمي لبيان المراقبين الجويين، الذي أعلنوا فيه عن التوقف عن المناوبة مساءً في مطار بيروت، وأن لا خطورة على سلامة الطيران”، مؤكداً أنه “لن يتم تعليق أي رحلات جوية، وأن مطارنا سيظل يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع”.
مصادر إدارية مطلعة، أكدت لـ”المدن” أن هذا النوع من البيانات، والشائعات التي سبق وتداولها الإعلام مؤخراً عن مخاطر تهدد الملاحة الجوية في مطار بيروت ليست جديدة. فمن ناحية ثمة جهات تضغط لتوظيف المراقبين الجويين الناجحين في مجلس الخدمة المدنية في دفعة العام 2018، وعددهم نحو 20 مراقباً، يعمل البعض على إعداد مرسوم لهم. ومن ناحية ثانية يريد بعض المراقبين من دفعة التسعينيات تحسين رواتبهم، رغم أنهم يتقاضون بدلات بالدولار النقدي تزيد أكثر من ضعفي ما يتقاضاه أعلى موظف في المطار. بمعنى آخر، هي ليست المرة الأولى التي يهدد فيها بعض المراقبين بالتوقف عن العمل، وكل مدة يفتعلون إشكاليات وبلبلة في البلد.
تدريب المراقبين
وتضيف المصادر سائلة: ما المغزى من توظيف الناجحين في مجلس الخدمة المدنية طالما أن دفعة المراقبين الذي عينوا في العام 2010 غير مدربة بعد؟ وتشرح المصادر، أن دفعة العام 2010، وعددهم نحو 17 مراقباً من حملة الشهادات الجامعية، يعملون حالياً على الموجات الصوتية. لكن عدم تدريبهم يحول دون حلولهم على أبراج المراقبة لمساعدة المراقبين من دفعة العام 1995، الذين يعملون بظروف ضاغطة.
ووفق المصادر، لطالما عرقل بعض المراقبين من دفعة التسعينات تدريب دفعة العام 2010 خوفاً من توظيفهم في الفئة الوظيفية الثالثة، فيما هم كانوا في الفئة الرابعة. وقد سبق وقدمت شكاوى عدة رسمية إلى المديرية العامة للطيران المدني في مطلع العام 2000، حول عرقلة موظفين في مصلحة الملاحة الجوية استلام موظفين جدد مهامهم، وعدم قبولهم بتدريب الجدد. وصحيح أن عدم تدريب دفعة العام 2010 مرده إلى تقصير الحكومة، وعدم الرغبة بتكبد كلفة التدريب، إلا أن عرقلة التدريب يتحمل مسؤوليتها بعض مراقبي دفعة التسعينيات، خوفاً من أن يحل مكانهم جيل دفعة العام 2010 الملم بالتكنولوجيا الحديثة وبسرعة التعلم. فدفعة التسعينات الوحيدة المؤهلة للعمل على أبراج المراقبة وفي دائرة المراقبة الإقليمية، والبعض منهم يخاف من انتزاع سلطته وقدرته لتحقيق مطالبه، غير المحقة في ظل الظروف الحالية للمطار والبلد.
وتضيف المصادر أنه في حال تم تدريب دفعة العام 2010 ربما لا يعود من حاجة لتوظيف دفعة العام 2018 التي لها الحق في التوظيف. بمعنى أن منطق الأمور والحكم الرشيد يقضي بتدريب هذه الدفعة بداية ومن ثم سد النقص في حال الحاجة من خلال تعيين دفعة العام 2018. أما إدخال دفعة العام 2018 قبل تدريب دفعة العام 2010، فهذا يعني هدر المال العام، لأن مصيرهم سيكون كمصير دفعة العام 2010.
حاجة المطار للمراقبين
ووفق المصادر، المراقبة لها ثلاثة مرافق. برج المراقبة ويشمل مرفقي ساحة الطائرات والهبوط والإقلاع. وبالتفصيل، مراقب الساحة يهتم بتوجه الطائرة في الساحة، وبعد الإقلاع يحول الطيار الموجة إلى مراقب الهبوط والاقلاع، ثم ينتقل العمل إلى المرفق الثالث، أي إلى المراقبة الإقليمية (الرادار).
وتشرح المصادر أن الحاجة الفعلية لتسيير حركة الملاحة الجوية في المطار هي بين 30 و35 مراقباً جوّياً. أما ما يشاع عن أعداد المراقبين التي يحتاجها المطار فهي تعود لمرسوم العام 1971، حينها كان ملاك المديرية أكثر من 900 موظف. أما حالياً وبعد التطور التكنولوجي فلم يعد من حاجة لهذا العدد من الموظفين. وهذا يشمل كل أقسام المديرية وليس مصلحة الملاحة الجوية فحسب.
الاستعانة بمراقبين من خارج المطار
لكن في ظل الظروف الحالية للبلد يمكن الذهاب إلى جدولة دوامات المراقبين في الوقت الحالي لعدم حصول أي نقص، وذلك إلى حين تدريب دفعة العام 2010، ومن ثم سد النقص في حال استدعى الأمر من دفعة العام 2018. فالمراقبون الحاليون موزعون على ثلاثة فرق بثلاثة دوامات. كل فرقة تعمل 24 ساعة وتغيب 48 ساعة. لكن يمكن تقسيم الوقت ليصبح 12 ساعة خدمة مقابل 24 ساعة فرصة، ثم 12 ساعة خدمة يليها 48 ساعة فرصة. هذا الحل من شأنه تخفيف الضغوط النفسية عنهم. لكن الأمر مرتبط بمدى جدية قبولهم بالحلول المطروحة ورغبتهم بذلك بعيداً عن مطالبهم المادية غير الممكنة في الوقت الحالي، خصوصاً أن الفئات الوظيفية العليا في المطار تتقاضى أقل بمرتين مما يتقاضاه المراقب من دفعة التسعينيات في الوقت الحالي.
وتضيف المصادر أنه في حال تبنى بعض المراقبين البيان الأنف الذكر وهددوا بجدولة دوام حركة المطار، فهذا لا يعني أن الأمور ستذهب نحو ما يشتهيه البعض. وأحد الخيارات المطروحة هي الاستعانة بمراقبين من خارج المطار. وثمة سابقة حصلت قبل العام 2006، عندما احتج مراقبون وعطلوا الملاحة الجوية حينها، استعانت مديرية الطيران بمراقبين جويين من الجيش اللبناني.